رئيس التحرير: عادل صبري 03:15 مساءً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

3 حروب على غزة.. هدف واحد وانتصار متكرر

3 حروب على غزة.. هدف واحد وانتصار متكرر

فلسطين تقاوم

كتائب القسام

3 حروب على غزة.. هدف واحد وانتصار متكرر

وكالات 27 أغسطس 2014 11:39

بحلول الساعة السابعة مساء أمس انتهت "الحرب الثالثة" التي شنتها "إسرائيل" على قطاع غزة منذ 7 يوليو الماضي، بإعلان وقف إطلاق النار والبدء في إعادة الإعمار.


وبينما تتشابه نهاية هذه الحرب وأهدافها المعلنة من جانب "إسرائيل"، مع نهاية حربي عام 2008 و 2012 ، فإن السيناريو الذي قاد إلى هذه النهاية يبدو مختلفا بين الحروب الثلاثة، وهو ما يمكن رصده في الآتي:

أولا: كيف قامت الحرب؟

- بدأ التمهيد لحرب 2014 في 12 يونيو 2014 ، مع الإعلان عن خطف ثلاثة مستوطنين في الخليل جنوبي الضفة الغربية وبدأ الجيش الصهيوني عقبها حملة عسكرية.

وفي 30 يونيو، عثر على جثث المستوطنين الثلاثة قرب حلحول "مدينة بمحافظة الخليل"، وكشفت تقارير بأن الشرطة وأجهزة الاستخبارات الصهيونية عرفتا بعد وقت قليل من وقوع الحادثة أن الأمر يتعلق بعملية قتل وليس باختطاف، لكن الحكومة الصهيونية أرسلت الجيش والأجهزة الأمنية لتشنا حملة واسعة من المداهمات والاعتقالات بالضفة الغربية بحثا عنهم وكأنهم أحياء.

أعقب ذلك مطالبات صهيونية بالانتقام من العرب، وهو ما أدى إلى خطف وتعذيب وحرق الطفل محمد أبو خضير من مخيم شعفاط بالقدس المحتلة، والذي اعقبه احتجاجات واسعة النطاق وخصوصاً في مناطق عرب 48 وكذلك إطلاق صواريخ من قطاع غزة على المستوطنات والمدن الإسرائيلية وقصف إسرائيلي على القطاع.

كانت هناك عدة محاولات لتثبيت التهدئة بين "إسرائيل" وقطاع غزة، إلا أن تصاعد وتيرة العنف بعد مقتل الطفل محمد أبو خضير ومقتل اثنين من العمال العرب دهساً أدى إلى تصاعد القصف بين غزة و"إسرائيل"، حيث شن الجيش الصهيوني سلسلة غارات عنيفة على مطار غزة جنوبي القطاع.

وفي فجر الإثنين 7 يوليو الماضي، شن الطيران الصهيوني غارة استهدفت أحد الانفاق في منطقة المطار شرق مدينة رفح جنوبي قطاع غزة قتل على إثرها 6 من عناصر حركة حماس ، وبدأ الجيش الصهيوني عملية عسكرية واستدعى الكابينت (المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر) 40 ألف جندي احتياط.

- وفي عام 2012 كان محور الحرب هو مقتل أحمد الجعبري أحد قادة حركة حماس في قطاع غزة، حيث بدأتها "إسرائيل" باغتياله في 14 نوفمبر  2012، تنفيذا لقرار اللجنة الوزارية المصغرة للشؤون الأمنية  الذي اتخذته سراً في صباح يوم 13 تشرين الثاني على الرغم من التوصل إلى مسودة اتفاق تهدئة مع المقاومة بوساطة مصرية.

- أما في حرب 2008 - 2009، فبعد انتهاء تهدئة دامت ستة أشهر كان قد تم التوصل إليها بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من جهة و"إسرائيل" من جهة أخرى برعاية مصرية في يونيو 2008 ، رفضت حماس تمديد التهدئة لعدم التزام الكيان باستحقاقاته من التهدئة، من حيث رفع الحصار الذي يفرضه على القطاع.

وفي 4 نوفمبر نوفمبر 2008 نفذت "إسرائيل" غارة على قطاع غزة نتج عنها قتل 6 أعضاء من حماس، وأطلقت عناصر تابعة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي في غزة أكثر من 87 صاروخاً وقذيفة هاون على مناطق في النقب، كرد على هذا الهجوم، وقامت "إسرائيل" إثر ذلك في 27  ديسمبر  2008 بإعلان حرب على قطاع غزة.

