نواجه خلال حياتنا الكثير من الظروف الصعبة التي تحبطنا وتُفْقِدُنا الأمل، وربما تدفع بنا إلى الهاوية، والقليل فقط هو من يستطيع تحويل المحن إلى منح، كما هو الحال فى قصة الفتاة المصرية مروة سالم، التى مرت بظروف قاسية داخل مصر دفعتها إلى التقديم على هجرة عشوائية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والعمل فى إحدي أكبر شركات السيارات العالمية "تويوتا"، لتصبح أول محجبة مصرية تعمل فى عملاقة صناعة السيارات فى العالم.

درست مروة الصحافة فى أكاديمية أخبار اليوم، وتزوجت وانجبت ابنتها الصغيرة "فاتيما"، تبلغ حاليا 11 عاما، مرت مروة الشابة الثلاثينية بظروف قاسية دفعتها لترك حياتها القديمة في منطقة الهرم بالجيزة، والسفر عام 2015 إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتبدأ حياة جديدة فى مجتمع وتسوده عادات وتقاليد غير التى تربت وترعرعت عليها.

استهلت مروة سالم مشوارها الشاق فى أرض الأحلام، بعدما استقرت فى منزل شقيقها، بالعمل من المنزل عبر صنع الدمى المحشوة من الملابس المستعملة وترويجها إلكترونيًا، لمدة عامين كاملين، كان تخشى طوال تلك الفترة مواجهة المجتمع الجديد، وتروى "كنت أخشى الحديث فأخطئ، وأخشى الحركة فأتهم، كان كل شيء مرعبا، حتى بدأت التأقلم".

وفي يوم من الأيام، ظهر أمامها إعلان عن وظائف متاحة في شركة "تويوتا" العالمية للسيارات، فسارعت بتقديم جميع أوراقها "online"عبر موقع التواصل الخاص بوظائف الشركة، وبعد عدة أسابيع من الانتظار  استقبلت ايميل حددها لها موعد المقابلة.

 العمل فى شركة عملاقة مثل "تويوتا" ليس أمر سهلا كما يعتقد البعض، فبعد إجراء المقابلة الشخصية "الانترفيو" خضعت مروة لعدد من الاختبارات العملية والطبية واللياقة البدنية لتتأكد الشركة من كونها مناسبة للوظيفة الجديدة أم لا.

ومن بين سبعة آلاف موظف وموظفة، نجحت مروة في فرض حجابها على الوظيفة، لتكون الموظفة المسلمة الوحيدة بالحجاب بالشركة العالمية.

وتقول مروة :"كنت قلقة جدا من مقابلة العمل بسبب الحجاب، لكن من أجروا معي المقابلة أكدوا أن حجابي ليس عائقا أبدا، على العكس فقد يكون هو السبب في تعييني.. فحين أخبرتهم أنها لن تقبل خلع الحجاب في العمل؛ قالوا إننا لن نطلب منك ذلك أبدا".

وأشارت إلى أن الشركة الأمريكية تسعى لإثبات أنها تتقبل الجميع، والجميع يتعايش في ظل قواعد العمل التي تراعي الاختلاف، فللشركة قانون صارم، إذا تعرض أحد موظفيها للتنمر والاضطهاد، فالعقاب الفوري هو إنهاء تعاقده، حسب قولها.

شكلها الغريب وسط زملاء العمل تحدي آخر كان يجب على مروة تجتازه منذ يومها الأول داخل الشركة، فتغلبت على هذا التحدي باتباع التعليمات واحترام المواعيد، وانجاز العمل بطريقة صحيحة.

حاولت مروة ارتداء أكثر من نوع من الحجاب، لكن لم تجد ضالتها إلا في الحجاب الرياضي "لنايك"، الذي بات حلا لكثير من المحجبات في الدول الغربية، واضطرت لارتداء أربع طبقات من الحجاب، واحدة قطنية تحت الحجاب النايك، والثالثة ذات طبقة بلاستيك للحماية، والرابعة "كاب اليونيفورم".

 وتقول مروة : "مظهري كان من بين الصعوبات اللي قابلتها.. فيه ناس كتير سألتني عن الحجاب، وهل أنا لبساه بسبب ديني ولا ثقافة بلدي، لكني كنت بحاول أوضح ليهم تعليمات ديني على قدر الإمكان، وحاولت أصحح المفاهيم المغلوطة في ذهنهم عن الإسلام وده بيتم من خلال إني أكون شخصية جديرة بإلاحترام".