للأمهات.. أنتِ أفضل أخصائية لطفلكِ التوحدي

ندوة حول اكتشاف اضطراب التوحد ومواجهته

طفل لا يشبه أقرانه.. لا يستطيع اللعب معهم.. ربما لا يفهم من يتكلم معه.. نظراته بريئة ولكن لا يمكن أن تلتقي عيناك بعينيه مطلقًا.. ربما يجلس بمفرده طويلاً.. ربما يلعب بنفس الدمية ويأكل نفس نوع الطعام.. عندما يريد شيئا يأخذ بيد أمه لهذا الشيء ليأخذه.  

كل هذه تعد سمات تدل على أن هناك احتمالات تقول إن هذا الطفل الجميل مصاب بالتوحد.. والتوحد كلمة انتشرت كثيرا على مواقع الإنترنت والبرامج التليفزيونية جميعها تتكلم عن شيء مبهم بالنسبة للكثير منا لا يعرف عنه سوى أن الطفل مريض بمرض عقلي وهو طفل غير سوي.

من أجل فك طلاسم هذا المفهوم وتيسره، تحدث إلينا عادل السمنودي أخصائى التربية الخاصة عبر بث تفاعلي مباشر أقيم اليوم في الواحدة ظهرا بعنوان "اكتشاف اضطراب التوحد وعلاجه"، تحدثنا عن مفهوم التوحد وكيف نكتشفه وكيفية تعامل الآباء مع الطفل التوحدي.

التوحد ليس مرضًا

أوضح عادل السمنودي أخصائي التربية الخاصة، أن التوحد يعد اضطرابا وليس إعاقة أو مرضا، كما يعتقد البعض، وهو اضطراب يولد به الطفل ويظهر في الثلاث سنوات الأولى من عمره، وتعريفه اصطلاحيا هو "أحد اضطرابات النمو ويؤثر في اللغة والسلوك والتفاعل الاجتماعي للطفل".

والتوحد لا يمكن اكتسابه.. أي من غير الممكن أن يكون طفل سليم ويكتسب سمات التوحد من أحد أقرانه، وهذه نقطة شائعة عند بعض الأمهات أنها تبعد أطفالها عن الأطفال المصابين بالتوحد حتى لا تحدث عدوى لهم.. وللأسف هذا يسبب إحراجا شديدا لأسرة الطفل التوحدي ويساهم بشكل كبير في عدم اكتمال تأهيل الطفل، لأنه يبتعد عن البيئة الاجتماعية العادية التي يجب أن يظل فيها.  

سمات الطفل التوحدي

وبيّن السمنودي أن هناك سمات إذا رأينا يمكن أن نشك – نشك ولا نتأكد - أن هذا الطفل لديه سمات توحدية وهذه السمات، هي:

غياب الابتسامة عندما يحمله أحد. عدم الشعور بالضيق عند مفارقة أحد الأبوين. العزوف عن مشاركة أقرانه في اللعب. عجز في فهم المشاعر والانفعالات. غياب اللعب التخيلي.. فمثلاً لا تجده يلعب بدمية ويطعمها وينيمها مثل باقي الأطفال. عجز بالتواصل بالعين.. طفل التوحد لا يستطيع أن يتواصل معك بعينيه مطلقا ينظر نظرة سريعة جدا. غياب المناغاة وقلة الأصوات في التعبير. يحب الدوران حول نفسه أو حول الأشياء. وجود حركات تكرارية نمطية مثل هز اليدين "الرفرفة".. أو ثني الجزع للأمام وللخلف. وجود روتينية في كل نظام حياته.. لا يمكن تغيير لعبته أو مكان صندوق ألعابه أو طعامه مثلاً. برود أو حساسية زائدة "مثلا عندما يجرج فتجده إما أنه غير منتبه ولا يبكي مثلاً، أو يبكي بكاءً هستيريًا يستمر ليوم كامل مع أن الجرح بسيط جدًا. يبدي اهتماما فائقا بصوت الساعة أو صوت المطر ويظل يراقبها كثيرا، وكذلك تجده ينتبه للإعلانات التليفزيونية ويقلدها بالصوت والحركات. لعق الأشياء ووضعها في فمه. حدوث تقلبات مزاجية.. ضحك أو بكاء دون سبب.

