ارتبط اسم "أبو العربى" فى أذهان المصريين بأهل مدينة بورسعيد، كشخصية فلكلورية تروى حكايات خيالية تسعى إلى إقناع المستمعين بحقيقتها، وجسدها الفنان هانى رمزى فى فيلم "أبو العربى وصل".
كما اعتمد أى منولوجست بنسبة كبيرة على نكات "أبو العربى"، وارتبطت لهجته الخاصة التى استمدها من سكان "المطرية" بأهل بورسعيد، ولم يلتفت أحد وسط هذا الصخب الذى يحيط بتلك الشخصية إلى ما يحمله هذا الاسم من معان وقيم للنضال.
أصل الحكاية
المؤرخ البورسعيدى مصطفى المنجى يروى أصل حكاية "أبو العربى" لـ"مصر العربية" قائلا: "أبو العربى ليس مجرد اسم يطلق على شخصية كوميدية، بل يعود إلى زمن العدوان الثلاثى على بورسعيد عام 1956، فلقد كانت بورسعيد مقسمة إلى حيين (الحى الإفرنجى) وكان يسكنه الأوروبيون فقط ولا يدخله أى مصرى أو عربى إلا للعمل كخادم لدى الغرب، والثانى (حى العرب) وسمى العرب لكثرة العائلات العربية القادمة من سوريا وفلسطين والشام بصفة عامة، والتى كانت تسكنه جنبا إلى جنب مع عائلات الصعيد التى ساهمت فى حفر قناة السويس، بالإضافة إلى (البمبوطية) وهم السكان الأصليين للمدينة.
وأوضح المنجى أن عمليات المقاومة الشعبية كانت تنطلق من حى العرب باتجاه الحى الإفرنجى الذى يسكنه الأجانب، ومن هنا جاءت كلمة (أبو العربى) المرتبطة بحس المقاومة نسبة لأهالى الحى العربى ضد العدوان، وقد حرص الأهالى على تسمية كل مولود يأتيهم بـ"السيد العربى أو العربى"، فهذا الاسم يعنى فى بورسعيد المقاومة ومواجهة الأخطار.
التحليل النفسى
يقول دكتور محمد يوسف، أخصائى علم نفس واجتماع، إن أبو العربى شخصية "فلكلورية"، ارتبطت بالأعمال الخارقة للعادة، أو كما يقال فى اللغة العامية (الفشر)، وكان عدد من البورسعيدية يتحدثون عن مقاومة أجدادهم للمحتل الإنجليزى ويصفونها بالخارقة والبطولية، وأحيانا يتجاوزون الحدود ليرووا قصصا بطولية خرافية بعيدة عن الواقع، الأهم أنه اسم يعنى المقاومة والنضال.
وأشار يوسف لـ"مصر العربية" إلى أنه مع مرور الوقت تحول الاسم البطولى إلى مصدر للسخرية من أهل بورسعيد، وقد ظهر ذلك فى عدد من الأعمال الفنية والنكات التى كان بطلها "أبو العربى" وحكاياته الخارقة وما بها من"فشر"، مما جعل البورسعيدية يصابون بحالة من الضيق والاستياء من اسم يرمز للنضال تحول إلى اسم يطاردهم فى كل مكان يذهبون إليه بدافع السخرية.
وأوضح أن الإعلام لعب دورا كبيرا فى توجيه الرأى العام تجاه المعنى الخاطئ للاسم، وعدم لفت أنظار المستمعين والمشاهدين وتوعيتهم بالمعنى الحقيقى لاسم "أبو العربى"، بالإضافة إلى السينما.
وأكد أخصائى علم النفس والاجتماع أن هناك أبحاثا علمية أثبتت أن "الفشر" ليس هو الصفة الغالبة بين أهالى بورسعيد، وإنما صفات الجدعنة والرجولة وحب الوطن والعزة والكرامة وأنهم دائمو المعارضة لأى نظام حاكم.
إحنا مش فشارين
حسن سليم، تاجر بورسعيدى، يقول: "إحنا مش فشارين والإعلام والسينما ظلمونا، حتى اللهجة التى نسبوها إلينا ليست لهجتنا وإنما لهجة سكان المطرية، فالبورسعيدى مش فشار وإنما جدع وراجل وعنده كرامة وأكتر محافظة بتحب مصر وضحت من أجلها".
مروة الخولى، مهندسة، أكدت أنها تصاب بحالة من الاستياء والحزن عندما ترى الفهم الخاطئ لأبناء الشعب المصرى عن اسم "أبو العربى"، فبدلا من أن يكون اسما للفخر والنضال والتضحية تحول إلى مصدر سخرية منا، بالرغم من أن هذا مخالف للحقيقة وطبيعة الشعب البورسعيدي.
اقرأ أيضا:
حميات بورسعيد.. الأطباء يحضرون بعد تهديدهم بالشرطة
بالصور.. "جدار عازل" داخل مدرسة فى بورسعيد
المعديات.. نعوش محتملة لـ100 ألف بورسعيدى يوميًا
محيط مبنى هيئة قناة السويس ببورسعيد مقلب قمامة
بالصور.. مدرسة على بن أبى طالب ببورسعيد "حظيرة مواشي"
أبو العطا.. ميدان شهيد تحوَّل لمقلب قمامة فى بورسعيد