تصدرت مشكلة البناء على الأراضى الزراعية، قائمة اهتمامات الحكومة المصرية خلال السنوات القليلة الماضية، باعتبارها قضية أمن قومي لا تقل خطورة عن بناء سد النهضة الإثيوبي-وفقًا لتصريح الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس خلال افتتاحه عددًا من المشروعات القومية فى نطاق محافظة الإسكندرية-.
ولخطورة الملف التعديات على الأراضى الزراعية، لوح الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته بإمكانية نزول الجيش إلى القرى والنجوع، للسيطرة والحد من مشكلة التعديات على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة حال استمرار عجز مؤسسات الدولة المدنية على القيام بهذا الأمر، واصفًا مخالفات البناء بأنها خراب للبلد، لن يسمح باستمراره طوال فترة بقائه فى الحكم.
وصلت أعداد مخالفات البناء حتى عام 2019، لـ3 ملايين و240 ألف عقار في جميع المحافظات، فيما بلغ إجمالى حالات التعديات بالبناء على الأراضي الزراعية خلال الفترة من 25 يناير 2011، حتى يوليو 2018، مليون و900 ألف حالة تعد.
من جانبه أعرب الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة تأييده لتجريم الدولة للبناء على الأراضى الزراعية، وقال فى تدوينه له عبر حسابه الرسمى على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، : "أنا معاك ياريس أن البناء على الأرض الزراعية جريمة وتدمير لمصنع دائم لانتاج الغذاء لا يفنى ولا يبلى،، ولكن أليس دور الدولة أن تبني مساكن لأهل الريف كما تبنيها لأهل المدن؟!".
وأضاف:" نحن لم نسمع أبدا عن مشروع سكنى في الزمام الصحراوى مثلا لقرية في كوم حمادة او في دسوق أو في قرى المحلة او الشرقية او المنوفية او بني سويف او سوهاج ومعهم كل قرى مصر وكأن أهل الريف ليس لهم مبدأ الحق في السكن.
وأشار نور الدين إلى أن الدولة لها دور كبير في تطبيق مبدأ الحق في السكن لسكان الريف قبل سكان المدن لأنهم الأولى بالسكن الشعبي لفقرهم وأيضا للمحافظة على الأراضي الزراعية.
وافقه الرأي المهندس والسياسي البارز ممدوح حمزة، الذى أشار فى تعليقه على تدوينه نور الدين، إلى أن الجريمة الكبري الذي ارتكبها مخططون الوطن أنهم نفذوا تنمية عمرانية حضرية بمعني بناء مدن جديدة ولم يلتفتوا إلي التنمية العمرانية الريفية بمعني بناء قري جديدة".
وأوضح حمزة، أن مشروع تنمية القرية مات بموت الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وذكر أنه عندما جاء الدكتور حسب الله الكفراوي وزير الإسكان الأسبق بمشروع الألف قرية أقيل قبل التنفيذ.
واختتم حمزة تعليقه بقوله: "الحضر كان يسكنه ٣٥٪ من سكان مصر بينما الريف كان ٦٥٪ ومع ذلك أهملوه.. فبدأت العشوائيات والبناء علي الأرض الزراعية".
يذكر أن هيئة المجتمعات العمرانية أنشأت خلال السنوات الأخير حوالي 44 مدينة جديدة على مستوى جميع المحافظات، تم تخطيط هذه المدن على أن تكون متوسط مساحة المدينة الواحدة حوالى 23 ألف فدان ومن المخطط له أن يتم تسليم هذه المدن كامله بحلول عام 2052.