ثانيا: أهداف الحرب

تشترك الحروب الثلاثة في أن الأهداف المعلنة للحرب من جانب "إسرائيل" كانت هي القضاء على منظومة الصواريخ التي يتم إطلاقها من قطاع غزة، والقضاء على شبكة الأنفاق التي يتم استخدامها في تهريب السلاح إلى القطاع، غير أن هناك أهداف أخرى غير معلنة، ترددت على لسان الخبراء ومراقبين.

- ففي حرب 2014، كانت الأهداف غير المعلنة بحسب تصريحات العميد صفوت الزيات الضابط السابق في الجيش المصري للأناضول، هي الوقيعة بين حماس والمدنيين في قطاع غزة، وهو ما يفسر تركيز "إسرائيل" هجماتها في المناطق المأهولة بالسكان.

- وفي حرب 2012، كان من بين الأهداف غير المعلنة أن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو يريد تصعيد حظوظه في الانتخابات المقبلة عبر صورة انتصار في غزة، واختبار النظام المصري الجديد "نظام محمد مرسي آنذاك" بشأن القضية الفلسطينية.

- أما في حرب 2008 كان من بين الأهداف غير المعلنة محاولة الوصول إلى مكان الجندي الصهيوني الأسير جلعاد شاليط  بهدف تحريره.

ومع نهاية الحروب الثلاثة، لم تحقق "إسرائيل" أهدافها المعلنة، وهو ما توقعه الخبير العسكري اللواء طلعت مسلم في تصريحات سابقة لوكالة "الأناضول" التركية مع بداية الحرب الحالية.

وقال مسلم وهو لواء سابق في الجيش المصري إن "الأهداف المعلنة دائما من وراء التصعيد، هي إما غير قابلة للتحقيق، أو أهداف تافهة لا تساوي الجهد المبذول "    

وتابع "منع إطلاق الصواريخ من غزة مستحيل، لأن هذه الصواريخ ليست ثابته في مكان يمكن استهدافه، ولو كانت كذلك لأمكن استهدافها جوا دون الحاجة للتدخل البري، أما الأنفاق فهي أهداف مجهولة ولا يوجد معلومات محددة عنها ".

ثالثا : اسم الحرب ومدتها

 -أطلق  الجيش الصهيوني على حرب 2014 اسم "الجرف الصامد" وردت كتائب عز الدين القسام بتسمية المعركة باسم " العصف المأكول"، واستمرت هذه الحرب 51 يوما ( بدأت في 7 يوليو - تموز 2014 وانتهت في 26 أغسطس 2014 )، لتصبح هي الأطول بين الحروب الثلاثة.

- كانت حرب 2012 هي الأقصر ومدتها 7 أيام ( بدأت في 14 نوفمبر 2012 وانتهت في 21 نوفمبر2012 )، وأطلقت عليها "إسرائيل" اسم "عامود السحاب"، وردت المقاومة باسم " عملية حجارة السجيل ".

-استمرت حرب 2008 - 2009 لمدة 22 يوما (بدأت في 27 ديسمبر 2008 وانتهت في 18 يناير 2009 ) ، وأطلقت عليها "إسرائيل" اسم "الرصاص المصبوب"، وردت المقاومة باسم " معركة الفرقان ".

رابعا : الأسلحة المستخدمة في الحرب

-في حرب 2014 استخدمت المقاومة صواريخ متطورة بعض الشيء ، ووفق مراسلو مكتب وكالة الأناضول في غزة، استخدمت كتائب القسام لأول مرة صاروخ محلي الصنع أطلقت عليه اسم " آر160 " ويصل مداه 160 كيلومتر حيث ضرب مدينة حيفا في 8 يوليو، كما أعلن عن صاروخ يصل مداه إلى 80 كيلو متر، وصاروخ " براق 70 " الذي سقط في "تل أبيب"، وأعلنت "القسام" في 14 يوليو عن تسيير طائرات بدون طيار في المجال الجوي الإسرائيلي.

وفي المقابل، لم تكن أسلحة "إسرائيل" هي الأخرى عادية، حيث استخدمت 3 أسلحة محرمة دوليا وفق تصريحات العميد المتقاعد في الجيش المصري صفوت الزيات لوكالة الأناضول.

وقال الزيات أن "إسرائيل" استخدمت 3 أسلحة محرمة دوليا ، ومنها "قذائف دايم"، وهي في شكل قنابل تقذفها طائرات بلا طيار، مكونة من الألياف الكربونية، وشظايا صغيرة، أو مسحوقا معدنيا ثقيلا، هو نتاج مزج نسب من (التنغستين) المقوى و(الكوبالت) والنيكل أو الحديد.

أما السلاح الثاني المحرم دوليا، والذي استخدمته "إسرائيل" ، فهو "القنابل الاختراقية"، والتي تستخدم في الحروب العادية ضد التحصينات الموجودة تحت الأرض، والتي تكون لمراكز القيادة، ومستودعات الذخائر، وتتسبب في اختراق مسافات عديدة، بقوة تفجيرية عالية، تتناسب مع طبيعة التحصينات الموجهة إليها، لكن إسرائيل تستخدمها مع الكتل السكنية.

أما السلاح الثالث فهو "الفسفور الأبيض، وهو سلاح "يعمل عبر امتزاج الفسفور فيه مع الأوكسجين، على تكوين مادة شمعية شفافة وبيضاء مائلة للاصفرار، وتنتج نارا ودخانا أبيض كثيف"، وفى حال تعرض منطقة ما بالتلوث بالفسفور الأبيض، يترسب في التربة أو قاع الأنهار والبحار أو حتى على أجسام الأسماك، وعند تعرض جسم الإنسان للفسفور الأبيض يحترق الجلد واللحم فلا يتبقى إلا العظم".

-وفي الحرب عام 2012 استخدمت "إسرائيل" طائرات الأباتشي وطائرات "إف 16 و 15"، دبابة الميركافا، والبوارج الحربية،  واتهمت باستخدام مادة اليورانيوم المخفف والأسلحة الفوسفورية المحرمة الدولية، وفي المقابل استخدمت المقاومة الفلسطينية صواريخ قصيرة المدى وصواريخ الجراد متوسطة المدى.

- وفي حرب 2008 - 2009 لم يختلف الحال كثيرا عن عام 2012، من حيث الأسلحة المستخدمة من الطرفين.

خامسا: المواقف الإقليمية من الحرب

تأثرت المواقف الإقليمية بعلاقة ثورات الربيع العربي بمحوري " الاعتدال " و" الممانعة " في المنطقة.

 ففي حرب 2008 - 2009 قبل قيام ثورات الربيع العربي كان محور الممانعة في المنطقة يتشكل من دول سوريا وإيران وحزب الله اللبناني وفصائل "المقاومة" الفلسطينية متمثلة في حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي، وأحيانا ما كانت تمتد ظلاله للسودان والجزائر، وكانت قطر وفق ما تكشف عنه تصريحات مسؤوليها تقف على مقربة من هذا المحور، تليها تركيا.

 وفي المقابل كان محور "الاعتدال" يتشكل من دول مصر والسعودية والإمارات والكويت والبحرين والأردن، إضافة إلى أطراف لبنانية، وأحيانا كان يمتد ليشمل المغرب وتونس.

وانعكست المواقف الإقليمية من الحرب على الإيديولوجية التي يتبناها هذين المحورين، فجاءت مواقف دول محور الممانعة قوية تمثلت في رسائل حماسية من قادتها وتجميد للعلاقات الدبلوماسية، بينما كانت مواقف محور " الاعتدال " هادئة وتميل إلى المحافظة السياسية.

وفي حرب 2012 بعد نجاح ثورات "الربيع العربي" في تونس ومصر واليمن وليبيا في الإطاحة بالأنظمة الحاكمة هناك،  تهدمت المحاور القديمة وبدأت ملامح محور جديد يتشكل، ضم مصر وتونس وتركيا وقطر، وأحيانا ما كان يمتد ليشمل ليبيا واليمن، وبدت مواقف هذه الدول أقرب إلى موقف محور الممانعة القديم في التعامل مع القضية الفلسطينية، وانعكس ذلك الموقف من الحرب على قطاع غزة في 2012 ، حيث كانت أكثر جرأة.

وأدان الرئيس المصري وقتها الرئيس محمد مرسي على سبيل المثال العدوان، ووجه رسالة واضحة إلى "إسرائيل" بأن "مصر الثورة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يحدث في غزة"، وقام  رئيس الوزراء المصري حينها هشام قنديل بزيارة تضامنية إلى غزة هي الأولى من نوعها.

واتخذت تونس هي الأخرى موقف جريئا، وفي سابقة هي الأولى من نوعها، وصل وزير الخارجية التونسي آنذاك رفيق عبد السلام مع وفد رفيع المستوى يتضمن 12 وزيرا إلى غزة للتضامن مع الفلسطينيين.

بينما غيبت الحرب في سوريا الموقف السوري، كما أضعفت موقف حزب الله وإيران بسبب انشغالهما في دعم حليفهم بشار الأسد، وبدت مواقف باقي الدول العربية وفي مقدمتها السعودية محافظة كعادتها.

وفي حرب 2014، وبعد الانقلاب ضد مرسي في 3 يوليو 2013، تجمدت محاولات بناء المحور الجديد، ومنح الانقلبا قبلة الحياة لمحور الاعتدال القديم، وبدأ محور الاعتدال القديم يتمدد ليضم إلى جانب دول محور الاعتدال القديم، عددا أكبر من الدول في إطار هدف واحد مشترك يجمعهم وهو "محاربة الإرهاب والتطرف"، فضم العراق، وموريتانيا، والجزائر.

وتبدلت مواقف هذه الدول من الحرب على غزة وفقا لهذه التحولات الجديدة، فتمت محاصرة التحركات الشعبية المناصرة لغزة في مصر والجزائر، وانتقدت المعارضة الموريتانية الموقف الضعيف لحكومتها، مقارنة بالموقف عام 2008 عندما قطعت الحكومة علاقتها الدبلوماسية مع إسرائيل.

 واستمر الموقف الإيراني ضعيفا، وغاب الموقف السوري بسبب الانشغال بالحرب الدائرة في سوريا منذ عام 2011، فيما تكررت المواقف السابقة في دولتي قطر وتركيا القريبتين من محور الممانعة.

سادسا: جهود الوساطة المصرية

رغم تباين الموقف المصري في الحروب الثلاثة، وفق ما حدث من تغيرات في محوري الاعتدال والممانعة، إلا أنه ظل بحكم القرب الجغرافي مع قطاع غزة، اللاعب الأساسي في عملية التهدئة بين قطاع غزة و"إسرائيل" في الحروب الثلاثة.

- ففي حرب 2014 بدأت المفاوضات غير المباشرة  في القاهرة  4  آب، وغادر الوفد الفلسطيني والصهيوني القاهرة في 20  اغسطس وأعلنا عدم التوصل لاتفاق، قبل أن يتم الإعلان في 26  اغسطس عن التوصل لاتفاق، لتصبح هذه المفاوضات هي الأطول " استمرت 22 يوما ".

-في حرب 2012  لم تشهد القاهرة مفاوضات غير مباشرة بين الجانبين، وزارت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون آنذاك منطقة الشرق الأوسط، واستعانت بالرئيس المصري وقتها في التواصل مع الجانب الفلسطيني للتوصل لاتفاق، وتم إعلان اتفاق تهدئة من القاهرة بعد أيام قليلة في 21 نوفمبر 2012 خلال مؤتمر صحفي بمقر الرئاسة المصرية جمع كلينتون مع نظيرها المصري آنذاك محمد كامل عمرو .

-في حرب 2008-2009 ، أعلن رئيس الوزراء الصهيوني آنذاك إيهود أولمرت في 18 ديسمبر وقفا لإطلاق النار من طرف واحد في غزة بعد 22 يوما من الحرب.

 وقال أولمرت إن القرار استجابة من المجلس الأمني المصغر لطلب الرئيس المصري آنذاك حسني مبارك والذي أعرب عنه في اتصال هاتفي بين الاثنين.

وأعلنت وكالة انباء الشرق الأوسط المصرية أن أولمرت أجرى اتصالا هاتفيا بالرئيس المصري وأبلغه "رد إسرائيل الإيجابي" على المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار.

سابعا: المطالب الفلسطينية والصهيونية

تمحورت المطالب الفلسطينية في مفاوضات وقف إطلاق النار بالحروب الثلاثة حول فك الحصار وفتح المعابر، غير أنها أضافت في المفاوضات الخاصة بحرب 2014 مطالب إنشاء الميناء والمطار والإفراج عن الأسرى، وفي المقابل تطالب "إسرائيل" بنزع سلاح المقاومة، وضمان عدم إطلاق الصواريخ من قطاع غزة باتجاه "إسرائيل".

وانتهت المفاوضات في الحروب الثلاثة بإقرار وقف إطلاق النار وفتح المعابر، دون أن تحصل "إسرائيل" على وعود بتحقيق أهدافها من نزع سلاح المقاومة ووقف إطلاق الصواريخ.

غير أن ورقة التفاهمات في الحرب الأخيرة، تتفرد بأنها تتضمن موعدا بعد شهر لاستئناف المفاوضات بشأن الموضوعات الأخرى المطروحة من الطرفين.

اقرأ أيضا 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان