رئيس التحرير: عادل صبري 12:34 مساءً | الخميس 28 مارس 2024 م | 18 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

مفاوضات سد النهضة تعود.. هل تنهي تصريحات ترامب مراوغة إثيوبيا

مفاوضات سد النهضة تعود.. هل تنهي تصريحات ترامب مراوغة إثيوبيا

أخبار مصر

الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الاثيوبي ابي احمد

مفاوضات سد النهضة تعود.. هل تنهي تصريحات ترامب مراوغة إثيوبيا

أحلام حسنين 27 أكتوبر 2020 17:03

 

بعد نحو شهرين من الصمت الذي خيم على ملف سد النهضة الأثيوبي، جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتحرك الماء الراكد في تلك القضية التي تمثل أمن قومي لكل من مصر والسودان، ولكن هل تحدث تغييرا في مسار المفاوضات؟.

 

ووجه الرئيس الأمريكي ترامب تهديدا شديد اللهجة لأديس أبابا خلال اتصال جمعه برئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، الجمعة الماضية، إذ أكد أن مصر قد "تُفجر سد النهضة" في حال عدم التوصل لاتفاق.

 

وقال ترامب: "لقد وجدتُ لهم اتّفاقاً، لكنّ إثيوبيا انتهكته للأسف، وما كان ينبغي عليها فعل ذلك. كان هذا خطأً كبيراً". وأردف: "لن يَروا هذه الأموال أبداً ما لم يلتزموا هذا الاتّفاق" في إشارة لوقف واشنطن بعض مساعداتها لأديس أبابا.

 

تلك التصريحات أثارت غضب أثيوبيا، حيث أكدت رفضها لما وصفته بـ"التهديدات العدائية" مشددة على التزامها بمواصلة بناء سد النهضة والجهوزية للرد على كل اعتداء يمس سيادتها.

 

عودة المفاوضات

 

لكن تلك التصريحات الإثيوبية المتشنجة لم تمنع الوسيط الجنوب أفريقي عن مواصلة جهوده لاستئناف المفاوضات، داعيا الدول الثلاث إلى الجلوس مرة أخرى إلى مائدة المفاوضاوت.

 

وأكد ماتاميلا سيريل رامافوزا، رئيس جمهورية جنوب أفريقيا ورئيس الاتحاد الأفريقي، أنه أجرى مشاورات مكثفة مع رؤساء الدول الأطراف فى سد النهضة، الرئيس عبد الفتاح السيسى، ورئيس وزراء جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية آبي أحمد، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك رئيس جمهورية السودان، حيث تقرر استئناف المفاوضات اليوم الثلاثاء.

 

وقال الرئيس رامافوزا: "إنَّ استئناف المفاوضات الثلاثية حول سد النهضة تحت رعاية الاتحاد الأفريقى، دليل على الإرادة السياسية القوية، والالتزام من قبل قيادة الأطراف الثلاثة المشاركة فى المفاوضات من أجل الحل السلمى والودي لسد النهضة".

 

ومن جانبه قال المهندس محمد السباعي المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية والري،  إن مصر ستشارك في الاجتماع الذي دعا إليه الاتحاد الإفريقي، اليوم الثلاثاء، لوزراء الخارجية والمياه في الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا)، بهدف إعادة إطلاق المفاوضات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي، بعد توقف منذ نهاية شهر أغسطس الماضي.

 

وأكد السباعي، في تصريحات تلفزيونية، أن مصر مستعدة للتفاوض بجدية لإنجاح هذه المحادثات من أجل التوصل إلى اتفاق عادل متوازن، يحقق مصالح الدول الثلاث.

 

مصر تتمسك باتفاق ملزم

 

وفي سياق متصل استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم بقصر الاتحادية الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، وذلك بحضور الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، والسيد عباس كامل رئيس المخابرات العامة، والسفير المصري بالخرطوم.

 

وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن اللقاء استعراض تطورات ملف سد النهضة في ضوء الموقف الحالي للمفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، حيث تم التوافق حول الأهمية القصوى لقضية المياه بالنسبة للشعبين المصري والسوداني باعتبارها مسألة أمن قومي.

 

وأكد راضي أن تم الاتفاق على تمسك البلدين بالتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم، يضمن قواعد واضحة لعملية ملء وتشغيل السد، ويحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف.

 

ومن جانبه؛ أكد الفريق البرهان متانة الروابط التاريخية المتأصلة بين مصر والسودان، مشيداً في هذا السياق بالجهود المتبادلة لتعزيز أواصر التعاون المشترك بين البلدين، ومؤكداً حرص السودان مصر على مواصلة التنسيق مع مصر في كافة الملفات محل الاهتمام المتبادل.

 

خبراء..تضييع وقت 

 

وتعليقا على دعوة الاتحاد الأفريقي لاستئناف المفاوضات مرة أخرى حول سد النهضة، قال هاني رسلان، مستشار مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن اجتماعات اليوم لوزراء الخارجية والري للدول الثلاثة، ليست للتفاوض وإنما للتشاور حول منهجية جديدة للمفاوضات بإعطاء دور أكبر للمراقبين.

 

وأوضح رسلان، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، أنه يلي الاجتماع رفع ما يتم التوصل إليه إلى اجتماع مشترك لرؤساء الدول لإقراره، ثم بدء التفاوض على أساسه.

 

وأضاف رسلان: "نفس الأسلوب ونفس الطريقة: تضييع الوقت والدخول فى متاهات جديدة مع الإغراق فى التفاصيل غير ذات المعنى..والتعلب فات فات وفى ديله سلع لفات".

 

الكرة في ملعب "الاتحاد الأفريقي

 

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنه ليست هناك حتى الآن أية مؤشرات على أن هناك جديد في جدية الجانب الأثيوبي حول استئناف المفاوضات، لافتا إلى أن المفاوضات توقفت منذ شهرين بعدما وضع الجانب الأثيوبي عراقيل جديدة على كافة المستويات وإصرارها على عدم التوصل لاتفاق ملزم.

 

وأكد رسلان، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية لميس الحديدي، مقدمة برنامج كلمة أخيرة"، المذاع عبر شاشة ON، أن أثيوبيا لا تهدف من إنشاء سد النهضة تحقيق تنمية أو توليد كهرباء كما تقول،  وإنما هدفها الرئيسي هو فرض الهيمنة على مياه النيل الأزرق.

 

واعتبر أن الاتحاد الأفريقي تراخى في حل أزمة سد النهضة، مستطردا: "ورغم أن الجانب الأثيوبي خالف كل ما تم في عهد الاتحاد الأفريقي  وبالأخص القمة المصغرة ورغم ذلك لم يتخذ الاتحاد أية إجراءات في هذا الصدد، لذا يجب أن يطرح على الأطراف الثلاثة نهجاً جديداً وعليه أن يحدد من المقصر، فالكرة الآن في ملعبه".

 

مقترحات للتفاوض

 

وفي السياق نفسه قال محمد نصر الدين علام، وزير الري والموارد المائية الأسبق، إنه على ضوء التصريح الأخير للرئيس الأمريكى ترامب حول التعنت الأثيوبى فى مفاوضات السد وإفشالها المتعمد لمباحثات واشنطن، وما تلا ذلك من مناشدة أوروبية للعودة للمفاوضات، قام الاتحاد الأفريقى بدعوة الدول الثلاث للعودة للتفاوض ولكن بدون أجندة .

 

وتابع علام، عبر صفحته على فيس بوك، إن الاتحاد الأفريقي دعا الدول الثلاثة للاتفاق على الأجندة معا رغم فشلهم فى ذلك لمدة عشر سنوات متتالية.

 

واقترح علام، أن يشكل الاتحاد الأفريقى وفدا مشتركا من سكرتارية الاتحاد ومن المراقبين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى، للوساطة بين الدول الثلاثة للوصول الى أجندة متفق عليها وإطار زمنى للتفاوض، وإلا سيستمر مسلسل أثيوبيا لإهدار الوقت وفرض الأمر الواقع.

 

واستطرد أنه فى حالة فشل هذا الوفد المشترك فى التوصل مع الدول الثلاث لأجندة متفق عليها، يقوم الوفد بإعداد تقرير عن أسباب الفشل لرفعه الى رئاسة الاتحاد الأفريقى ثم الى مجلس الأمن.

 

ورأى الدكتور نادر نور الدين، خبير المياه، أن تصريح ترامب سيضع المباحثات مع إثيوبيا الفترة القادمة في موقف مختلف، خاصة إذا ضغطت مصر وتفاوضت من موقع القوة والجبروت والتهديد.

 

وأضاف نورد الدين، عبر صفحته على فيس بوك: "أنا من أنصار أن تكون مصر صاحبة اليد الطولى مثلما كانت إسرائيل وضربت في نيروبي وتونس ولبنان وبغداد والسودان وباكستان وغيرهما، فنحن هنا لا نضرب من أجل سيارات محملة بالأسلحة إو إرهابيون يقتربون من حدودنا".

 

واستطرد :"بل نحن نضرب من أجل البقاء والحفاظ على حقنا في الحياة، وفي المياه ضد دولة مارقة طامعة بلا إنسانية ولا منطق ولديها تسعة أحواض أنهار وبحيرة كبيرة وتطمع في القليل من ماء الحياة الذي يذهب إلى مصر الجافة شحيحة المياه، اليد الطولى تكسب صاحبها القوة والخوف منها والتسارع من اجل نيل رضاها، والعالم كله يساندنا الآن ولن يلومنا أحد، وأرجو أن نفعل".


رد أثيوبيا على تصريحات ترامب

وقد أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ردود أفعال غاضبة لدى الجانب الأثيوبي، إذ علق رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد قائلا :"لا توجد قوة يمكنها منعنا من تحقيق أهدافنا، لم نستعمر من قبل ولن يستعمرنا أحد في المستقبل أبدا".

 

في حين صرح قائد القوات الجوية الأثيوبية الجنرال يلما مرداسا، قائلا :"دون علمنا وإذننا لا يمكن أن تحلق طائرة واحدة فوق سد النهضة، ناهيك عن الطائرات، وسنكون دائما في حماية مشروعنا القومي سد النهضه العظيم من أي هجوم عابث".

 

وقال اللواء ييرداو جبريمدهين، قائد قوات الدفاع الأثيوبية :"إذا كان هناك من يعتزم مهاجمة السد، فإن جيشنا دائماً على أتم الاستعداد لمواجهة أي عدوان خارجي على إثيوبيا وجميع مشاريعها القومية".

 

واستنكرت وزارة الخارجية الإثيوبية تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول سد النهضة، واصفة التحريض على حرب بين القاهرة وأديس أبابا بأنه "غير مقبول".

 

ووفق بيان صادر عن الخارجية الإثيوبية، فإن "التحريض على حرب بين إثيوبيا ومصر من قبل رئيس أمريكي لا يزال في منصبه لا يعكس الشراكة طويلة الأمد والتحالف الاستراتيجي بين واشنطن وأديس أبابا، ولا يُعد أمرًا مقبولًا بموجب القانون الدولي الذي يحكم العلاقات بين الدول".

 

كما استدعت الخارجية الإثيوبية السفير الأمريكي لدى أديس أبابا إثيوبيا مايك راينور، للحصول على توضيحات بشأن تصريحات ترامب التي أطلقها في مكالمة هاتفية مع رئيسيّ وزراء السودان عبدالله حمدوك، وإسرائيل بنيامين نتنياهو.

 

وكان ترامب اتهم إثيوبيا بالإخلال باتفاق ينهي أزمة سد النهضة مع مصر والسودان، وقال إن واشنطن قطعت مساعدات إلى أديس أبابا بملايين الدولارات جراء مماطلتها في مفاوضات السد القائمة منذ قرابة عقد من الزمان مع مصر والسودان.

 

وأكد ترامب في مكالمة هاتفية مع قادة السودان وإسرائيل احتفالا بتحقيق انفراجة دبلوماسية بين البلدين: "لا يمكنكم لوم مصر بشعورها بقليل من الانزعاج" بسبب السد الذي "يوقف تدفق المياه إلى النيل."

ووصف الوضع بأنه "خطير للغاية"، مُضيفًا: "سينتهي بهم (المصريين) المطاف إلى تفجير ذلك السد . سوف يفجرون السد. علينا القيام بشيء ما."

 

ولعبت واشنطن دور الوسيط في المفاوضات الجارية بين إثيوبيا والسودان ومصر، للوصول لحل للقضايا العالقة بين الأطراف بشأن سد النهضة، لكن وبعد مفاوضات ماراثونية رفضت إثيوبيا التوقيع على صيغة اتفاق اعدتها واشنطن بالتعاون مع البنك، فيما وقعت عليها مصر بالحرف الأولى، بينما وافق السودان على مسودة الاتفاق لكنه ربط توقيعه بالتوقيع الإثيوبي لتجنب اتساع الفجوة بين الأطراف الثلاثة.

 

ولم تتمكن الدول الثلاث من الوصول إلى توافق بجدول محدد حول التصرفات المائية المنطلقة من سد النهضة في الظروف الهيدرولوجية المختلفة للنيل الأزرق. ولا توجد إجراءات واضحة من الجانب الإثيوبي للحفاظ على قدرة السد العالي على مواجهة الآثار المختلفة التي قد تنتج عن ملء وتشغيل سد النهضة، خصوصا إذا واكب ذلك فترة جفاف أو جفاف ممتد لعدة سنوات متتابعة.

 

وتسعى مصر والسودان للتوصل لاتفاق ملزم قانونا، يضمن تدفقات مناسبة من المياه وآلية قانونية لحل النزاعات قبل بدء تشغيل السد، غير أن إثيوبيا، احتفلت في أغسطس، بالمرحلة الأولى من ملء السد وتصر على الاستكمال دون اتفاق.

 

وتتمسك مصر بحقوقها التاريخية في مياه نهر النيل، وبالقرارات والقوانين الدولية في هذا الشأن، وترفض أي إجراءات أحادية تمضي فيها أديس أبابا، وتطالب إثيوبيا بضرورة الالتزام بمبادئ القانون الدولي.

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان