شكلت حالات الإعدام الميدانية التي نفذتها عناصر المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لعدد من العملاء مؤخرا حالة من السجال في المجتمع الفلسطيني، بين من يرى فيها الرد المناسب على هذه الظاهرة، وبين من يرى فيها خرقا للقوانين الفلسطينية، مطالبا بوضعها وفق الآليات القانونية والأطر الرسمية.
ورغم أن الشارع الفلسطيني في غالبيته يؤيد هذه الإعدامات ويباركها، ويرى فيها دعما للمقاومة، بل أحد أشكالها، لكن الانقسام حول مشروعيتها بات ظاهرا أكثر لدى النخب الفلسطينية المتنوعة، وبين المؤسسات الحقوقية والقانونية.
وفي هذا الإطار رأى مدير مركز القدس للدراسات الإسرائيلية والمحلل السياسي علاء الريماوي أن الحالة الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية "ليست شاذة عن بقية الثورات التي سبقتها في العالم، وانتهجت أسلوب الإعدامات الميدانية للعملاء، كونهم يشكلون خطرا حقيقيا على المجتمع بشكل عام، وعلى الحالة المقاومة بشكل خاص"، بحسب وكالة وطن للأنباء.
وأضاف أن الإعدامات التي جرت في غزة للعملاء لها جانبان: الأول قانونى يتبع حالة قانونية ثورية قائمة على الأرض، والثاني جانب متعلق بمدى خطورة العملاء الذين أعدموا، وما قاموا به من إضعاف للجبهة الداخلية، ومحاولتهم الوصول للفعل المقاوم وتخريبه، وهو ما استدعى تعاملا سريعا وفق إجراءات قانونية ثورية.
وانتقد الريماوي دور مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية في هذا المجال، التي انتقدت حالات الإعدام، مضيفا: "لدى هذه المؤسسات موقف مسبق وجاهز، عبارة عن استنكار دائم لمثل هذه الحالات والإجراءات الثورية، وهذا نابع من كونها تتلقى تمويلا أجنبيا، لن يستمر في حالة عدم استنكارها للإعدامات".
وطالب المنتقدين بتقديم البدائل الموضوعية الممكنة في ظل الحالة الميدانية في قطاع غزة، وتحت حالة الحرب المستمرة، وهدم جيش الاحتلال للبنى والمؤسسات القانونية في القطاع، والتوقف عن عملها، مؤكدا "ضرورة عدم تسليط المزيد من الضوء على هذا الموضوع في ظل الحالة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، نتيجة العدوان الإسرائيلي".
وقال إن "الشق الأهم في هذا الموضوع هو الضوابط التي يجب أن تلتزم بها المقاومة عند تنفيذ أي إعدامات بحق العملاء"، داعيا إلى أن تكون "الإعدامات دقيقة ومحدودة، وتحافظ على سرية أسماء العملاء، إضافة إلى التنسيق فيها مع الجهات القانونية والرسمية".
من جانبه، أكد المفوض العام للهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان أحمد حرب "الرفض المطلق لهذه الإعدامات"، منوها بـ"أهمية احترام القانون وإعماله في مختلف الظروف".
وقال إن هذه الإعدامات بالشكل الذي تمت به "لا تتوافق مع أحكام القانون، كما أن القانون الثوري الفلسطيني المستند عليه في هذه الإعدامات قديم، ولا ينطبق على الحالة الفلسطينية اليوم".
وطالب حرب بإيجاد "مرجعية قضائية وقانونية واضحة لمثل هذه الحالات، تكون المنوط بها فقط إثبات التهم وإنفاذ القانون على هؤلاء العملاء"، معتبرا أنهم كمؤسسات حقوق إنسان وبهذه المواقف لا يدافعون عن العملاء أو ظاهرة العمالة، وإنما يحرصون على تطبيق القانون الفلسطيني والالتزام بأحكامه.
وانتقد حرب الطريقة التي تمت بها حالات الإعدام والتوقيت، واصفا التوقيب بــ"السيئ جدا"، لاسيما في ظل انتظار وصول لجنة التحقيق الأممية المشكلة من مجلس حقوق الإنسان الدولي للتحقيق في جرائم الحرب داخل قطاع غزة.
وقال إن "هذه الإعدامات لا تخدم صورة المقاومة ولا صورة النضال الفلسطيني من أجل التحرر".
ورأى حرب أن "الإعدامات سوف تستغل من قبل جهات عديدة معادية للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إسرائيل، لاتهام قوى المقاومة الفلسطينية بارتكاب جرائم، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تغييب صورة الجرائم الإسرائيلية التي ترتكب في قطاع غزة"، معتبرا أنه كان من الأجدر "اعتقال هؤلاء العملاء والتحفظ عليهم، ثم تقديمهم للإجراءات القانونية لاتخاذ المقتضى القانوني بحقهم".
ودعا كل فصائل المقاومة الفلسطينية إلى "وقف كل أشكال الإعدامات وإخضاع العملاء للقوانين السارية، رغم الإدراك الكامل لخطورة العملاء وأعمالهم، من أجل الحفاظ على صورة المقاومة المشرفة والأخلاقية".
اقرأ أيضا:
أسرار سقوط 200 جاسوس إسرائيلي في غزة
أردوغان والمرزوقي يناقشان الأوضاع بغزة
الجواسيس.. سلاح اسرائيل الخفي ضد العرب
استشهاد 3 فلسطينيين ترفع حصيلة الحرب إلى 2102
فيديو..عباس يجب وقف نزيف الدم الفلسطيني
بالفيديو.. شهداء دفنهم الركام في غزة
"خليل الرحمن" رقم جديد في سجل المساجد المستهدفة بغزة
ارتفاع ضحايا غزة إلى 2100 شهيد