يُعرف المصري بـ"شهامته وجدعنته"، فحين يجد أحدا في شدة يقف معه كأخ لم تلده أمه حتى ولو لم يعرفه من قبل، وهذا ما حدث مع سائق غفلت عيناه أثناء القيادة فجرا من شدة الإرهاق ومواصلة العمل من أجل لقمة العيش، فغلبه النعاس حتى اصطدم بسور، فأصيب بكدمات شديدة وتهشمت أجزاء من التاكسي.
وقع الحادث نحو الساعة الرابعة فجرا في شارع رمسيس بوسط القاهرة، بينما كان "ميكي مجدي" يمر صدفة من هناك، فرأى حادثا يبدو أنه كبير، وكغيره وقف ليساعد السائق، وعرف تفاصيل قصته، ونشرها على صفحته على فيس بوك، داعيا من يجد في نفسه القدرة لمساعدة سائق التاكسي، ناشرا رقم تليفونه.
في غضون ساعات كان المنشور قد جاب صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وتفاعل معه فنانون وشخصيات عامة وكثيرون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حتى وصل إلى 24 ألف مشاركة، و39 ألف تعليق، وتخطى الـ 11 ألف إعجاب.
كثيرون سعوا وراء مزيد من التفاصيل حول قصة ذلك الرجل لمساعدته، أما غير القادر على المساعدة المادية فكان يشارك المنشور ويساعد في نشره حتى يراه غيره، فهكذا هي طبيعة المصريين، فحادث السائق وغيره من مواقف كثيرة تبرهن على أن المصريين هم أهل "الشهامة والجدعنة".
وحكي "ميكي" الذي رأى الحادث ودونه عبر صفحته على فيس بوك، أن "عم محمد" سائق من منطقة الزاوية الحمراء بالقاهرة، اصطدم بسور كوبري أكتوبر في شارع رمسيس، حيث غلبه النعاس وهو سائق من شدة الإرهاق والتعب، فهو يواصل العمل على مدار الساعة حتى يدفع أقساط السيارة.
وأضاف "ميكي" أن "عم محمد" لديه 3 أولاد، وبخلاف ما يحتاجه من مال للإنفاق على أسرته، فهو لديه أقساط سيارة ووصولات أمانة لابد من تسديدها، وفوق كل ذلك جاء الحادث ليزيد العبء عليه، فالسيارة تهشمت وتحتاج لمبالغ كبيرة لإصلاحها، فضلا عن غرامة الاصطدام بسور الكوبري، إلى جانب ما سينفقه من مصاريف للعلاج إثر الحادث.
ترك "ميكي" هاتف "عم محمد" في المنشور حتى يساعده من لديه المقدرة، ومن لم يقدر فيشارك المنشور حتى يساعد غيره ويقف إلى جوار ذلك الرجل "الغلبان" الساعي وراء لقمة العيش له ولأولاده.
تواصلنا مع "عم محمد" على الهاتف، وتبين أنه أصيب بجروح وكدمات شديدة، سيضطر معها للجلوس في المنزل دون أن يتحرك أو يبذل أي مجهود لمدة لا تقل عن شهرين، لافتا إلى أنه يعول والديه المسنين وأخ معاق فضلا عن زوجته وأولاده الثلاثة في مراحل تعليمية مختلفة.
ويقول "عم محمد" لـ"مصر العربية" إنه يضطر للعمل ليل نهار على التاكسي، حتى يغطي مصاريف الأسرة، ومن كثرة الإرهاق وقلة النوم غفلت عيناه أثناء القيادة وفوجئ بأنه يصطدم بسور الكوبري، ما أدى إلى تهشم السيارة وزيادة الأعباء المالية عليه، إذ يصل مبلغ إصلاحها إلى نحو 30 ألف جنيه.
وأشار "عم محمد" إلى أن المشكلة الأكبر هي احتجاز السيارة التاكسي لدى قسم الظاهر، لأنه لم يجدد الرخصة منذ عام ونصف، موضحا أنه لضيق الحال لم يجدد الرخصة، وبالتالي احتجزها القسم رغم ما فيها من تلفيات ولم يفرج عنها، مضيفا :"أنا قعدت انزف نصف ساعة، وخدوني على مستشفى السيد جلال".
واستطرد السائق: "بعدين ودوني على مستشفى الحسين ووشى اتشوه خالص مكان الحادثة، وروحت القسم وأنا سايح في دمي، ومع ذلك حجزوا العربية عشان الرخصة، ودي حياتي وأكل عيشي أنا وعيالي وأهلي، يفرجوا بس عن العربية وأنا والله هجدد الرخصة".
كل ما يريده "عم محمد" هو الإفراج عن السيارة حتى يعود للعمل عليها مرة أخرى، ويحاول أن يعوض ما أصابه من خسارة في الحادث بعد أن يستعيد صحته، لافتا إلى أن أحد الفنانين تواصل معه لمساعدته وأكد له أنه سيتحمل معه مصاريف إصلاح التاكسي.