رئيس التحرير: عادل صبري 06:04 مساءً | الثلاثاء 16 أبريل 2024 م | 07 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

«نسور النيل» تحلق فوق الخرطوم.. تحذير إلى إثيوبيا وردع لتركيا

«نسور النيل» تحلق فوق الخرطوم.. تحذير إلى إثيوبيا وردع لتركيا

أخبار مصر

التقارب العسكري بين مصر والسودان

«نسور النيل» تحلق فوق الخرطوم.. تحذير إلى إثيوبيا وردع لتركيا

أحمد الشاعر 17 نوفمبر 2020 12:53

ثمة تقارب عسكري رفيع المستوى وغير مسبوق بين مصر والسودان خلال الأيام الأخيرة، عقب سنوات من فتور العلاقات بين البلدين، هو ما لفت انتباه المحللين ووسائل الإعلام، لا سيما أن ذلك يأتي في غضون أزمة سد النهضة الإثيوبي.

 

ويتزامن هذا التقارب، مع ما تشهده العلاقات المصرية - السودانية في الآونة الأخيرة من حراك إيجابي، حيث شمل هذا التقارب عددًا من الملفات الثنائية بين البلدين.

 

واللافت للنظر هو ارتباط هذا التقارب بسياق إقليمي أوسع كانت له انعكاساته على حسابات كل طرف تجاه الآخر.

 

وتطرق تقرير لمركز الإمارات للسياسات، إلى عدة عوامل ساهمت في تحقيق هذا التقارب، الذي بدأه الرئيس عبد الفتاح السيسي في يوليو 2018، حيث كانت أول رحلة خارجية له بعد إعادة انتخابه في رئاسة الجمهورية، إلى السودان، ومثلت الزيارة تحولاً في مسار العلاقة بين البلدين، بحيث أسهمت في نزع التوتر الذي ساد العلاقة بين القاهرة والخرطوم في السنوات الأخيرة، وتبنّي سياسة التقارب بينهما.

 

 

ولفت التقرير إلى أن التوتر بين القاهرة والخرطوم بسبب تباين وجهات النظر حول سد النهضة، الذي تشيده إثيوبيا على النيل الأزرق، شهد انفراجةً نسبية بالنسبة لمصر على خلفية تعثُّر في وتيرة بناء السد غير متوقع وغير ذات صلة بالمسار التفاوضي بين الأطراف الثلاثة، تَواكب مع تغيير القيادة السياسية في إثيوبيا، وتباطؤ وتيرة العمل في تشييد السد، وبروز مشكلات مالية وإدارية في تنفيذ المشروع.

 

وبموازاة هذا التعثر في تنفيذ السد، أعلنت وزارة الكهرباء المصرية في 30 أغسطس الماضي عن انتهاء التصميمات الخاصة بمشروع تزويد السودان بالطاقة الكهربائية.

 

كذلك شهدت التفاعلات المتعلقة بالنزاع حول المثلث الحدودي في حلايب وشلاتين هدوءا لافتا في الآونة الأخيرة، رغم بعض المناوشات الإعلامية من حين لآخر، وساهمت زيارة الرئيس السيسي إلى الخرطوم في يوليو 2018 في التهدئة الإعلامية بشأن الملف الحدودي.

 

وتسعى مصر إلى جذب التفاعلات بشأن الحدود إلى جوانب أخرى إيجابية تتجاوز النزاع حول مثلث حلايب، كبحث الربط بخطوط السكك الحديد بين البلدين لدعم وتسهيل عملية التجارة والتنقل.

 

تجنُّب الصدام في الصراعات الإقليمية

 

 طرأت تطورات في الصراعات الإقليمية التي تتشابك فيها أدوار البلَدين؛ ففي جنوب السودان تم التوقيع على إعلان القاهرة في نوفمبر 2017، بين أطراف النزاع داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان، وذلك بمقر المخابرات العامة المصرية، فيما تمكنت الخرطوم في صيف 2018 من استضافة مفاوضات بين طرفَي النزاع، انتهت بتوقيع اتفاق للسلام.

 

تزايُد وتيرة مشاريع التنمية المشتركة

 

بالتزامن مع ذلك، تسارعت التحركات على مستوى القطاعات التنموية في إطار تعميق المصالح بين البلدين؛ فقد عُقد في شهر أغسطس الماضي اجتماعات على مستويات كبار المسؤولين لبحث خطط التعاون في القطاع الدوائي والثروة الحيوانية والسمكية والزراعة والطاقة الكهربائية والنقل والتعليم العالي.

 

وفي هذا السياق صادق السودان في الأسبوع الأول من سبتمبر الجاري على تخصيص مساحة مليونيّ متر مربع لمصر لإنشاء منطقة صناعية، بالرغم من تكرار الشكوى السودانية من عدم التزام القاهرة بتنفيذ اتفاقية الحريات الأربع لعام 2004، التي تمنح مواطني البلدين حقوقَ أو حريات التنقل المتبادل دون تأشيرة، والعمل والإقامة دون قيود، وكذلك تملّك الأراضي والعقارات.

 

التقارب العسكري

 

بداية هذا التقارب جاءت عبر زيارة رئيس المجلس السيادي الانتقالي السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان إلى القاهرة في 27 أكتوبر، والتي استغرقت ساعات التقى خلالها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

 

بعدها بأيام، وتحديدا في 31 أكتوبر، توجه وفد عسكري مصري رفيع المستوى إلى الخرطوم برئاسة رئيس أركان حرب الجيش المصري، الفريق محمد فريد، وقائد قوات حرس الحدود اللواء أيمن شحاته، وقيادات من المخابرات الحربية.

 

وفي مؤتمر صحفي مشترك، وصف رئيس أركان الجيش السوداني محمد عثمان الحسين نتائج المباحثات العسكرية بين الطرفين بـ“المذهلة“ باعتبارها "ستخلق توافقا وتنسيقا كاملا بين قوات البلدين".

 

وقال نظيره المصري، خلال المؤتمر نفسه إن "العلاقات العسكرية بين البلدين ستشهد خلال الفترة المقبلة طفرة نوعية" في العديد من المجالات، خاصة في أصعدة التدريب وتأمين الحدود.

 

الإعلامي اللبناني، خير الله خير الله ذكر في مقال له بجريدة "العرب" اللندنية، أن التقارب المصري السواداني أمر إقليمي وطبيعي.

 

وأضاف أنه من "الطبيعي أن تكون العلاقات أكثر من طبيعية بين مصر والسودان بعيدا عن أيّ نوع من التعالي من أحد الجانبين على الآخر أو محاولات الابتزاز التي اعتاد الإخوان المسلمون في السودان ممارستها في التعاطي مع  مصر.

 

وتابع: "ما نشهده حاليا، بين مصر والسودان، يعتبر بمثابة تقارب طبيعي بين حليفين طبيعيين في منطقة تمرّ في ظروف غير طبيعية. هناك ظروف فرضت التقارب المصري – السوداني".

 

أسباب الحراك

 

يرى مراقبون أن التغيير الذي شهده السودان برحيل نظام عمر البشير دفع في تجاه تطابق رؤى قيادة البلدين، وبالتالي العمل على تنقية الأجواء وطي صفحة الماضي، فضلا عن دعم المنظومة الأمنية في السودان ضد أي محاولات للنظام السابق للانقضاض على الحكم.

 

وقال الخبير العسكري والإستراتيجي المصري اللواء حسام سويلم، إن النظام الحاكم في السودان أدرك حتمية التعاون السياسي والأمني مع مصر، لاسيما مع جملة الأزمات التي تحاصر الخرطوم.

 

وأوضح أن مصر قدمت "حسن نوايا" خلال الفترة الماضية من خلال تعاونها في أزمة الفيضانات، فضلا عن تعاونها الأمني والعسكري الذي تزايد خلال فترة ما بعد البشير.

 

دلالات المباحثات العسكرية

 

اللواء سمير فرج الخبير العسكري، رأى في زيارة الوفد العسكري المصري للسودان محاولة لإعادة العلاقات العسكرية بين البلدين، وإزالة الآثار السلبية التي تركها نظام البشير فيما يتعلق بالتعاون الأمني بين البلدين.

 

لكنه في الوقت نفسه استبعد أن يكون لهذا التعاون أي علاقة بالأحداث الداخلية في السودان، خاصة الإعلان عن إحباط محاولة انقلاب فاشلة.

 

وأضاف فرج أن أولى ثمار المباحثات هو الاتفاق على التأمين المشترك للحدود البرية بين البلدين، والتعاون في مجال التدريب وأعمال الصيانة بين القوات المسلحة.

 

وأوضح أن ما يجري حاليا هو "لبحث في مطالب هذا التقارب، أو أسس وأطر التعاون الأمني والعسكري".

 

مناورات غير مسبوقة

 

وفي خطوة غير مسبوقة، أعلن الجيش المصري، السبت الماضي، تدشين تدريبات عسكرية مشتركة بين مصر والسودان، في أحدث مؤشر على تعميق العلاقات الأمنية بين جارتي وادي النيل.
 
