الفراق والفقدان من أصعب المواقف التي يمر بها إنسان،ولكن ما هو أصعب وأشد ألما ووطأة هو انتظار أحدهم أملًا في العثور على جثة قريب له ضيعتها أمواج شاطئ النخيل الغادرة.
فعلى شاطئ النخيل والذي شهد أمس مأساة غرق ما لا يقل عن 11 شخصًا، جلس العشرات انتظارًا للعثور على جثث ذويهم، حيث تواصل فرق الإنقاذ جهودها للعثور على جثامين ثلاثة أشخاص، بينما تمكنت من انتشال جثث 9 آخرين.
ورغم زحام الأهالي الذين توافدوا انتظارًا لاستلام جثث ذويهم إلا أنّ السكون كان هو الطابع المميز للشاطئ، حيث تعلقت أنظار الجميع على البحر وفرق الإنقاذ التي تواصل عملها، قبل أن يقطع حالة الهدوء تلك صيحات أحدهم، انتشلوا جثة ويهرع الجميع إليها آملين أن تكون جثة أبنهم.
"أنا كل اللي عايزاه أشوفه مرة أخيرة وأدفنه واطمن عليه"..كلمات ترددها سيدة هي والدة أيمن 16 عامًا، أحد الشباب المفقودين وجارٍ البحث عن جثته داخل مياه البحر، حيث ترفض كل محاولات أقاربها الرحيل قبل أن تودع نجلها الوداع الأخير كما تقول.
يقول محمد صابر، صديق والد أيمن: "كان طيب ومحترم كان رايح يتفسح مع صحابه ومنعرفش أن الموضوع حيتحول للكارثة دي.. دوّرنا في المستشفيات اللي نقلوا لها الضحايا وكان عندنا أمل ان يكون بينهم ومماتش، وملقناش اسمه في كشوف المتوفين".
ويقول حسن محروس، أحد شهود العيان: "جيت أنا وصحابي من مدينة كوم حمادة علشان نقضي يوم في الاسكندرية، وعلشان عارفين أن الشواطئ مقفولة واحد نعرفه دلنا على الشاطئ ده وإن مفيش حوليه سور وبعيد عن الأمن، جينا الفجر، وعسكرنا ونزلنا مع نور النهار وفجأة الدوامات سحبت اثنين من أصحابنا وإحنا كان لسه بره وجرينا ندور على حد ينقذهم بس كان فات الأوان".
وتابع: "البحر كان في ناس كتير ومرة واحدة بقى في دومات سحبت كل اللي كان جوه واللي قدر ينقذ حد أنقذه والباقي اختفى جوه البحر وخلف الحواجز".
يعد الشاطئ الذي يقع تحديدًا بمنطقة 6 أكتوبر بالكيلو 21 بنطاق حي العجمي، من أكثر الشواطئ التي تشهد حالات غرق خلال الموسم الصيفي خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث سجل أعلى نسبة في حالات الغرق بين جميع شواطئ عروس البحر، وذلك رغم إغلاقه رسميا منذ العام الماضي.
ورغم إغلاقه رسميا إلا أن الشاطئ قد شهد أمس مصرع 12 شخصا غرقا، فجر أمس، وجرى استخراج 9 جثث منهم حتى الآن، ومازال البحث جاريا عن 3 آخرين مفقودين- بحسب النيابة والبلاغات الرسمية.
من جانبه أصدر المستشار محمود زغلول، رئيس نيابة العامرية أول، اليوم السبت، 5 قرارات عاجلة في واقعة غرقى شاطئ النخيل.
وتضمنت قرارات النيابة التصريح بدفن 8 غرقى وتسليم الجثامين لذويهم، واستعجال الأجهزة المعنية في البحث عن الغرقى الأربعة المفقودين.
كما أمرت النيابة بإغلاق شاطئ النخيل لأجل غير مسمى، وتعيين حراسة أمنية عليه، لمنع نزول أي مصطافين مياه البحر، حرصًا على حياتهم.
وطلبت النيابة تحريات ضباط إدارة البحث الجنائي حول الواقعة، واستدعاء المسئولين عن إدارة الشاطئ لسؤالهم حول كيفية دخول المصطافين الشاطئ رغم قرار غلقه.