وسط كومة من التراب افترش طفل الأرض يرمق أقرانه في نفس عمره، ويقلد حركاتهم أثناء التدريب على كرة قدم، لا يفصل بينه وبينهم سوى سور حديدي، يمني نفسه لو أنه بينهم ويتحقق حلمه، فيما لم يكن يعلم أن أحدهم بالخلف يلتقط له صورة ستغير مجرى حياته وتجعل من الحلم حقيقة.

منذ يومين انتشرت صورة لطفل يُدعى يوسف، على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيها وهو يحاكي براعم نادي مصر للمقاصة أثناء التدريبات، وبينما هم على النجيلة الخضراء، كان هو على التراب خارج سور أحد الملاعب بمدينة الشروق، فيما ينصرفون هم بعد التدريب إلى منازلهم وهو ينصرف إلى الجراج ليستكمل عمله.

حكاية بسيطة في صورة حملت الكثير من المعاني، وسرعان ما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، لتحدث تغييرا كبيرا حوله من طفل يعمل بجراح سيارات إلى أحد براعم المقاصة" target="_blank">نادي المقاصة لكرة القدم.

تلك الصورة التي التقطها طالب بكلية الهندسة بهاتفه المحمول قبل عامين أثناء مروره بالصدفة، ولم ينشرها لضعف جودتها، حتى كان يتحدث مع أحد أصدقائه عنها وقال له إن المهم هو أن تصل الرسالة وليس الجودة، وقرر بعدها نشرها على صفحته، ولم يكن يعلم أنها ستكون سببا في تحقيق حلم الطفل.

لم يكن يعلم "سهل" الطالب الذي التقط الصورة اسم الطفل، اكتفى أن ينشر الصورة ويكتب "أتمنى أن يحاول البعض الذين يرغبون في مساعدة هذا الطفل البحث عنه لأنني حتى الآن لا أعلم عنه شيئا سوى الصورة".

خلال دقائق تواصل أحدهم مع صاحب الصورة وأخبره أن الطفل اسمه يوسف "بيسمح عربيات عند جهاز مدينة الشروق"، هكذا كتب "سهل" عبر صفحته على موقع فيس بوك، وتفاعل معه الكثيرون في محاولة لتحقيق حلم الطفل.

بعد انتشار الصورة بشكل كبير على "السوشيال ميديا" استضاف الإعلامي وائل الإبراشي الطفل يوسف، في برنامجه التاسعة مساء على التلفزيون المصري، ليروي قصته وحلمه الذي حال دونه الفقر والعمل رغم صغر السن، فالصبي لم يتجاوز الـ 15 عاما.

وأمام تلك الصورة التي هزت وجدان الرأي العام، لبى المقاصة" target="_blank">نادي المقاصة النداء، وأعلن ضم الطفل يوسف إلى براعم النادي، وتوفير منحة مجانيه له، وكافة المستلزمات الرياضية ليستطيع ممارسة كرة القدم.

وقال العميد سيد متولي، المدير الرياضي للمقاصة ومدير التعاقدات، إن منحة الطفل يوسف تأتي ضمن مشروع الألف محترف الذي يتبناه النادي بجانب تقديم 10 منح مجانية للمواهب من العائلات غير الميسورة، في إطار الدور المجتمعي الذي يلعبه المقاصة" target="_blank">نادي المقاصة.

ويوسف هو ابن محافظة الفيوم، يبلغ من العمر 15 عاما، لم تستطع أسرته أن تواصل تعليمه لضيق الحال، فرحل الطفل إلى القاهرة ليعمل مع خاله في جراج سيارات في مدينة الشروق لتوفير المال لمساعدة أسرته.

وقال محمد فوزي، المتحدث باسم وزارة الشباب والرياضة، إن الوزارة قامت بعمل اشتراك ليوسف في أحد مراكز الشباب القريبة من مسكنه، مؤكدا أن الوزارة ستساعده في تحقيق حلمه.

وأضاف، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي وائل الإبراشي، موجها حديثه ليوسف: "النادي اللي انتا بتبص عليه هتدخله وهتقابل الوزير أشرف صبحي".

واستطرد: "أحب أطمئن يوسف وكل طفل أن الدولة هتحقق كل أحلام يوسف، وإن شاء الله يكون له مستقبل باهر، الدولة بتقف جنب شبابها وأطفالها في كل مكان".