تربية الطفل على الاعتماد على نفسه ينضج شخصيته وينمى ثقته فى نفسه وفى قدرته على إدارة حياته مستقبلا.
فالتربية هدفها إعداد إنسان ناضج قادر على مواجهة الحياة بحلوها ومرها لتحقيق السعادة والنجاح، وعادة ما تخطئ الأمهات في تدليل الطفل، والعمل على راحته، وإسعاده وخدمته، بل وانجاحه بكل الطرق والوسائل الممكنة دون أن يبذل أدنى مجهود فى تحصيل ذلك، فينشأ اعتمادي، مدلل غير قادر على أن يتحمل مسئولية نفسه، وكذلك تكرس في نفسه الاحساس بالأنانية، وأن الجميع لابد أن يكونوا فى خدمته ورعايته ويعملون على رفاهيته.
قاعدة ذهبية
ويبدأ التدريب على الاعتماد على النفس من سنوات الطفل الأولى، وذلك بتعويده وتدريبه على خدمه نفسه بنفسه، فى الأكل والنوم والاستحمام وقضاء الحاجة، وتغيير الملابس وترتيب حجرته، و تنظيم لعبه.. ثم فى عمل الواجبات والمذاكرة والذهاب إلى تدريباته و دروسه.. ومعالجة مشكلات المدرسة والنادي والجيران.
"فطالما الطفل قادر على عمل شيء ما.. فلابد أن يقوم هو بعمله" هذه هي القاعدة التربوية في الاعتماد على النفس.."لا تطعمني سمكة.. بل علمني كيف اصطاد "
هناك أمهات تستمر فى اطعام أطفالها، ومساعدتهم فى دخول الحمام وتغيير الملابس، وترتيب الحجرة حتى سن متأخرة جدا، ثم تشكو من زيادة المسئوليات ومن طلبات أولادها التي لا تنتهى برغم تقدم سنهم.
والأم التي تزيد مسئولياتها تجاه أبنائها مع تقدمهم في العمر، هي أم فشلت في تعويدهم الاعتماد على أنفسهم، وأسهمت في تنشئة جيل اعتمادي غير ناضج.
ولابد أن تعلم أن مع زيادة اعمار أبنائها، يزيد عمرها وتصبح أقل قدرة نفسيا وجسديا على تلبية هذه الطلبات.
"ماما.. أنا عايز....."
فقد رأيت إحداهن تقف بجوار أبنائها الجامعيين وهم يأكلون ولكل منهم طلباته.. "ماما عايز مية، ماما الأكل دا مش عاجبني، ماما الأكل بارد، ماما.. ماما.. ماما، وهي تقف بجوارهم كما لو أنها خادم مطيع تحضر لهذا الماء، وتسخن لهذا الطعام، وتحضر لهذا طعاما آخر يحبه."
ليس هذا هو حب وحنان الأم.. إنه إهدار لكرامتها قبل أن يكون إهدار لصحتها النفسية والجسمانية فالأمومة لا تعني الخدمة.
و كونكم أب أو أم لا يعنى أن تظلوا في خدمة أبنائكم إلى ما شاء الله، وهم قادرون على خدمة أنفسهم، فقد لا يرغب طفلك في خدمة نفسه، ولكنه قادر عليها.
اترك أبنك في الدنيا وهو قادر على خدمة نفسه والآخرين، وليس اعتمادي واتكالي، ده يطعم نفسه ويحضر طعامه، ويكوي ملابسه، ويذاكر لنفسه، ويبحث عن عمل، ويخطط لنفسه، ويفكر ويقرر، حتي ينشأ مستقل قادر على بناء حياة سعيدة ومثالية.
فإن لم يتعود الطفل من صغره على حل مشكلاته الصغرى، واتخاذ قراراته، وتبنى اختياراته، وتحمل مسئوليته، فلن يستطيع أن يحل مشكلاته الكبرى، وسينهار عند مواجهة مصاعب الحياة.
قاوم.. تنجح
لابد أن يعلم الوالدين أنهم لن يعيشوا في خدمة ومساعدة أبنائهم طوال العمر، فإن عاشوا سنوات يحلوا مشكلاتهم، ويتخذوا لهم قراراتهم.. فماذا سيكون حالهم في عدم وجود أحد الوالدين بجانبهم؟
لذلك ننصح الوالدين بمقاومة...
- الاستسهال.. "أن تقوم بالعمل بنفسك" - الرغبة في الاتقان.. فلابد لطفلك ان يتدرب حتى يتقن. - الرغبة في أن يتم العمل بشكل أسرع.. تقبل تكاسله وتسويفه ومماطلته حتي يتم العمل. - قاوم احساسك بأنه طفل صغير لا يستطيع.. فكل شيء يمكن عمله بالتدريب.
- رغبتك في السيطرة وأن يكون كلامك وتصرفك هو الصحيح فقط.. دعه يؤدى المهام بطريقته حتى وإن لم تعجبك. - رغبتك في التملك.. دعه يتخذ قرارات حياته بنفسه . - رغبتك في منح الحنان السلبي، والرعاية المدللة.. فقد يكون حنانك ورعايتك الزائدة مدمرة لشخصيته واستقلاليته واعتماده على ذاته.
والقاعدة الماسية
دربه.. وعلمه
واصبر على.. تكاسله، وعنده، وعدم رغبته، ومماطلته.
ولا تستجب لها حتى.. يتعلم، ويتعود، وينضج، ويصلب عوده لمواجهة الحياة.
اقرأ أيضا:
كيف نربي أبناءنا؟ في إجازة الصيف.. لا تحفظ ابنك القرآن! 9 طرق لتسعد أطفالك بالعيد الأطفال والأسئلة الجنسية "ابنك بيكره الأكل"؟!.. أنت السبب هل أدمنت ضرب طفلك؟ "طفلك سلاحه الزن".. تعاملي بحكمة في أسبوعين.. استغني عن حفاظ طفلك