اشتباك وفوضى وشتائم واتهامات.. كلمات تصف ما شهدته المناظرة المتلفزة الأولى بين مرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية، الرئيس المنتهية ولايته ومرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب ومرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن.

 بعدما تبادل الطرفان الشتائم، فمنذ اللحظات الأولى هاجم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منافسه على الرئاسة جو بايدن بشراسة وتبادل المتنافسان الشتائم والاتهامات حول عدد من القضايا أهمها فيروس كورونا وتفوق البيض والاقتصاد، وذلك خلال 90 دقيقة في كليفلاند، أوهايو.

وصف بايدن خصمه دونالد ترامب بأنه "مهرج" و"كاذب" وحض الأمريكيين على التصويت ضده "لتجنب أربع سنوات إضافية من الكذب"، في المقابل عمد ترامب إلى التقليل من شأن بايدن بقوله "أنت لا تمت إلى الذكاء بصلة" وبأنه قضى 47 عاما في أروقة السياسة الأمريكية "ولم يفعل شيئا".

"كانت هذه أسوأ المناظرات في التاريخ".. حسب وصف الأستاذ في جامعة ميشيجان والمتخصص في المناظرات الرئاسية آرون كال قال في تعليقه على مناظرة ترامب وبايدن. 
 

وما جعل المناظرة تبدو بهذا الشكل، هو أن كلا المرشحين يختلفان في كل شيء تقريبا، فترامب ترشح مرة واحدة للانتخابات عام 2016 وحقق أكبر مفاجأة في التاريخ السياسي الحديث بفوزه، فيما بايدن الذي شغل منصب سيناتور ونائب رئيس يأمل في نجاح محاولته الثالثة للوصول إلى البيت الأبيض بعدما ترشح في الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين في 1998 و2008 بدون التمكن من الفوز بها.

توتر شديد

ساد التوتر الشديد منذ بداية المناظرة، التي تابعها الملايين حول العالم، بين المرشحين، وكان السؤال الأول حول ترشيح ترامب للقاضية إيمي كوني باريت للمحكمة العليا، وبعد أن أجاب ترامب على السؤال مدافعا عن قراره المثير للجدل، قام بمقاطعة بايدن أكثر من مرة ليقوم الأخير بوصف الرئيس بالمهرج أكثر من مرة، ويسأله "هلا خرست يا رجل؟"، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية. 
 

بدوره، قال ترامب في دفاعه عن مرشحته "سأقول لكم بكل بساطة إننا فزنا في الانتخابات، والانتخابات لها عواقب. لدينا مجلس الشيوخ ولدينا البيت الأبيض ولدينا مرشحة استثنائية يحترمها الجميع". لكن بايدن قال إن مقعد الراحلة روث بادر غينسبرغ يجب شغله بعد انتخابات الثالث من نوفمبر، عندما يتضح من سيكون الرئيس.
 

وأكد بايدن "يجب أن ننتظر، يجب أن ننتظر ونرى نتيجة هذه الانتخابات"، وأضاف أن محكمة عليا تضم محافظين أكثر ستعرض قانون الرعاية الصحية بأسعار معقولة المعروف باسم "أوباما كير" للخطر.

هجوم متبادل
 

من جهته هاجم ترامب المرشح الديمقراطي الذي يتقدم عليه في استطلاعات الرأي قائلا "لا تمت للذكاء بصلة"، وعمد الرئيس الأمريكي المرشح لولاية ثانية في انتخابات 3 نوفمبر إلى وصف منافسه بأنه "دمية في يد اليسار الراديكالي" سواء بشأن قضايا الصحة أو الأمن أو المناخ.
 

من جهته، فإن نائب الرئيس الأمريكي السابق الذي كانت تثير قدرته على المواجهة تساؤلات، تمكن من الصمود في هذه المناظرة التي جرت في كليفلاند. وركز نظره أكثر من مرة على الكاميرا ليطلب من الأمريكيين أن يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع لتجنب "أربع سنوات إضافية من الأكاذيب".
 

فيما تعهد بايدن بقبول نتائج الانتخابات، اكتفى ترامب بالتأكيد مرة جديدة وبدون تقديم أدلة على أن التصويت بالمراسلة الذي يبدو أنه سيستخدم بكثرة بسبب وباء كوفيد-19 سيشجع على "التزوير".

وحاول ترامب طوال المناظرة التي استغرقت 90 دقيقة عبثاً استعادة زمام المبادرة، فانبرى يقاطع "جو" المرة تلو الأخرى مما دفع بمدير الندوة الصحفي في شبكة فوكس نيوز كريس والاس إلى الطلب منه مراراً وتكراراً أن يفسح المجال أمام بايدن للكلام.

حوار عنيف
 

استمر ترامب في مقاطعة بايدن مراراً وتكراراً، حتى بلغ الأمر ببايدن حدّ مخاطبة الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة  بالقول "هلّا تخرس يا رجل!"، مضيفا: "من الصعب أن يحظى المرء بفرصة لقول كلمة واحدة بوجود هذا المهرج، عفواً هذا الشخص .. أنت أسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة".

وفي مبادلة حادة سأل الرئيس الأمريكي بايدن "هل أنت مع القانون والنظام؟" متهما منافسه بأنه يستند إلى داعميه من "اليسار الراديكالي"، ورد بايدن "القانون والنظام مع العدالة" متجنبا ارتكاب هفوات كان يتخوف منها بعض المراقبين في معسكره. 

وقال ترامب من على منصّة المناظرة في كليفلاند بولاية أوهايو مخاطباً نائب الرئيس السابق "أنت لا تمتّ إلى الذكاء بصلة، جو. 47 عاماً ولم تفعل شيئا". 
 

مواجهة كورونا

وسعى بايدن، الذي يتصدّر استطلاعات الرأي، إلى ربط ترامب بشكل مباشر بجائحة كوفيد -19 التي أودت بأرواح أكثر من 205 آلاف شخص في الولايات المتحدة، البلد الأكثر تسجيلاً للوفيات الناجمة عن الجائحة في العالم أجمع.
 

وقال المرشح الجمهوري مخاطباً الناخبين الأمريكيين "كم منكم استيقظ هذا الصباح وكان لديه كرسي فارغ على طاولة المطبخ لأنّ أحدهم مات بسبب كوفيد-19؟".

 من جهته قال ترامب "لم تكن لتقوم بالعمل الذي أنجزناه"، ورد بادين "أنا أعلم ما يجب القيام به في حين أن الرئيس ليس لديه أي خطة".
 

وفقاً للبروتوكول الصحي المتّبع بسبب كوفيد-19، استهلت المناظرة من دون أن يتصافح الرجلان السبعينيان عند وصولهما إلى المنصّة، بل توجه كل منهما إلى مكانه. وجرت المناظرة بحضور جمهور محدود بينهما السيدة الأمريكية الاولى ميلانيا ترامب وجيل بايدن زوجة المرشح الديمقراطي.

ماذا قالت الصحافة العالمية
 

كانت المناظرة بين المرشحين للانتخابات الرئاسية الأمريكية محور اهتمام الصحافة العالمية اليوم، حيث حاولت الصحف الأمريكية خاصة إعطاء تقييم لأداء كل من الرئيس المنتهية ولايته الجمهوري دونالد ترامب ومنافسه الديموقراطي جو بايدن.

وقالت صحيفة ذي واشنطن بوست إن المناظرة كانت من الفرص القليلة المتاحة لدونالد ترامب لتحسين فرصه والعودة إلى الصف الأول في السباق الانتخابي وتغيير رأي الجمهور الذي يعتبر حصيلته هزيلة ويرى في جو بايدن بديلا له.

وقالت الصحيفة ترامب عوض استغلال فرصة المناظرة التلفزيونية وتقديم أفكار ذكية اختار الهجوم الشرس والاتهامات، كما شبهت الصحيفة كلام ترامب بالتغريدات التي عودنا عليها على موقع تويتر لكنها هذه المرة تغريدات بصوت عال خلال تسعين دقيقة.
 

من جانبها ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال التي وصفت المناظرة بالمرتبكة التي شابتها هجمات كثيرة،إن النقاش بين المتنافسين لم يكن نقاشا هادئا يتبادل فيه الطرفان الآراء السياسية، ورات أن جو بايدن قدم أداءً أكثر طاقة مما كان ينتظره منافسه وفريقه في حين هاجم ترامب بالعنف المرتقب مشوار وذكاء منافسه المرشح الديموقراطي الذي شغل منصب نائب الرئيس الأمريكي لثماني سنوات خلال حكم باراك أوباما.
 

فيما  قال موقع هافنغتون بوست، الذي أعطى اسم فيلم أمريكي للمناظرة "الثور الهائج" الذي يحكي حياة الملاكم الأمريكي من أصول إيطالية جاك لاموتا، إن جو بايدن حقق تقدما ملموسا على منافسه في الجولة الأولى، كما  وصف الموقع المناظرة بـ"الأكثر فوضوية وتسمما في التاريخ الأمريكي الحديث".

كما  اعتبر الموقع الإخباري المناظرة استمرارا للهجة السلبية التي تبناها الفريقان في الحملة الانتخابية في الأيام الخيرة.