وتعد التدريبات التي تجريها قوات خاصة وجوية مصرية وسودانية، أول مناورات قتالية مشتركة بين الجانبين منذ الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير العام الماضي.

 

وقال الجيش المصري في بيان إن التدريبات القتالية المشتركة التي أطلق عليها اسم "نسور النيل -1" تجري في السودان وستستمر حتى 26 نوفمبر.

 

وتشمل التدريبات تخطيط وإدارة الانشطة القتالية، فضلا عن مجموعات كوماندوز تقوم بمهام بحث وإنقاذ، بحسب البيان.
 

وتأتي المناورات المشتركة في خضم توترات إقليمية متزايدة بوادي النيل، حيث يتصاعد القتال الدامي بين القوات الاتحادية الإثيوبية وحكومة إقليم تيغراي والذي اندلع في 4 نوفمبر وقد أسفر عن مقتل المئات من الجانبين، كما أثار مخاوف دولية بشأن حرب أهلية محتملة في قلب منطقة القرن الأفريقي.

 

رسائل إقليمية

من جانبه، نقل موقع "الحرة" الأمريكي" عن مصدر عسكري سوداني، تأكيده إجراء كل من الخرطوم والقاهرة مناورات جوية مشتركة قرب قاعدة مروي الجوية السودانية. وكشف المصدر عن وصول أسراب مقاتلات مصرية من أبرزها مقاتلات من طراز "ميغ 29/ام 2" روسية الصنع.  

 

وفي السياق، أشار موقع "سبوتنيك" الروسي إلى أن الخبير العسكري  المصري اللواء جمال مظلوم، رأى أن المناورات الجوية بين مصر والسودان هى بداية للتعاون العسكري بين الجانبين، علاوة على أنها تحمل رسائل للعديد من الأطراف الدولية والإقليمية.

 

وأضاف أن "هناك علاقات سياسية وعسكرية واقتصادية كبيرة جدا بين القاهرة والخرطوم من قديم الأزل، قد تكون العلاقات توترت منذ محاولة اغتيال الرئيس الراحل حسني مبارك في أديس أبابا، علاوة على أن بعض توجهات نظام الحكم السابق أبعدت السودان عن مصر".

 

وأشار إلى أن "أمثلة التعاون بين الجانبين في العصر الحديث كثيرة، فعندما حدث العدوان على مصر في عام 1967 ووصول الطيران الإسرائيلي إلى عمق البلاد تم نقل الكلية الحربية إلى السودان، علاوة على أن القطع البحرية التي كانت متواجدة في البحر الأحمر ذهبت إلى السودان مؤقتا، لذلك فإن ما يجري الآن هو إحياء لعلاقات قديمة بين الطرفين."

 

واستطرد: "أعتقد أن السودان يسير على الطريق الصحيح، فاليوم القوات الجوية المصرية تقوم بتدريبات على أرض السودان في نفس التوقيت يتواجد قائد قوات الدفاع الجوي السوداني بالقاهرة يشهد مناورات عسكرية".

 

وأكد مظلوم على أن: "المناورات الجوية تحمل رسائل كثيرة، لأن مصر والسودان يشكلان ثقل في الوطن العربي، وإذا نظرنا إلى الوضع في المنطقة والقرن الأفريقي نجد أن تركيا تمتلك أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في جمهورية الصومال كما أنها تحاول إنشاء قاعدة في جيبوتي، لذا فإن وجود هذا التحالف بين مصر والسودان في البحر الأحمر يمثل سد منيع ضد تطلعات أي دولة، وهى رسائل لكل دول العالم والمنطقة والدول العربية، وهو محور مهم نتمنى أن يستمر".

 

بدوره قال وكيل المخابرات المصرية الأسبق اللواء محمد رشاد إن: "السودان تمثل العمق الاستراتيجي لمصر منذ فجر التاريخ ولم تغير أي من المواقف السياسية هذا الوضع، وهناك تاريخ طويل من العمل المشترك".

 

وأضاف لموقع "سبوتنيك" الروسي أن "المناورة الجوية التي بدأت اليوم هى من أجل تدريب الطيارين المصريين مع السودانيين، بجانب أنها رسالة موجهة تماما إلى إثيوبيا، والتي كادت تصل بالتفاوض السلمي مع مصر والسودان إلى طريق مسدود، ومن حق مصر أن تلوح بالردع دون الدخول فيه، نظرا لتضرر الدولتين بشكل كبير من التعنت الإثيوبي فيما يتعلق بسد النهضة".

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان