مخاوف من صدام بين الحكومة والجيش في باكستان

أعلن رئيس الوزراء الباكستاني "نواز شريف"، في خطابه أمام البرلمان أمس الاثنين، أن حكومته ستحاكم الحاكم العسكري السابق للبلاد "برويز مشرف" الموضوع حاليًا في الإقامة الجبرية بتهمة الخيانة العظمى؛ في خطوة تثير صدامًا محتملاً بين الحكومة والجيش الباكستاني القوي النفوذ في البلاد.

وأشارت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية إلى أن الحكومة سترفع قضية ضد "برويز مشرف" في المحكمة العليا بتهمة الخيانة العظمى بسبب تجاوزه الدستور مرتين؛ الأولى في أكتوبر 1999 حين قام بحل الحكومة، فيما كانت البلاد على طريق التقدم ولم يكن هناك أي شيء غير طبيعي يدعو لحل الحكومة، والثانية في نوفمبر 2007 حين وضع قضاة المحاكم العليا بالإقامة الجبرية وفرض حالة الطوارئ في البلاد. وأعلن رئيس الحكومة: "قررنا رفع قضية خيانة عظمى ضد مشرف وفقا للمادة السادسة من الدستور"، حيث إن مشرف الذي عاد إلى باكستان من منفاه الاختياري في وقت سابق من هذا العام يخضع حاليا للإقامة الجبرية في منزله ويواجه سلسلة من الاتهامات تتعلق بارتكابه انتهاكات وجرائم قتل مدفوعة باعتبارات سياسية وإساءة لاستخدام السلطة خلال فترة حكمه. وقال "نواز شريف": "على مشرف أن يواجه أمام المحكمة التهم الموجهة إليه، سنتابع الإجراءات القضائية وسنطلع كافة القوى السياسية بها"، وأوضح: "تعتبر الحكومة الفدرالية أن تعليق الدستور خيانة عظمى". ورحبت أحزاب معارضة بإعلان الحكومة وأعربت عن دعمها له ودعت إلى محاكمة كل من أيّد ما قام به مشرّف بتهمة الخيانة العظمى. على الجانب الآخر، أثارت قسوة الحكومة مع "برويز مشرف" بمحاكمته أمام القضاء توتر شديد واضطرابات داخل صفوف الجيش الباكستاني وغضب القوات المسلحة بوجه عام، حيث يشعر الضباط والجنود بالقلق الشديد إزاء رؤيتهم حاكم الجيش السابق ينجر إلى المحاكم وقد يواجه عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد التي هي ثمن الخيانة العظمى في باكستان؛ وهي خطوة تُعد صادمة للجيش الذي حكم باكستان لأكثر من نصف تاريخها منذ تأسيسها قبل 66 عاما. فضلا عن أن اعتقال مشرف خالف فيما يبدو قاعدة تنطوي على عدم المساس بكبار ضباط الجيش حتى بعد تقاعدهم، وأشار القائد الحالي للجيش إلى عدم رضا الجيش عن معاملة مشرف. ويرى منتقدو هذه الاتهامات أن "برويز مشرف" لم يصدر القرارات بمفرده والتي يُعاقب عليها الآن بتهمة الخيانة العظمى؛ فقد حظي حينها بدعم كبار الضباط والمسئولين المدنيين عندما كان في السلطة. ولفتت الصحيفة إلى أن رئيس الحكومة "نواز شريف" قد يكون يأمل من خلال دعم الأحزاب السياسية لهذه المحاكمة في وضع حد للتدخل العسكري الكبير في البلاد. ووصف متحدث باسم مشرف إعلان رئيس الحكومة بأنه "طائش وغير مدروس"، قائلا إن هدفه الإلهاء عن قضايا وطنية أكثر إلحاحا. وكان "برويز مشرف" قد أطاح برئيس الحكومة الحالي "نواز شريف" في انقلاب منذ 14 عاما ليختصر ولايته الثانية كرئيس للوزراء، وانتقل شريف بعد ذلك إلى المنفى الاختياري في السعودية. ويشير قرار شريف اتخاذ إجراء ضد مشرف إلى أنه اختار أن يكون أكثر حزما من الحكومة السابقة مع الجيش. وكان مشرف حليفا رئيسيا للرئيس الأمريكي السابق "جورج بوش" في السنوات الأولى من "الحرب ضد الإرهاب" التي قادتها الولايات المتحدة، وقضى نحو أربع سنوات في منفى اختياري، وعاد إلى باكستان على أمل خوض انتخابات مايو، لكن تم وضعه قيد الإقامة الجبرية. تجدر الإشارة إلى أن لدى باكستان تاريخ من الانقلابات، حيث قام خمسة من قادة الجيش آخرهم مشرف بانقلابات على حكومات متعددة منذ استقلال باكستان عام 1947، وسيكون مشرف الأول الذي يواجه تهما بالخيانة.

مقالات متعلقة