الإضراب عن الطعام ..الاستجابة إلى المطالب أو الموت دونها

علاء عبد الفتاح

"علاء عبد الفتاح، محمد سلطان، إبراهيم اليماني، سعيد شاكر، ماهينور المصري، أحمد جمال زيادة"، والقائمة مازالت تطول يوما بعد يوم، أسماء معروفة وأخرى مجهولة لم يجدوا وسيلة للتعبير عما يتعرضون له سوى بالإضراب عن الطعام تحت شعار: "جِبْنا أخرنا”.

وعلى الرغم من تجاوز بعضهم حيز 200 يوم من الإضراب مازالت السلطة لم تستجب لهم، فمحمد سلطان تجاوز إضرابه 212 يومًا، من الإضراب عن الطعام اعتراضًا على حبسه احتياطيًا لمدة عام، ولكنه ليس الحالة الوحيدة فتلك القائمة انضم لها الآن عدد كبير من النشطاء المعتقلين.

"رفضا للتعذيب الممنهج والإهانة، وتأجيل المحاكمات المستمر، سوء المعاملة داخل أماكن الاحتجاز، والحبس الاحتياطي"، كانت تلك أسباب الإضراب وفقا لبيان حملة الحرية للجدعان الصادر اليوم.

"يضرب المعتقلون في بلد مات فيه القانون، فلم تعد ثمة وسيلة للحصول على أبسط الحقوق سوى التضحية بالحياة، بعضهم محبوس احتياطيًا والبعض الآخر محكوم عليه بالفعل في قضايا سياسية، أما ما يجمعهم فإنهم جميعًا سجنوا بحثاً عن الحرية، حريتنا جميعا، لكنهم دفعوا وحدهم الثمن، ولا زالوا، منهم من يرقد والده على فراش المرض ولا يستطيع مرافقته، منهم من يعاني من ظروف صحية متدهورة لا تسمح باحتجازه"، ليصبح خيار الإضراب هو الخيار الوحيد هل أحد يستجيب لمطالبهم أو يهلكون دونها.

الخطوة الأخيرة

ويقول مختار منير، محامي بمؤسسة حرية الفكر والتعبير ومحامي الصحفي أحمد جمال زيادة: إن الإضراب عن الطعام أسلوب من أساليب الضغط التي يتبعها المعتقل، ولكنها تكون آخر الخطوات التي يتخذها، لشعورهم بالظلم والتنكيل بهم وممارسة الحبس الاحتياطي عليهم كعقوبة في حد ذاتها، للمطالبة بالإفراج عنهم.

وأضاف لـ"مصر العربية"، أن هناك عددا من الخطوات القانونية التي يتخذونها لإثبات الإضراب وتحويله لوسيلة ضغط قانونية، من خلال إبلاغ إدارة السجن أو مأمور القسم وتحرير محضر بالإضراب، مشيرًا إلى أن الدولة تمارس نوعًا من الضغوط النفسية ضد المضربين من بينها منع الزيارات أو الحبس الانفرادي.

وأوضح منير أن الدول بشكل عام تخشى فكرة الإضراب عن الطعام لكونه يعرض حياة المواطنين للخطر، فتقوم بتلبية رغباته أو على الأقل تجرى تحقيقا شفافا فى القضية الخاصة به، متابعا :"لكن هذا لا يحدث عندنا، لأننا في دولة الحق في الحياة فيها أو حق المواطن لا يمارس كما يجب أن يكون، وهو ما يظهر فى أحكام الإعدام المتعددة التي صدرت فى الفترة الأخيرة ، نحن فى دولة لا تخاف على حياة المواطنين".

وأشار منير إلى أن هناك عددا من الضغوط تمارس على بعض المضربين لفك إضرابهم، مشيرًا إلى أن داخل قسم الجيزة أضرب منذ يوم 23 أغسطس 11 معتقلًا عن الطعام احتجاجًا على اعتقالهم منذ 5 شهور على ذمة الحبس الاحتياطي، موضحًا أن مأمور القسم حاول الضغط عليهم لفك الإضراب، ولكنهم رفضوا، وفى النهاية أجبرهم على التوقيع أنهم غير مضربين عن الطعام، على حد قوله.

وحول وضع الصحفي أحمد جمال، أوضح منير أنه محتجز احتياطيا منذ 245 يوما، ولم تحال القضية إلى الآن، ولم تحدد جلسة، ولا دائرة لنظر القضية، قائلًا "ده تعسف سافر فى التنكيل بالصحفيين والمحتجزين، وعلى الرغم من أننا قدمنا إلى النيابة كافة الأوراق التي تثبت أنه صحفي إلا أنها أصرت على توجيه الاتهام له".

وتابع :"بشكل واضح لو الصحفى مش هيبقى له الحماية الكاملة ، الدولة عليها أن تعلن أنها لا تريد الصحفيين في الشارع وأنها لا تريد أن يكون هناك تغطية شفافة للاحداث وتريد نقل الصورة من وجهة نظرها فقط، أو تتوقف عن اعتقالهم".

قرار المعتقلين

وتوضح أهداف سويف، الكاتبة وخالة الناشط علاء عبد الفتاح، المضرب عن الطعام منذ أسبوع أن إدارة السجن حتى الآن، بحسب علمهم، لن تتخذ أية إجراءات تضايق عبد الفتاح ورفاقه المضربين عن الطعام سوى إلغاء زيارة المحامين للسجناء المضربين عن الطعام بسبب وجودهم بشكل "جماعي".

وعن جدوى قرار عبد الفتاح وآخرين بالإضراب للضغط للإفراج عنهم، قالت سويف: "ما نقدرش نسأل السؤال ده، علاء قرر أنه لازم يعمي حاجة فدخل في إضراب عن الطعام لأنه سلاحه الوحيد، ما عندوش حل تاني"، وأضافت: "السؤال الواجب طرحه الآن حول الآليات التي يمكن من خلالها دعم إضرابهم عن الطعام حتى يكون مؤثرًا وفعّالاً".

وتابعت سويف "لا أعرف حقّا السبب وراء نجاح ضغط عبد الله الشامي بإضرابه عن الطعام دون محمد سلطان وآخرين، لكني أظن أن الحديث حول الموضوع وطرحه أكيد بيفرق"، مشيرة إلى أنهم بالفعل بدأوا التخطيط لخطوات تدعيم دعوات الإضراب " عندنا اجتماع سنعلن عن نتائجه بكرة، هدفه التخطيط ووضع تصور لكيفية مساندة المضربين عن الطعام والسبل المتاحة لجعله إضرابًا فعّالا".

ويرى أسامة المهدي، المحامي الحقوقي والموكل للدفاع عن أحمد دومة الناشط السياسي في القضية المعروفة إعلاميًا بأحداث مجلس الوزراء، أن الإضراب عن الطعام يخلق قلقًا للنظام الحالي، كالأنظمة السابقة، على حد قوله "لكن الاستجابة لهذا السلاح دائمًا ما يكون في مراحله الأخيرة".

وأكد بدوره على أن معايير استجابة النظام الحالي للضغط بالإضراب عن الطعام "غير معروفة"، فهو مرتبط، على حد قوله، برغبة التنكيل ببعض الأشخاص دونًا على الآخرين "لو قلنا أن الشامي أخذ إفراجًا لأنه صحفي، فهناك صحفيون كثيرون لم يتم الإفراج عنهم وقاربوا العام في الحبس الاحتياطي، ولو قلنا أن محمد سلطان لم يفرج عنه لأنه ابن قيادي في الإخوان، فأنس البلتاجي أخذ براءة من قضية اتهم فيها بأعمال شغب".

وتابع المهدي "المؤكد هو ان النظام ينكّل بأي شخص يعارضه بعيدًا عن انتمائه السياسي، إخوانيًا كان أو غير إخواني"، إلا أنه رأى في خطوة تنظيم إضراب السجناء عن الطعام "خطوة جيدة، تحول الإضراب إلى أداة جماعية لها خطة بالتأكيد سيسبب قلقًا أكبر للنظام وضغطًا كبيرًا مما يعني أملا أكبر بالإفراج عنهم".

مقاومة سلبية

فيما وصفت الناشطة السياسية، نهى كمال، صديقة الناشطة ماهينور المصرى، أن الإضراب يعتبر مقاومة سلبية ولكنه يبقى الخطوة الأخيرة والحل الأخير في دولة لا تعمل بالقانون ونيابة غير محايدة وقضاء غير عادل، على حد قولها، موضحة أنه "مفيش في أيدينا حيلة أخرى، فى ظلم وقهر وغير منطقي أن يضيع من عمر أحد 15 عاما علشان وقفة احتجاجية".

وحول جدوى الإضراب واستمرار حبس محمد سلطان، أوضحت أن ظروف اعتقال محمد سلطان مختلفة عن الصحفى عبد الله الشامي المفرج عنه عقب إضرابه، مشيرة إلى أن السلطة تتعامل مع سلطان كعضو تنظيمى من الإخوان المسلمين، لكن الشامى كان وراءه ضغط إعلامي وتعاطف كبير.

واعتبرت أن قضية سلطان واجهت نوعا من التقصير تجاهها، ولم يعاود التضامن معه إلا عقب إضراب عدد آخر من المعتقلين، مشيرة إلى أنه من المقرر ان يتم تحديد يوم رمزي للإضراب في كافة أنحاء الجمهورية في مكان محدد لإعلان التضامن الكامل مع المضربين.

وترى إيمان منصور، عضو جبهة الدفاع عن المتظاهرين، أن النظام لم يترك خيارا آخر سوى هذا الطريق، عقب اعتقال الأب والابن والابنة ووسط محاكمات غير عادلة وفرص معدومة للدفاع، على حد قولها، وتابعت :" في حالة زي محمد سلطان الدولة احتجزته بدون وجه حق، لم يعثروا على أبيه فتم اعتقاله دون أي سند قانوني".

وتابعت "السلطة مسيرها تسمع غصب عنها صوت المعتقلين لما ناس تضحى بعمرها، خلى العالم يشوف مصر بتعامل المعتقلين ازاى، كانوا بيطالبوا أمريكا تعامل المتظاهرين وفقا لحقوق الإنسان خليهم يشوفوا مصر بتعامل المعتقلين إزاى، إحنا فعلا جبنا أخرنا، لو هندفع عمرنا لرفع ظلم الدولة عن المعتقلين هندفعه".

اقرأ أيضا:

الاشتراكيون الثوريون يتضامنون مع المعتقلين المضربين عن الطعام

فيديو.. زوجة دومة تكشف حقيقة إضراب زوجها السجين

دخول علاء عبد الفتاح في إضراب عن الطعام للإفراج عنه

أحمد سيف الإسلام.. ليستمر قلبك في النبض

أهداف سويف: سجن علاء عبدالفتاح شهادة وفاة للعدالة بمصر

محامي قضية مجلس الشورى: القاضي تعمد التنكيل بالمتهمين

إسحاق: ما يحدث للشامي وسلطان غير إنساني

محمد سلطان .. مهدد بالغيبوبة وتكتم حول التقرير الطبي

أهالي المضربين عن الطعام: أبناؤنا مهددون بالموت

ماهينور المصري تعلّق إضرابها عن الطعام

1578 شخصًا ضحايا قانون التظاهر في 9 أشهر

 

 

مقالات متعلقة