أكد المحلل الاستراتيجي لصحيفة" هآرتس" الإسرائيلية أن ما أسماه بـ" الإنقلاب العسكري " في مصر قد جدد القصة الرومانسية بين مصر وإسرائيل، وأن ما وصفهم بـ" جنرالات" مصر لا يجدون غضاضة في الاعتراف بامتنانهم لإسرائيل التي استغلت نفوذها في الكونجرس الأمريكي للحيلولة دون وصف ما جرى في مصر على أنه انقلاب عسكري.
وتناول في تحليل حمل عنوان" تحالف قديم جديد..الانقلاب في مصر جدد القصة الرومانسية بين القاهرة والقدس" المكاسب الإسرائيلية التي تمخض عنها الانقلاب بما فيها حصار حركة المقاومة الإسلامية حماس في غزة وإضعافها وتأمين الحدود الإسرائيلية الجنوبية.
وقال " هرئيل":إحدى نتائج الانقلاب العسكري في مصر هي استئناف تقدم العلاقات بين القاهرة والقدس. تفضل الدولتان الحفاظ على التطور القوي في علاقتهما تحت غطاء من الضباب المقصود، لكن الآن لم يسجل بالفعل تنسيق تكتيكي على الأرض فقط، بل تلاقي استراتيجي للمصالح. بعد سلسلة الثورات الدرامية التي اجتاحت مثر منذ يناير 2011، يصبح من الصعب بحال توقع ماذا سيحدث في الشهور القادمة، لكن على الأقل على المدى القصير سجل تغير إيجابي كبير في الحالة الأمنية لإسرائيل على الجبهة الجنوبية والغربية".
الكابيتول هيل
وعرج " هرئيل" إلى ما حدث في واشنطن منذ يوليو الماضي، وما بذلته إسرائيل من جهود دبلوماسية للضغط على إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لعدم تصنيف ما جرى في مصر على أنه انقلاب عسكري، وأضاف:" إعلان مثل هذا وتحديدا ما يوجبه من إجراءات، كان من الممكن أن يشكل معضلة بالنسبة للجيش المصري. الرئيس أوباما كانت له حسابات خاصة لعدم وصف ما جرى بانقلاب عسكري.وقد استند مساعدو الرئيس إلى تبريرين: الأول- ملايين المواطنين المصريين أيدوا خطوات الجيش. ثانيا- الجيش عرض خارطة طريق للعودة للديمقراطية".
ويمضي الخبير الاستراتيجي الإسرائيلي بقوله:" بالفعل حدث في مصر انقلاب عسكري بكل ما تحمله الكلمة من معان، لكن بدا أن مصالح الإدارة الأمريكية، إضافة إلى مساعدة محدودة من إسرائيل ومؤيديها تحديدا في الكابيتول هيل ( الكونجرس الأمريكي) منعت هذا الإعلان.وقد عرف الجنرالات المصريون إظهار حقيقة شعورهم بالإمتنان. ومنذ ذلك الوقت سُجل بين القاهرة والقدس قصة رومانسية مفاجئة، ونظرت إسرائيل بترحيب للعمليات ضد الإرهاب بسيناء وضد نظام حماس في غزة".
ولفت" هرئيل" إلى أنه منذ ثورة يناير 2011 شهدت العلاقات بين مصر وإسرائيل "اختبارات قاسية" مشيرا إلى الحادث الذي تم فيه انقاذ حراس السفير الإسرائيلي بالقاهرة من أيدي الجماهير الغاضبة، بعد تدخل أمريكي على حد قوله.
وأكد أنه وعلى الرغم من تجميد الرئيس المعزول محمد مرسي العلاقات في القنوات الدبلوماسية، لكنه سمح للدوائر العسكرية والمخابراتية في مصر" بالإستمرار في العلاقات مع نظرائهم الإسرائيليين، الذين واصلوا زياراتهم للقاهرة بشكل سري. الآن الجيش بالفعل هو السلطة في مصر والعلاقات مع إسرائيل تقدمت وفقا لذلك".
أزمة حماس
وفيما يتعلق بالمكاسب التي حققتها إسرائيل في قطاع غزة بعد الإنقلاب العسكري يقول" هرئيل": في غزة استفادت إسرائيل من الضغط المصري اليومي على حماس، الذي لم تعد تتجرأ حتى على التفكير في إطلاق الصواريخ على إسرائيل أو السماح للتنظيمات الفلسطينية الصغيرة بإطلاق النار. قيادة حماس في غزة والتي لا تزال حزينة ومتفاجئة من الشكل العنيف والفعال الذي تم به الإطاحة برؤوس الحركة الشقيقة من الحكم في القاهرة، تحرص على الامتثال. حتى أنها قامت في عدة مرات بايقاف نشطاء كانوا يخططون لإطلاق النار. ولكن على المدى البعيد تواجه حماس أزمة متصاعدة".
وتناول الصحفي الإسرائيلي ملامح تلك الأزمة التي تتمثل في خسارتها لكافة حلفائها سواء نظام الرئيس المصري المخلوع، وإيران وسوريا بعد إدانتها للمجازر التي يرتكبها نظام الأسد وهو ما تمخض عن وقف تدفق المال والسلاح من إيران لحماس في غزة على حد قوله.
وأوضح أن تدمير الجيش المصري لكافة الأنفاق الرابطة بين سيناء وقطاع غزة قد فاقم من أزمة الوقود داخل القطاع، الأمر الذي يجعل حماس مضطرة لاستيراد الوقود من إسرائيل بستة أضعاف ثمنه، لافتا إلى الأزمة التي يعاني منها الفلسطينيون على معبر رفح حيث يضطرون أحيانا إلى الإنتظار لأيام حتى يسمح لهم بالمرور، إضافة إلى هدم الجيش مئات المنازل في رفح المصرية بهدف إنشاء منطقة عازلة تمنع استخدام الأنفاق على مسافة كيلومتر من الحدود.
معلومات كاذبة
ويردف الإسرائيلي" هرئيل" بقوله :" جنبا إلى جنب نشرت مصر معلومات كثيرة- بعضها على الأقل تبدو كاذبة- عن مساعدة محتملة لحماس وفصائل فلسطينية أخرى في القطاع للتنظيمات الإرهابية الإسلامية في سيناء" ويؤكد الصحفي الإسرائيلي أن العمليات" القاسية" للجيش المصري ضد ما أسماها بالشبكات الإرهابية قد قلص من محاولات إطلاق صواريخ من سيناء تجاه إسرائيل باستثناء حادث منفرد عندما تم إطلاق صاروخ على إيلات في أغسطس.
وخلص" عاموس هرئيل" إلى أن " القمع العنيف" للإخوان المسلمين في مصر يعكس رؤية الجنرالات في كونها حرب "حياة أو موت حيث كل الوسائل فيها مباحة"، ساخرا من محاولات الإعلام المصري الزج باسم حماس في محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري محمد إيراهيم قبل أيام مؤكدا أنها " نظرية مشكوك فيها" لكنها "جيدة لكبح زمام حماس في غزة".