رئيس التحرير: عادل صبري 05:59 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

من فوق كرسي متحرك.. طبيب «صنع من ماس» يُدخِل السرور على أول فرحته

والأطباء: بعد إصابته بمرض نادر

من فوق كرسي متحرك.. طبيب «صنع من ماس» يُدخِل السرور على أول فرحته

آيات قطامش 20 فبراير 2019 22:02

"كنت أشعر حينها أني امتلك الدنيا فمن حولي أهلي، وناجح في عمل،  وتزوّجت بفتاة أحلامي، وقضيت واجبي الوطني بالتحاقي بالجيش، وأعطاني الله أفضل هدية بعدما رزقني بطفلي صلاح".. كلمات جرت على لسان الطبيب الشاب واصفًا كيف كانت حياته قبل أن يتبدل كل شيء.

 

ففجأة ودون سابق إنذار انقلبت حياته رأسًا على عقب؛ حيث تحول بين عشية وضحاها من طبيب ناجح وصل راتبه الشهرى لـ 30 ألف جنيه، إلى شخص فاقد للحركة والنطق، دون أن يتعرض لحادث ما، فقط مرض نادر اقتحم جسده وسلب منه كل شيء في غمضة عين، فضلًا عن إخباره من جانب الأطباء أنه لم يعد أمامه سوى شهور ليلقى بعدها مثواه الأخير.

 

لم يستسلم الأب الثلاثيني، وسرعان ما أفاق من عسرته متحديًا ما به، مستمدًا قوته من صغيره، فبعد تفكير عميق وجد ضالته وتمكن عقب الكثير من الصعوبات من تأليف كتاب أهداه لنجله، وشارك به في معرض الكتاب الذي انتهت فعالياته الشهر الجاري.

 

 

تواصلت (مصر العربية) مع  الشاب ليروي لنا قصته التي حملت بين طياتها الكثير من المفارقات، بدأت برحلة شقاء ونجاحات متتالية أيضًا ثم سقوط وعثرة اتبعها وقوف وصمود من جديد. 

 

بدأ أحمد صلاح اليماني، صاحب الـ 38 ربيعًا.  يروي  بداية القصة واصفًا كيف كان يعيش حياة هادئة بدأت تفاصيلها في الثانوية العامة حينما حصد مجموعًا كبيرًا يؤهله للالتحاق بكلية طب جامعة قناة السويس بالإسماعيلية، وحينها انتقل بمفرده من قطر حيث كان يقطن مع أسرته إلى مكان دراسته الذي مكث به 6 سنوات. 

 

يقول اليماني: تلك الفترة كانت هامة للغاية بالنسبة لي، لأن تعلمت كيف أعتمد على نفسي في كل كبيرة وصغيرة، فضلًا عن كوني التقيت بشريكة عمرى زوجتي وأم طفلي الوحيد. 

 

تابع: بعد تخرجي عملت بمستشفي المطرية التعليمي، وأحببت وقتها تخصص النساء والولادة وتعلمت أطفال الأنابيب، في تلك الفترة طلبت مستشفى حمد بقطر أطباء بشرط نجاحهم في  المعادلة الأمريكية، ورغم تقدم الآلاف إلا أن من نجحوا يقدروا بالعشرات فقط، وكنت أنا واحد منهم. 

 

استكمل  حديثه: سافرت وتميزت للغاية في عملي مهنيًا وماديًا فكنت اتقاضي راتبًا كبيرًا للغاية بما يعادل 30 ألف جنيه شهريًا عام 2007، وبمقياس الآن يعادل 60 ألف جنيه وأكثر، في الوقت الذي لم أتخط من العمر بعد الـ 25 عامًا.

 

"كنت أشعر حينها أني امتلك الدنيا فمن حولي أهلي وناجح في عملي وسأتزوج بفتاة أحلامي، وقضيت واجبي الوطني بالتحاقي بالجيش، وأعطاني الله افضل هدية بعدما رزقني بطفلي صلاح"بتلك العبارات استكمل حديثه قائلًا: إذا نظرتي فستجدي أن الحياة اعطتني كل شيء جميل فلم ينقصني شيء، وكنت أحضّر الزمالة البريطانية، إلا أن الرياح لا تأتي دائمًا بما تشتهي السفن. 