ويشدد أخصائي التربية الخاصة على أنه من الخطأ أن تأخذ أي أم هذه الصفات وتراقب طفلها وتقول إن لديه اضطراب توحد.. لأن هذه السمات يمكن أن تكون من أسباب نفسية مثلاً غير التوحد، لذلك فالتشخيص له مراحل أخرى لكي نحكم على أن هذا الطفل مصاب بالتوحد.. فلا تنزعج أي أم تجد واحدة من هذه الصفات تنطبق على طفلها.. فقط عليك متابعة باقي مراحل التشخيص ولا نصاب بالوسوسة في هذا الأمر.

كيف نشخص التوحد؟

عندما يأتي إلينا طفل ونشك أنه مصاب بالتوحد لابد أن يمر بمراحل تشخيص وهي:

عرضه على دكتور مخ وأعصاب للتأكد من وظائف العقل.. وطفل التوحد وظائفه العقلية في الأغلب تكون جيدة وسليمة، ولذلك لا يعد إعاقة، هو فقط لديه اضطراب وجداني أو التهابات في الجهاز العصبي المركزي المسؤول عن نقل الإشارات من وإلى المخ. عرضه على دكتور سمعيات للتأكد من أعضاء الكلام والسمع.. لأن من الممكن أن يكون الطفل لا يستجيب للأوامر، ليس لأنه مصاب بالتوحد ولكن فقط لديه مشكلة في السمع. عرضه على دكتور نفسي أطفال للتأكد أن هذه الأعراض أعراض توحد وليست أعراضًا نفسية أخرى.

 

الأم أفضل أخصائية لطفلها

وأكد عادل السمنودي أن بعد هذه المراحل من التشخيص يمكن في هذا الوقت نتأكد أن الطفل لديه اضطراب التوحد ونلاحظ عليه الآتي:

لا يدرك المعنى الحقيقي للعب.. مثلاً إذا أحضرت له سيارة يقلبها فقط ويلف عجلاتها ولا يسيرها مثل باقي الأطفال. يصدر نشاطا بدنيا خاملا أو زائدا.. نلاحظ عليه النشاط الزائد الملحوظ أو الخمول التام من كل شيء. لا يخاف الخطر.. يقترب من مصادر الخطر، ولذلك على الأم مراقبة ذلك وتعويده أن هذا خطر فهو لا يعرف. يظهر اهتماما بالغا بأشياء ليس لها معنى.. فمثلاً يقفل على يديه جدا وكأنه يحتفظ بشيء ثمين وعند فتح يده بعناء نجد أن بيده ورقة صغيرة أو كيسا فارغا. لا يعرف أهمية الأشياء.. فمثلا يرمي الألعاب الغالية الثمن ويمسك بأشياء بسيطة مثل منديل أو ورقة.

كل هذه أعراض تظهر على طفل التوحد ويمكن تأهيله ليقترب من مستوى الطفل العادي، ولكن لا يمكن أن يتم ذلك إلا بمساعدة الأم.. فالأم هي أنجح أخصائية مع طفلها، لأنها تقضي معه يومه كاملا.. يمكن من خلال اليوم أن تعلمه بالتكرار مثلا أن النار خطر ويمكن أن تعلمه أن يعتمد على نفسه في الأكل والشرب بالتكرار والمثابرة، ولا تعتمد أن هناك أخصائيًا يتابع مع الطفل، فدورها لا يمكن نسيانه، بل بالعكس دورها يساعد الطفل على تخطي الصعوبات والتأهيل بشكل سريع.

 

مشاركات الجمهور

تفاعل جمهور الموقع مع موضوع التوحد ووردت إلينا العديد من الأسئلة كان منها:  

سألت أم: هل يمكن أن يذهب طفل التوحد لمدرسة عادية؟

وأجاب السمنودي بأنه من الممكن أن يحدث هذا، ولكن بعد التأهيل الجيد، وإذا كان الاضطراب شديدا فيمكن أن يذهب للمدرسة، ولكن يذهب معه مساعدة تبسط له المناهج، وهناك أطفال لديهم توحد ولديهم نسبة ذكاء شديدة جدًا.

ولكن طفل التوحد مثله مثل أي طفل، لابد أن نهتم بالجانب الاجتماعي ولا نعتمد على جلسات التأهيل التي يجلس الطفل من خلالها يقوم بفك وتركيب البازل.. فمن غير المعقول أن يكون طفل لا يفعل سوى فك وتركيب البازل أن يكون لديه مهارات اجتماعية أو يكون طفلا عاديا، لذلك هنا يظهر دور الأمر بشدة في الاهتمام بهذا الجانب مع طفلها وتنزل لمستوى نظره وفهمه، مثلاً هو يريد أن يشرب فتأخذ بيده وتقول "احنا رايحين نجيب مية"، بصوت به نغمة وتمسك يده وتأخذ زجاجة المياه وتفرغها في الكوب ويشرب وتشجعه بالكلمات وتكرر عليه ماذا يفعل.. مثله مثل أي طفل إن غاب عنه هذا الجانب لا يمكن أن يكون طفلا عاديا.. وبالتكرار سيصبح طفلك مثلما تريدين ويعتمد على نفسه في تلبية احتياجاته.  

ووصل أيضًا لدينا سؤال يقول: هل يمكن علاج التوحد والشفاء منه؟

وقال السمنودي إن أسباب التوحد ليست معروفة إلى الآن، فلا ندري لماذا يحدث التحدث، وبالتالي لا نعرف كيف نعالجه، ولكن يمكن أن نؤهل فقط لكي نقلل الفجوة بين طفل الطفل والطفل العادي.

 

وسألت أم محمد: هل من الصحيح أن نبعد الطفل المصاب بالتوحد عن المناسبات الاجتماعية وعن الاختلاط بالناس؟

وأجاب بأن طفل التوحد لابد أن يختلط بالبيئة الاجتماعية الطبيعية المحيطة به، وهذا يعد أسرع علاج للطفل، فنكران حالة الطفل مثلاً وإصرار الأهل أن يذهبوا به لمدرسة عادية ولا يقولوا للمدرسة أنه مصاب بالتوحد للخجل من ذلك يعقد المشكلة أكثر مما يعالجها، تعاملي مع طفلك على أنه طفل عادي يحتاج فقط رعاية خاصة، والرعاية الخاصة لا تعني التدليل الزائد، بالعكس التدليل يفسد التأهيل ولكن الرعاية بمعنى أن تهتمي بجوانبه العقلية والاجتماعية معنا دون إغفال أي جانب منها.

 

وسألت أم يوسف: أين حق الطفل التوحدي في التعليم المجاني؟

وناشد السمنودي من خلال هذه السؤال المسؤولين في الدولة، أن الأسرة التي لديها طفل توحدي تنفق عليه الكثير من المال في المراكز الخاصة بالتأهيل والكثير في هذا المجال يتعاملون معه كتجارة رابحة وليس أكثر، لذلك يجب على الدولة دعم هذا الجانب المتغافل عنه لأن طفل التوحد له حق مثله مثل أي طفل.  

وجاء في ختام الحوار سؤال عن أهمية دور الأب والأم في تأهيل طفل التوحد؟

وقال السمنودي إن الأم هي أفضل أخصائية للتوحد لأنها تقضي معه يومه كاملا، وهي التي تستطيع أن توصل قدرات طفلها لقدرات الطفل العادي، ساعدي طفلك وخذي بيديه وعرفيه على العالم المحيط به وبالتكرار ستصلين لنتائج مبهرة، ولا يجب عليكِ التدليل الزائد لأنه يفسد تأهيل الطفل ويمنع التليفزيون مطلقا عن الطفل لأنه يفسد ما تعلمينه لطفلك ويقضى على مهاراته، علميه الاعتماد على نفسه وساعديه بالصبر وبالتكرار.  

اقرأ أيضًا:

متخصص: طفلا آكلي لحوم البشر يقلدان دراكولا أطفال التوحد.. إهمال وطرد من المدارس

مقالات متعلقة