نعت عائلة المهاجم الأرجنتيني إيميليانو سالا ابنها بعدما حسمت الشرطة الإنجليزية الترقب السائد منذ أكثر من أسبوعين بشأن مصيره، بتأكيدها أن الجثة المنتشلة من حطام طائرة صغيرة في بحر المانش تعود له، وسط موجة حداد وتضامن في عالم كرة القدم مع عائلة اللاعب الذي قضى وهو في الثامنة والعشرين من العمر.

 

وشكرت العائلة من ساندها في "أكثر اللحظات المؤلمة في حياتنا"، مضيفة "رؤية العالم كله يتحرك لمرافقتنا في بحثنا، كانت مساعدة ثمينة الى ما لا نهاية (...) بفضلكم اليوم، سنكون قادرين على البدء في الحداد".

 

وكشفت شرطة دورسيت الإنجليزية ليل الخميس الجمعة مصير سالا، غداة انتشال جثة من حطام الطائرة التي كان على متننها والطيار ديفيد إيبوتسون، وتحطمت في بحر المانش في 21 يناير في طريقها من فرنسا الى ويلز، حاملة لاعب نانت الفرنسي الى ناديه الجديد كارديف سيتي الويلزي المشارك في الدوري الإنكليزي الممتاز.

 

وعثر في الحطام على جثة واحدة، وعليه لا يزال مصير الطيار مجهولا.

 

وأكدت عائلة اللاعب في بيانها "أفكارنا في صباح اليوم الجمعة (تتجه) نحو ديفيد إيبوتسون وأسرته، على أمل أن تبذل السلطات قصارى جهدها للعثور عليه. نطلب منكم التكرم باحترام حزننا في هذه الأوقات الصعبة، وابقاء +إيمي+ (إيميليانو) في صلواتكم وأفكاركم".

 

ورصدت الجثة في صور تحت الماء لحطام الطائرة التي اختفت فوق البحر على بعد نحو 20 كلم شمال جزيرة غورنسي. وأفاد المكتب البريطاني للتحقيقات في الحوادث الجوية ليل الأربعاء أنه تمكن "في ظروف صعبة" من انتشالها، بينما حالت الأحوال الجوية دون القيام بالأمر نفسه مع الحطام.

 

وبعد التعرف على الجثة، أعلن نادي نانت الفرنسي الذي باع سالا لكارديف مقابل 17 مليون يورو دون أن يتمكن الأخير من ارتداء قميص الفريق الويلزي ولو لمرة واحدة، أنه قرر سحب القميص الرقم 9 الذي كان يرتديه سالا منذ وصوله اليه عام 2015 قادما من بوردو.

 

وقال رئيس النادي فالديمار كيتا في بيان "لا أجد الكلمات. إنها مأساة ، أنا محطم. إيميليانو ترك بصمته. لهذا السبب، مثل العديد من المشجعين، أود أن أكرمه مرة أخرى بسحب الرقم 9".

 

وأكد نانت أن كشف مصير سالا وضع حدا "لانتظار لا نهاية له ولا يحتمل. سيكون إيميليانو إلى الأبد جزءا من الأساطير الذين كتبوا تاريخ نادي نانت".

 

ووجه مدرب نانت البوسني الفرنسي وحيد خليلودزيتش تحية مؤثرة لسالا في مؤتمر صحافي الجمعة، معتبرا تأكيد وفاته "حقيقة رهيبة، غير عادلة".

 

أضاف عشية لقاء ضد نيم ضمن مباريات الدوري الفرنسي الذي سيكرم سالا في عطلة نهاية الأسبوع بدقيقة من التصفيق قبل صافرات البداية، "احتفظنا دائما بالأمل، لكن كنا نعرف أنه ضئيل، وَهم ربما".

 

ووجه المدرب المخضرم تحية الى من "سيترك أثرا أبديا في هذا النادي من خلال تصرفاته، تواضعه، ليس فقط كلاعب بل أيضا كإنسان (...) تعرفون الآن في كرة القدم ثمة تكبر، فردية... هو كان على عكس ذلك".

