في مزرعة والدها الواقعة عند استاد برج العرب، اعتادت الفتاة العشرينية، أن تقضي يومي الخميس والجمعة داخلها لتمارس طقوسها التي بدأتها منذ نحو 3 سنوات، بعدما حولت جانبًا من مزرعة والدها لمرسم من نوع خاص.
فلا مكان هنا للأوراق والأقلام، بعدما قررت الفتاة أن تستفيد من بيض النعام وقرون الغزال وجذوع الأشجار وريش الطاووس للرسم عليهم وإعادة تشكيل لتخرج في نهاية المطاف من تحت أناملها قطعة فنية غاية في الجمال.
الفتاة التى خطفت الأنظار تُدعى هدير ناصر، ابنة محافظة الاسكندرية، تعمل، معلمة رياض أطفال وتبلغ من العمر 28 عاما، لم يكن لها سابق عهد في مجال الرسم فتقول: "كان رسمي كأى طفلة ..فلم يكن مبهرًا فأنا كنت احب الرسم فقط ".. ورغم أن ميول "هدير" تجاه عالم الفنون بدأت تتضح جليًا في مرحلة الثانوية خلال تحضيرها لاختبار القدرات، كونها شعرت أن مستواها في الرسم يتحسن شيئًا فشيئًا بالدرجة التي دفعتها تحلم بالإلتحاق بكلية فنون جميلة، ولكن كانت الـنتيجة "غير لائق"..
التحقت الفتاة بكلية تجارة، طورت من نفسها في اللغة الإنجليزية وعملت في شئون الطلبة عقب التخرج مباشرة، وظلت بها لمدة 3 سنوات، ثم قررت الحصول على دبلومة تربوي، أخذت الفتاة تبحث عن شغفها وحلمها في اشياء عدة فحصلت على دورة تدريبة في البورتيريه ثم العود وكتبت قصص قصيرة نشرت في معرض الكتاب، ثم اخذت تصمم شموع واكسورات، فتقول: "كل ده كنت بدور واشوف أنا كويسة في ايه؟".
ذات ليلة بينما كانت تجلس "هدير" في مزرعة والدها امسكت ببيضة نعام وأخذت ترسم عليها زهرة عباد الشمس، ثم مع الوقت لمعت في رأسها فكرة تتمثل في الحفر على بيض النعام وتحويله لأبجوروات.
لم تكن المهمة هينة على الإطلاق في البداية، فالنتيجة النهائية التي أبهرت الجميع جاءت بعد مرات عديدة من الاخفاق فتقول هدير: "كنت اجلب شنيور الحائط كي احفر به على بيض النعام، وهو ما تسبب في تحطيم الكثير منه".. ثم جلبت شنيور صغير يشبه ذاك المستخدم في عيادات الأسنان وأخذت تنحت به على بيض النعام.
لم تكتف الفتاة ببيض النعام فقط ولكنها كانت تجلب ما يسقط من ريش الطاووس لتصنع منه تحف مثل المانديلا، أما قرون الغزال فحولتها لحامل للاكسسوارات.
بتلك الطريقة قررت هدير الاستفادة من مخلفات الطبيعة داخل مزرعة والدها فهي لا تستخدم من الببض سوى غير المخصب منه، في حين تنتظر من العام للعام حتى تتساقط قرون الغزال من تلقاء نفسها كي تأخذها وتبدأ في تشكيلها، أما الطاووس فتلملم ما يسقط به من ريش.
لاقت الفتاة تشجيعًا كبيرًا من اسرتها وصديقاتها، فتقول: الأمر ظل بمثابة هواية امارسها ولكن من حولي امطروني بعبارات الثناء ونصحوني بتدشين صفحة لي عبر موقع التواصل الاجتماعي لاعرض من خلالها ما انجزه من اعمال.
فوجئت الفتاة السكندرية بردود الأفعال وسرعان ما تحولت موهبتها إلى مصدر كسب ودخل لها، فالفنانة الصغيرة التي لم تحصل على لائق في امتحان القدرات في الثانوية العامة آمنت بمرور الوقت بموهبتها وطورت من نفسها والآن ينظر الكثير إلى أعمالها مبديًا إعجابه بها.
