يجلسن بالساعات لصنع الكمامات، من أجل كسب لقمة حلال تغنيهن عن  الدين لهذا أو ذاك، إنهن الغارمات اللاتي أفرج عنهن، وبدأن خوض حياة جديدة، فوسط آلاف الكمامات بالأسواق هناك مجموعة من صنع الغارمات، يمكن استخدامها لنحو 30 مرة. 

تلك المبادرة التي حملت اسم "كمامات من صنع الغارمات"، دشنتها نوال مصطفى رئيس ومؤسس جمعية رعاية أطفال السجينات، وذلك لمساعدة مستفيدات الجمعية؛ لعبور الأزمات الإقتصادية المترتبة عقب جائحة كورونا. 

السيدات الغارمات لا يقمن بصناعتها بصورة عشوائية ولكن تحت مظلة قانونية ومعايير صحية حيث أن المباردة تنفذ من قبل مستفيدات الجمعية بمصنع حياة جديدة؛ لتصنيع كمامات وقائية وفقًا للمواصفات القياسية التي وضعتها وزارة التجارة والصناعة بالتعاون مع وزارة الصحة، على أن تكون كمامات قطن خالية من الوبرة تستخدم عدة مرات عن طريق الغسل والكي «تصل لـ30 مرة»، وتقلل بنسبة عالية جداً من نقل فيروس، كما تحقق الأمن والسلامة للمواطنين وتقلل الآثار الناتجة عن الاختلاط، حسبما أكدت الكاتبة نوال مصطفى، في بيان صدر عن جميعة رعاية أطفال السجينات.

فمع دقات التاسعة من كل صباح  يبدأ العمل داخل  مصنع "حياة جديدة"  للحياكة الخاص بالغارمات في حي الهرم، التابع لجمعية رعاية أطفال السجينات، بحسب دينا عبد الله، المسئول الاداري بجمعية رعاية أطفال السجينات، خلال حديثها لـ "مصر العربية".

حيث تأتي 8 سيدات غارمات يرتدين أقنعة الوجه والقفزات ومع كل واحدة منهن أدوات التعقيم، ثم يجلسن من الـ 9 وحتى الـ 3 عصرًا لصنع الكمامات، بمواصفات حددتها لهن كل من وزارتي الصحة والصناعة، اللذان منحا المصنع ترخيصًا بصنع الكمامات القماشية، -بحسب دينا-.  

خلال تلك الساعات تنتج الـ 8 سيدات ألف كمامة، سعر الواحدة 5 جنيهات، المختلف أن تلك الكمامات قابلة للاستخدام لمدة تصل لنحو 30 يومًا، حيث يمكن غسلها وكيها، ليعاد استخدامها مرة أخرى. 

ففي ظل جائحة كورونا هناك الكثير من الأعمال التي كان يقمن بها هؤلاء السيدات توقفت، وتأثر مصدر دخل أخريات، وحرصًا على عدم لجوء أي منهن إلى التجار وتوقيع ايصالات الأمانة بالدين، ولكي يتمكنوا من توفير مصدر دخل لأطفالهن، جاءت فكرة المبادرة.

"الكمامات قطن بنسبة 100%،  طبقتين،  فري سايز بأستك،  تستخدم عدة مرات عن طريق الغسل والكي حيث  تصل مرات الاستخدام  لـ30 مرة، مطابقة للمواصفات التى تم وضعها بتنسيق بين وزارتى الصحة والصناعة، تقلل بنسبة عالية جداً من نقل فيروس كورونا، تحقق الأمن والسلامة للمواطنين وتقلل الآثار الناتجة عن الاختلاط،  خالية من الوبرة، ومتوفر منها للأطفال"؛ تلك هي مواصفات الكمامات التي تصنعها الغارمات، ويستفيد من دخلها نحو 30 أسرة، وفقًا لما أخبرتنا به "دينا".

ولفتت دينا إلى أنّ هناك إقبالًا على شراء كمامات الغارمات القماشية "أون لاين" أو من جانب البعض ممن قرروا شراء كميات كنوع من العمل الخيري لمساعدة الغارمات وتوزيعها على حراس العقارات وغيرهم.   

وعن الجهة التي تتبنى تلك المبادرة؛ تقول دينا: "نحن جميعة رعاية أطفال السجينات، وهي خاصة بفئة السجينات واطفالهن فقط، سواء كانوا داخل السجن أو خارجه، من خلال تقديم الدعم المعنوي والمادي والترفيهي". 

وواصلت حديثها قائلة: "أول ما نقوم به هو سداد دين الغارمات بمحاولة حل مشكلة كل سيدة على حدى، ثم تبدأ مرحلة البحث لمعرفة كيف ستسير حياتها المعيشية عند خروجها من السجن، ودراسة ظروفها الاجتماعية، ومن أين ستصرف على نفسها واطفالها خاصًة إذا كانت منفصلة عن زوجها، فندربهم ونقوم بتشغيلهم كل في الوظيفة المناسبة لها، التي يمكنها من خلالها أن تكمل بها حياتها". 

وتابعت: "لدينا 3 مصانع خياطة، منهم  مصنع داخل سجن القناطر للنسا والآخر داخل سجن دمنهور،  حيث ندرب  السجينات داخلهما ونبيع منتجاتهم في المعارض، أما المصنع الثالث فيوجد في منطقة الهرم وهو خارج السجن، تعمل به السيدات الغارمات اللاتي خرجن من السجن. 

ليس جميع السجينات يكون لديهن الرغبة في تعلم الحياكة؛ حيث اضافت دينا :  من لا يرغب منهن في تعلم الخياطة ندربهم على أشياء  أخرى مثل صناعة الصابون أو الكروشيه وبعضهن يقمن بإعداد المأكولات داخل المنزل ثم بيعها، وفريق اخر يعملن في العلافة، وأخريات في تشكيل  العاج، فكل هذه الأشياء قمنا بتدريبهم عليهم وفتحنا لهم بها مشروعات.