 

من جهته، حيا مدرب كارديف نيل وارنوك سالا، مشيرا الى أن لاعبيه ولاعبي مضيفه ساوثمبتون سيضعون شارات سوداء خلال مباراتهما المقررة السبت ضمن المرحلة 26 من الدوري الإنكليزي.

أضاف في مؤتمر صحافي بكارديف "عندما يحصل أمر مماثل، كل عائلة كرة القدم تتحد (...) هذه خسارة للجميع في كرة القدم".

 

- "ارقد بسلام أيها المحارب" -

 

وقوبل تأكيد وفاة سالا بسيل من رسائل التضامن والحداد في اللعبة.

 

وكان أسطورة كرة القدم الأرجنتينية دييغو مارادونا من أول المعلقين، وكتب عبر حسابه على انستاغرام "أشعر بالأسى جراء هذه الأخبار المحزنة. الكثير منا احتفظ ببارقة أمل من أجلك إيميليانو".

 

كما أعرب النجم ليونيل ميسي لاعب برشلونة الإسباني عن تضامنه "مع عائلة سالا وأصدقائه"، بينما قال الدولي السابق غابريال باتيستوتا "يا له من حزن، إنها أسوأ الأخبار الممكنة. ارقد بسلام أيها المحارب".

 

وأكد الرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري وقوفه الى جانب عائلة سالا.

 

وقال صديق والد اللاعب أوسكار هيمو صاحب أحد المطاعم في مسقط سالا، بلدة بروغريسو الصغيرة، "منذ أن عرفنا بالأمر (فقدان الطائرة)، أصبحت هذه المسألة كل ما يتحدث عنه الجميع. كان الجميع يحبه ويقدره".

 

وأقام سالا في البلدة بين الثالثة والـ15 من عمره. وقال عنه دييغو سوليس الذي دربه وهو ناشئ "كان جيدا، لكن بصراحة لم يتوقع أحد أن يصل الى مستوى (أندية) النخبة. كان شخصا رائعا. لم يتحدث أبدا عن نفسه".

 

- "لم يكن ليبحث أحد عن الطائرة" لولا التبرعات -

 

وغادر سالا والطيار إيبوتسون (59 سنة) نانت (غرب فرنسا)، حيث كان المهاجم الأرجنتيني يلعب حتى ذلك الحين، من أجل السفر إلى كارديف (ويلز)، للالتحاق بفريقه الجديد كارديف.وفقد أثر الطائرة عن شاشات الرادار على بعد نحو 20 كلم شمال جزيرة غيرنسي في بحر المانش.

 

وكانت السلطات قد أوقفت بداية البحث عن الطائرة، قبل أن تستأنف بمبادرة من عائلة سالا التي استعانت بموارد خاصة في عملية بحث مولها دعم قدمه لاعبو كرة قدم أبرزهم مواطن سالا ليونيل ميسي، إضافة الى العديد من المتبرعين عبر شبكة الانترنت.

 

وتجاوزت قيمة التبرعات 370 ألف يورو (422 ألف دولار).

 

ولولا التبرعات "لم يكن ليبحث أحد عن الطائرة" بحسب ما قال لوكالة فرانس برس ديفيد ميرنز، المتخصص في البحث عن حطام السفن وصاحب الشركة الخاصة التي وجدت الحطام.

 

وفي حين لم يتمكن سالا من خوض أي مباراة مع فريقه الجديد، أفاد مصدر مقرب من نانت الأربعاء أن الأخير طلب من محاميين دراسة الإجراءات القانونية المحتملة لالزام كارديف دفع قيمة تعاقده معه.

 

وبحسب المصدر فإن الدفعة الأولى من قيمة الصفقة التي بلغت 17 مليون يورو، والتي كان يتعين على كارديف سيتي دفعها مقابل ضمه اللاعب، لم يتم تسديدها، بينما تم تسجيل عملية الانتقال.

 

والجمعة، أكد متحدث باسم الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) لوكالة فرانس برس، أن نانت "لم يتقدم حتى الآن بطلب الى الفيفا بشأن خلاف محتمل مع كارديف بشأن هذا الانتقال".