أبرز هذه المدن هى العلمين الجديدة والفيروز ببورسعيد، مدينة الطور ، مدينة راس محمد ، مدينة غرب الزعفرانة ، مدينة النخل الجديدة ، مدينة رفح الجديدة ، مدينة شرق البحيرات فى محافظة الاسماعيلية ، وادى التكنولوجيا بمحافظة الاسماعيلية ، مدينة ابو زنيمة الجديدة ، مرسي مطروح الجديدة ، منطقة جنوب الضبعة ، شمال شرق سيوة ، منطقة البويطى الجديدة بجوار واحة سيوة ، وادى الحمامات ، مدينة علي فى طريق وادى فيران ، سمالوط الجديدة ، الواحات الداخلة والخارجة ، الواحات البحرية الجديدة ، راس غارب ، ملاوى الجديدة ، ملاوى القديمة ، غرب اسيوط ، بنى مزار الجديدة في المنيا ، مشروع توشكى وبني مر الجديدة ، كوتة فى بحيرة قارون بالفيوم ، وادى العملاقى وكركر فى محافظة اسوان ، الفرافرة الجديدة ، نجع حمادى الجديد ،مدينة اخميم الجديدة فى محافظه سوهاج ، جمصة الجديدة، بلطيم الجديدة، مطوبس الجديدة .
ويتابع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ملف إزالة مخالفات البناء والتعديات على أراضى وأملاك الدولة ومنع البناء العشوائى بنفسه تنفيذاً لتوجيهات الرئيس السيسي، مؤكدا أن الدولة ستتصدى بكل قوة لأي محاولات للبناء المخالف والإزالة الفورية لأية محاولات للتعدي على أملاك الدولة وتحويلها للنيابة العسكرية.
وأكد رئيس الوزراء حرص الحكومة على متابعة هذا الملف مع المحافظين على مدار الساعة، للوقوف على الجهود التى تقوم بها الأجهزة التنفيذية بالمحافظات، بالتعاون والتنسيق مع مديريات الأمن وقوات إنفاذ القانون، لإزالة التعديات على الأراضى الزراعية، وأملاك الدولة، والتصدى لمُحاولات البعض إستغلال الوضع الراهن في القيام بالتعديات.
وبدوره كشف الدكتور خالد قاسم، مساعد وزير التنمية المحلية، الخطة التى تقوم عليها الوزارة لمنع أى تعديات على الأراضي ووقف أي تجاوزات البناء.
ووفقا لتصريح قاسم تقوم الخطة على التالي:
- تلبية احتياجات المواطنين من الوحدات السكنية بالمدن الجديدة بالمحافظات لوقف التعديات على الأراضى الزراعية.
-استيعاب الزيادة السكانية المستقبلية وعدم التوسع فى الأحوزة العمرانية على حساب الرقعة الزراعية.
- الالتزام بشروط الارتفاع وتطبيقها بكل حزم على المبانى السكنية.
-عدم التوسع فى الأحوزة العمرانية بالمحافظات على حساب الأراضى الزراعية.
- مواجهة ظاهرة العشوائيات وعدم السماح بظهور مناطق عشوائية جديدة.
- تعليمات مشددة لجميع مسؤولي وزارة الزراعة لمنع التعديات على الأراضي.
-التنسيق مع وزارة الداخلية واجهزة الحكم المحلي لإزالة أي تعديات في مهدها
-تكليف المحافظين بمراجعة الكتلة البنائية المتاخمة والمجاورة للأحوزة العمرانية فى ضوء التصوير الجوي.
- مراجعة منظومة التغيرات المكانية التى تمت من خلال إدارة المساحة العسكرية بتاريخ 22/7/2017 والتنسيق مع ممثلى وزارة الزراعة لبحث إمكانية ضم الكتل السكنية القريبة من المناطق العمرانية لمنع تآكل الرقعة الزراعية .
- وضع الإشتراطات البنائية المؤقتة لأحياء محافظتى القاهرة والجيزة والأحياء السكنية ذات الكثافة العالية بالمحافظات
- عدم السماح بإقامة عقار دون جراجات ومساحات كافية لانتظار السيارات .
-استمرار أعمال إزالة كافة التعديات التى تمت على الأراضى الزراعية بالمحافظات وقيام وحدات التدخل السريع التى تم تشكيلها خلال الفترة الماضية بتنفيذ الإزالات.
- إحالة المتعدين إلى النيابة العسكرية خاصة الذين لم يتقدموا للتصالح .