 

 

ففجأة بدأ يشعر أن عضلات جسده تضعف، وبها رجفة غريبة أما لسانه فبدأ يتقل وتنفسه يضعف، وقدرته على استخدام يديه وقدميه تراجعت بصورة ملحوظة، حسبما روى لنا، قائلًا: حينها ذهبت لطبيب أعصاب كبير، فإذا به يلق على مسامعي  بخبر كالقذيفة، موضحًا أنني بت مصابًا بمرض نادر،  يحمل اسم التصلب العصبي الضموري الجانبي،  واختصاره (ALS) مرض فتاك خطير يأكل عضلات الجسم بأكمله فيسبب شلل رباعي ويضعف عضلات البلع والكلام وبالتالي يؤدي لفقدان القدرة على الكلام نهائيًا والأكل والشرب بشكل طبيعي، وفي  نهاية المطاف يضرب هذا المرض  عضلات التنفس ويسبب الموت.

 

واستكمل قائلًا: "تخيلي تسمعي إن ده سيناريو حياتك، وطبعًا بما إن أنا دكتور فعارف ومتصور قد ايه بشاعة السيناريو ده، عارف إن جسمي هيتحول لسجن لعقلي مش هقدر حتى أعبر عن تفكيري وده لأني هفقد القدرة على الحركة والكلام". 

 

 هنا رفض عقل "يماني" تقبل هذا السيناريو القاتم، وقرر السفر لأطباء في فرنسا وألمانيا وأمريكا عل أحدًا منه يطمئنه إلا إنهم جميعًا أكدوا على أن هذا بالفعل تشخيص الشاب الذي كان يبلغ حينها من العمر 26 عامًا.

 

يقول اليماني: في أمريكا أخبرني الطبيب أن  بالمعدل الذي يسير به  المرض فإنه لم يعد يتبق من عمرك سوى عام أو عامين على أقصى تقدير، كان هذا عام 2012. 

 

 هنا وقف  الأب مع نفسه وقرر  أن يعيش ما تبقى من عمره حتى وإن كان يومًا واحدًا،  وأخذ يحدث نفسه بعبارات تحفيزيه، يقول اليماني: كان أول تحدي واجهني وأنا فاقد للحركة تمامًا، وكيفية التعبير عن فكرى وأنا لا أستطيع الكلام.

 

وتابع: إلى أن وجدت ضالتي في نوع "ماوس" معروض على الانترنت ذا يد طويلة بإمكاني  تحريكه بعضلات صدري،  لا تتخيلي مدى سعادتي حينما نجحت فكرتي ومحاولتي شعرت حينها أنني أخرجت لساني للمرض، فتمكنت من استخدام الحاسب الآلي والتواصل مع من حولي، والأهم قدرتي على التواصل مع ابني من خلاله، وشاركت في تربيته. 

 

واستكمل: التحدي الثاني أنني كنت أفكر دائمًا في كيفية جعل ابني يفتخر بي، فقمت باستغلال إجادتي للغتي العربية والإنجليزية،  وعملت بالترجمة ثم قررت أبدأ في تأليف كتاب صغير يتحدث عن الإنسان وكيف أن إيمانه بنفسه يساعده على تخطي الصعاب، سواء كان يمر بفقر أو مرض أو إعاقة، وكيف يصبح صلبا مثل ألماس، لهذا كان عنوان كتابي: "صنع من ألماس"، واهديت الكتاب لأبني، الذي حوي صفحاته الأخيرة سيرته الذاتية.

 

وتابع: تم توزيع كتابي من خلال جريدة الأخبار وشاركت به في معرض الكتاب، فكان أسعد يوم في حياتي حينما شاهدت فرحة ابني بعدما أخبرني كيف أن الكتاب جعله مشهورًا بين أقرانه، وجميعهم يردوا مصادقته.

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان