رئيس التحرير: عادل صبري 10:20 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

لصالح أثيوبيا أم ضدها.. كواليس انسحاب السودان من مفاوضات سد النهضة؟

لصالح أثيوبيا أم ضدها.. كواليس انسحاب السودان من مفاوضات سد النهضة؟

أخبار مصر

سد النهضة الاثيوبي.. صورة ارشيفية

لصالح أثيوبيا أم ضدها.. كواليس انسحاب السودان من مفاوضات سد النهضة؟

أحلام حسنين 23 نوفمبر 2020 12:46

"هل تنسحب مصر من مفاوضات سد النهضة، أم ستواصل الاجتماعات، وكيف سيكون النقاش في غياب الخرطوم؟"، كلها تساؤلات باتت مطروحة حول مصير مفاوضات سد النهضة، وذلك بعد إعلان السودان انسحابها من الاجتماعات لعدم جدواها، فماذا سيكون الموقف المصري؟ 

 

وزارة الري والموارد المائية السودانية أعلنت، أمس الأول السبت، مقاطعة الاجتماع الوزاري حول سد النهضة، مؤكدة رفضها لاستمرار المفاوضات وفق النهج القديم، بعدما أثبتت عدم جدواها، داعية لمنح الوسطاء الأفارقة دورا أكبر لتقريب وجهات النظر

 

 

السودان: السد سيؤثنا علينا 

 

وفي موقف حاسم من قبل الخرطوم بشأن سد النهضة الأثيوبي، قال عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء الأثيوبي،إن سد النهضة سيؤثر على بلاده بشكل مباشر، لافتا إلى أن المحادثات الحالية لم تسفر عن أية نتائج.

 

وطالب رئيس الوزراء  السوداني، الاتحاد الأفريقي ببذل مزيد من الجهد لحل الخلافات القائمة بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، مؤكدا أنه لا يمكن تشغيل سد النهضة بأمان دون التوصل لاتفاق.  

 

كان وزراء الخارجية والري بمصر والسودان وأثيوبيا، قد عقدوا اجتماعا، الخميس 19 نوفمبر 2020 لبحث سبل استئناف مفاوضات سد النهضة الإثيوبى المتعثرة، وأكد السودان خلاله تمسكه بالعملية التفاوضية برعاية الاتحاد الأفريقي كوسيلة لتتوصل لاتفاق ملزم يرضي جميع الأطراف، وفق منهجية جديدة تمنح دورا أكبر لخبراء الاتحاد الأفريقي لتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث

 

وبحسب ما أعلنته وزارة الري السودانية، فإن مصر وأثيوبيا أصروا على مواصلة التفاوض بالأساليب المجربة التي وصلت إلى طريق مسدود في السابق، وهو ما جعل السودان تؤكد عدم مواصلة التفاوض وفق المنهج السابق، وتطالب بالعودة للاتحاد الأفريقي لاعتماد دور الخبراء ودفع المفاوضات سياسيا لاستكمالها وصلا لاتفاق يرضي جميع الأطراف.

 

ورأت الخرطوم، وفق بيان وزارة الري والموارد المائية السودانية، إن الدعوة لمواصلة التفاوض لمدة 10 أيام قادمة أمر غير ذا جدوى، تمت تجربته مرارا في السابق دون تقدم يذكر، وعلى إثر ذلك أعلنت السودان انسحابها من المفاوضات

 

مصر تستكمل المفاوضات

وبينما أعلنت السودان انسحابها من مفاوضات سد النهضة، أعلنت وزارة الري والموارد المائية المصرية ضرورة استئناف التفاوض من أجل التوصل في أسرع وقت ممكن لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة.

 

وأوضحت الوزارة، في بيان حول مفاوضات سد النهضة التي جرت الخميس الماضي، أنها أكدت خلال الاجتماع على أهمية استئناف التفاوض من أجل التوصل في أسرع وقت ممكن لاتفاق قانوني مُلزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، وذلك تنفيذا لمقررات اجتماعات هيئة مكتب الاتحاد الإفريقي على مستوى القمة التي عقدت على مدار الأشهر الماضية.

 

وأعربت مصر، عن تطلعها للمُشاركة في الجولة المُقبلة للمفاوضات التي تقرر أن تُعقد خلال الأيام القليلة المُقبلة، وذلك من أجل التوصل إلى اتفاق عادل ومُتوازن يُحقق المصالح المُشتركة للدول الثلاث ويحفظ حقوقها المائية.

 

خبراء: انسحاب السودان يخدم أثيوبيا

انسحاب السودان من اجتماعات سد النهضة، اعتبر خبراء أنه سيزيد المفاوضات تعقيدا، بما يخدم في النهاية مصالح أثيوبيا، مؤكدين ضرورة توحيد الموقف بين كل من مصر والسودان في مواجهة مخاطر السد الأثيوبي.

 

ومن جانبه قال الدكتور محمد نصر علام، وزير الري والموارد المائية الأسبق، إن رؤية السودان بشأن تأثر سد الروصيرص السوداني غير عميقة مقارنة بمخاطر سد النهضة، معتبرا أن وزير الري السوداني يغرد منفردا بعيدا عن التعاون مع مصر.

 

وحذر علام، خلال تصريحات صحفية، من أن الموقف السوداني بشأن مفاوضات سد النهضة قد يؤثر على مصير المفاوضات، ويخدم مصلحة أثيوبيا، ويجعلها في موقف جيد أثناء المفاوضات، مشددا على ضرورة التعاون المصري السوداني لوضع استراتيجية واحدة في التفاوض في مواجهة مخاطر سد النهضة، بما يحفظ حقوق دولتي المصب.

 

في السياق نفسه رأى هاني رسلان، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن وزير الري السوداني يناقض نفسه، لافتا إلى أنه سبق أن رفض التوقيع على وثيقة واشنطن التي كان عيبها الوحيد في نظر أثيوبيا هو أن خبراء البنك الدولي بالتنسيق مع واشنطن كانوا قد وضعوا صياغة للعشرة في المائة التي كانت محل خلاف. 

 

 

وأوضح رسلان، خلال منشور عبر صفحته الشخصية على موقع فيس بوك، أن وزير الرى السودانى اقتصر اقتراحه على الأفارقة فقط بشأن العملية التفاوضية، في حين أن هناك مراقبين أمريكيين وأوروبيين في المفاوضات.

 

ولفت رسلان إلى أن الوزير السوداني رفض التوقيع على وثيقة واشنطن متضامنا مع الموقف الأثيوبي، رغم موافقة الوفد السوداني على مضمون الوثيقة، مبررا رفضه بحجج بلهاء، وفقا لوصفه. 

 

وتابع :"الان يلهث وراء خبراء أفارقة لهم انحيازاتهم وتوجهاتهم ومن غير المؤكد أن لديهم مستوى علمى أو فنى يؤهلهم لهذا العمل، ما عدا بعض خبراء جنوب أفريقيا".

 

ولفت رسلان إلى أن المكاتب الاستشارية الفرنسية التى كانت مكلفة بوضع الدراسات عن تأثير السد على الدولتين أسفل المجرى وعن آثارة الاقتصادية والاجتماعية، تم إجهاض عملها بسبب رفض إثيوبيا للتقرير الاستهلالى، والوفد السودانى كان متحالفا أيضا فى هذا بقوة مع الموقف الاثيوبى ووقف معه كتفا بكتف.

 

واستطرد: "الآن يتباكون على اللبن المسكوب وهم يشاهدون إثيوبيا تتعنت وتضع أيضا كل مصالح السودان تحت قدميها ولا تلتفت، ثم يقدمون مقترحات خائبة لن تصب إلا فى مصلحة إثيوبيا، بالعودة إلى نقطة الصفر فى صياغات ومقترحات وسيناريوهات، وإذا كان ذلك لا يوفر الحماية لحقوق مصر الحيوية، ورفضت هذه المقترحات، فإنها فى هذه الحالة ستكون هى المدانة ويفتح باب جديد لتمرير وانجاح الاستراتيجية الإثيوبية".

 

وتساءل رسلان: "ألم يكن من الأحرى بالوزير السودانى المطالبة بالعودة إلى وثيقة واشنطن وهى تحمل حلا جاهزا كان متوافق عليه بنسبة ٩٠%، أو على الأقل المطالبة بأن تكون هى قاعدة وأساس التفاوض".

 

واختتم رسلان منشوره قائلا :"هذا ما صنعته أيديكم، وما زال موقف الوزير ووفده ملتبسا وغائما ولا ينفك من الغمز واللمز تجاه مصر فى الوقت الذى لايدين فيه إثيوبيا لا بلفظ ولا إشارة".

 

خبير سوداني ينتقد الانسحاب

في سياق متصل رأى الخبير السوداني الدكتور أحمد المفتي، أستاذ القانون الدولي السوداني، إن السودان يحكم الخناق على نفسه بصورة لم يسبق لها مثيل بانسحابه من مفاوضات سد النهضة، وتعويله على خبراء الاتحاد الأفريقي.

 

وأوضح المفتي، في منشور له عبر صفحته الشخصية على موقع فيس بوك، أن التعويل على خبراء الاتحاد الأفريقي لدرجة انسحاب السودان من المفاوضات، ثم رفضه المشاركة فيها يوم 21 الجاري ، يعني أن السودان على ثقة تامة، بأن خبراء الاتحاد الافريقي سيقدمون توصيات تكون مقبولة للسودان.

 

وأضاف: "نقولها بالصوت العالي أنه لا أحد يمكن له التكهن بصورة قاطعة، بما يمكن أن يوصي به خبراء الاتحاد الأفريقي، ولذلك لا نري معني لأن يضيق السودان الخناق على نفسه".

 

واستطرد: "نعم طالبنا بالانسحاب من المفاوضات، وأكثر من ذلك ولكن ليس من أجل إحالة الأمر لخبراء الاتحاد الأفريقي".

 

وطالب المفتي بالانسحاب فورا من المفاوضات، لأنها أثبتت عدم جدواها، والانسحاب من إعلان المبادئ لسنة 2015، الذي أعطى الشرعية لتشييد السد، لأن أثيوبيا انتهكته، خاصة بالملء الاول بإرادتها المنفردة، مخالفة طلب مجلس الأمن الدولي وأمريكا والاتحاد الأفريقي.

 

كما طالب بإحالة الأمر إلى مجلس الأمن بموجب الفصل السابع ، ليطلب من أثيوبيا القبول بشرطين قبل مواصلة المفاوضات ، وهما :

 

الموافقة على أن يكون الاتفاق ملزما.

 

وقف كل الأنشطة في سد النهضة، من تشييد وملء وخلافه، إلى حين الوصول إلى الاتفاق الملزم.

 

واختتم المفتي منشوره قائلا: "في اعتقادنا أن اثيوبيا لن تغير موقفها أبدا أبدا، وتكون الخطوة كسابقاتها منذ 2011 ، إعطاء مزيدا من الوقت لأثيوبيا".

 

فرصة ثمينة لمصر

ومن جانبه عدد الكاتب المصري محمد أبو الفضل، في مقال بموقع صحيفة "العرب" اللندنية، أسباب ما وصفه بـ التشدد السوداني والليونة المصرية"، في الموقف من مفاوضات سد النهضة، والتي أرجعها إلى جملة محددات أدت إلى تغيير في الحسابات الظاهرة.

 

وأوضح أبو الفضل أن الخرطوم رفضت  صراحة الانخراط في محادثات، السبت الماضي، برعاية الاتحاد الأفريقي، وتأكدت أنها تدور في حلقات مفرغة، ومن الضروري عدم التمادي في ذلك، معتبرا أن السودان استمدت شجاعتها من يقينها بأن سد النهضة لا يحمل خيرا لها، ويقود إلى تكبد أضرار جسيمة.

 

وأضاف أن تطوير السودان علاقاتها بالولايات المتحدة الأمريكية والتوجه نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، فضلا عن الأحداث المشتعلة في أثيوبيا، كل ذلك منح الخرطوم قدرة على تبني موقف أكثر وضوحا مع أديس أبابا في ملف سد النهضة

 

وأشار أبو الفضل إلى أنه في الوقت الذي حاول فيه السودان أن يستثمر بشكل غير مباشر في الحرب الإثيوبية، رأت مصر تحاشي العزف على هذا الوتر لقطع الطريق على خروج الاتهامات من نطاق التلميحات إلى التصريحات بشأن ما يتردد في بعض وسائل الإعلام حول إمكانية استغلال ما يدور من معارك في شن عملية عسكرية لضرب سد النهضة.

 

وأضاف الكاتب المصري أنه إذا اتخذت القاهرة موقفا صارما من المفاوضات في هذه الأجواء ربما تجدها الحكومة الإثيوبية التي تعاني من ورطة الحرب، فرصة لإعادة الترويج لاتهامها بأنها تريد القفز على الأحداث، وتجد فيها مشجبا تعلق عليه الإخفاقات الراهنة، ولذلك وجدت مصر أن موقف السودان الجديد يكفي في هذه المرحلة، ويؤكد أنها لم تعد المتضررة وحدها، ما يعزز رؤيتها وتحفظاتها على المنهج الذي تتبناه أديس أبابا.

 

ورأى أبو الفضل أن رفض السودان للدخول في مفاوضات بلا سقف زمني أو جدول فني قدم بذلك فرصة ثمينة لمصر، ووضع إثيوبيا بين خيارين غاية في الصعوبة، أحدهما: قبول رؤية الخرطوم التي تنسجم في النهاية عن قصد أو دونه مع موقف القاهرة، والآخر: الإصرار على مواصلة الرفض، فيضطر السودان إلى مراجعة جزء معتبر من علاقاته مع إثيوبيا في وقت حرج للثانية.

 

وأكد أنه في الحالتين تستفيد مصر، فتغيير الموقف يعني التسليم بالتوقيع على اتفاق مُلزم لإثيوبيا يتضمن التحفظات السابقة على عملية الملء والتشغيل وحل النزاعات، وما إلى ذلك من حزمة ليست هناك دواع لسردها، أما الرفض فيعني تثبيت موقف الخرطوم بجوار القاهرة، بما يمنح متانة لخطابها أمام المجتمع الدولي.

 

وشدد أن  تبادل الأدوار والمقاعد بين مصر والسودان يخدم مصالحهما معا، ويشير إلى أن الفترة المقبلة قد تشهد تناغما أكبر يتخطى سد النهضة.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان