المؤسسة الدينية وغزة.. 4 بيانات وتصريحان وقافلة

شيخ الأزهر في لقاء مع إسماعيل هنية (أرشيفية)

4 بيانات وتصريحان وقافلة.. هذا مجمل موقف المؤسسة الدينية المصرية من محرقة غزة التي هزت بشاعتها العالم كله، والتي صدر أول رد فعل أزهري عليها بعد مرور قرابة أسبوع من بداية الحرب. هذا الموقف كان مثار انتقاد أطياف كثيرة داخل المحيط العربي، طالبت هذه الأطياف بأن يكون الموقف الأزهري على مستوى الحدث، مؤكدة أن الأزهر أكبر من أن يقتصر موقفه على إصدار بيانات تدين أو تشجب أو تستنكر، في حين قال آخرون إن المطالبين بأكثر من ذلك غير مدركين للواقع الجديد الذي يمارس فيه الأزهر دوره. بيانات المؤسسة الدينية وزعت على الأزهر ودار الإفتاء، حيث أصدر شيخ الازهر ثلاث بيانات وأصدر المفتي بيانا واحدا، بينما اكتفى وزير الأوقاف باستنكار هذا الاعتداء أثناء إلقائه خطبة الجمعة، وكان نصيب وكيل الأزهر تصريحا واحدا استنكر فيه أيضا هذا الاعتداء. وقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي جدلا واسعا حول هذا الموقف، وصلت إلى حد المطالبة بحملة توقيعات لعزل شيخ الأزهر والمفتي من منصبيهما وعدم الاعتراف بهما، في حين دافع آخرون عن موقفهما، قائلين إن الانتقاد نابع من خلفية مواقف سياسية. بيانات متأخرة بيانات المؤسسة الدينية كان أولها بعد قرابة أسبوع من بداية الحرب وسقوط المئات من الشهداء، وبالتحديد يوم 12 يوليو 2014 حيث أعلن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف استنكارَه للجرائم البَشِعة التي يقومُ بها الكيان الصهيوني في غزة. ووصف الإمام الأكبر، فى أول بيان له العدوان بمثابة إبادة جماعيَّة للشعب الفلسطيني المسالم الأعزل، داعيا إلى تحركٍ عاجل وفوري لكل من الجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومجلس الأمن، وكافة منظمات حقوق الإنسان للتصدى لتلك الاعتداءات الغاشمة. وفي البيان الثاني يوم 19 يوليو، طالب الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، المجتمع الدولي بالتحرك السريع لوقف ما وصفه بـ"المحرقة والإبادة الجماعية" التي يشنها الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني الأعزل بقطاع غزة؛ مجددا إدانتَه الشديدةَ للعمليات الإجرامية من قتل للأطفال وهدم للبيوت وتشريد للأسر. وفي البيان الثالث يوم 3 أغسطس، طالب شيخ الأزهر بوقف الإبادة الجماعية، واصفا ما تفعله إسرائيل بأنه تخطى كل حدود الإنسانية، مؤكدا على ضرورة تحرك جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومجلس الأمن، وكافَّة منظمات حقوق الإنسان، كما ترحَّم شيخ الأزهر على كلِّ الشهداء الذين سقطوا جرَّاء تلك الاعتداءات الجائرة والظالمة. ولم ينس الدكتور أحمد الطيب، ذكر مأساة غزة في كلمته في الاحتفال بليلة القدر بقاعة الأزهر للمؤتمرات، حيث قال: "أؤكد على أن الكيان الصهيوني ما كان ليجرؤ على هذه المجازر الوحشية والإبادة الجماعية لشعب غزة الأعزل وسط صمت العالم الذي يزعم أنه حر، لو أن العرب كانت لهم كلمة واحدة وكانت فلسطين على قلب رجل واحد وتحت راية موحدة". هذا مجمل تفاعل الإمام الأكبر شيخ الأزهر رأس السلطة الأزهرية مع الحرب على غزة، أما وكيله الدكتور الدكتور عباس شومان فقد قال في تصريح وحيد: إن ما يحدث من الكيان الصهيوني تجاه فلسطين هو عمل بربري وهمجي يتنافى مع القيم الإنسانية والقوانين والمواثيق الدولية. قافلة بعد بيانات حاول الأزهر الانتقال من مرحلة البيانات والتصريحات إلى مرحلة الأفعال بعد أكثر من شهر من بدء الحرب، ووصول عدد الشهداء إلى قرابة الألفي شهيد، وبالتحديد في يوم 6 أغسطس 2014 أكد الشيخ محمد زكى، الأمين العام للجنة العليا للدعوة بالأزهر أن الإمام الأكبر قد أعطى توجيهات بتحريك قافلة مساعدات باسم الأزهر لأهالي غزة تضامنا معهم في مأساتهم. ووصف زكي القافلة بأنها لمسة إنسانية من الأزهر المهموم بأمر الأمة العربية والإسلامية، وأنها مشاركة رمزية فعلية للشعب الفلسطيني المحاصر فى غزة لرفع المعاناة عنه! وأشار زكى، إلى أنه لا يوجد تنسيق للقافلة مع الجانب الإسرائيلي مطلقاً، وأنه تم التنسيق مع الجهات المعينة فى مصر وفلسطين كل حسب اختصاصه. واحتوت القافلة بحسب تصريحات محمد العبد مدير عام الحسابات الخاصة لمكتب شيخ الأزهر، على 40 طنا من المواد الغذائية، بالإضافة الى 3 سيارات نقل كبيرة محملة بالمواد الطبية. دار الإفتاء بيان رسمي واجتهاد شخصي أما دار الإفتاء المصرية فقد أصدرت بيانا وحيدا دعا فيه الدكتور الدكتور شوقى علام مفتي الجمهورية إلى وقف عاجلٍ وفوري للعمليات العسكرية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة. وطالب المفتي جامعة الدول العربية والأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتدخل الفوري من أجل إنهاء قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة. وفي سياق آخر، قام الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي مصر بخطوة وصفها البعض بأنها في الاتجاه الصحيح، حيث قام بالدعوة لحملة توقيعات مناهضة للحرب على غزة أثناء زيارته الأخيرة لنيويورك. واستطاع "نجم" جمع ما يزيد على عشرة آلاف توقيع من الجالية الإسلامية فى نيويورك تمهيداً لإرسالها إلى كل من البيت الأبيض والكونجرس الأمريكى اعتراضًا على جرائم الحرب التى تجرى ضد الأطفال والمدنيين فى غزة. جاءت هذه الحملة في إطار حملة أكبر قام بها مستشار المفتي في نيويورك بهدف تغيير النظرة السلبية ضد الإسلام والمسلمين لدى قطاع كبير من الأمريكيين، الذين غالبًا ما يربطون الإسلام بالإرهاب والتطرف، وذلك خلال احتفال الجالية الإسلامية بعيد الفطر المبارك. إدانة موجهة سياسيا أما وزير الاوقاف الدكتور محمد مختار جمعة فقد اكتفى بإدانة سريعة وغير مباشرة للعدوان الإسرائيلي ضد غزة أثناء خطبة الجمعة 13 من رمضان 1435 هـ الموافق 11 من يوليو 2014م. وقال الوزير في خطبته إن أطماع الغزاة الجدد مِن الإرهابيين ومَن يساندهم مِن القوى الطامعة في خيرات منطقتنا العربية والمستفيدة من تفتيتها وتقسيمها ستتحطم على صخرة الجيش المصري وأمام قوة وصلابة قواتنا المسلحة وجنود مصر البواسل، الذين تحطمت على أيديهم جحافل التتار، واستطاعوا في العاشر من رمضان قهر الجيش الإسرائيلي الذي كان يُقال إنه لا يُقهَر، غير أن ذلك يتطلب منّا ومن أمتنا العربية أن نقف بقوة وصلابة خلف هذا الجيش الباسل ، وتوفير ما يحتاجه من عدّةٍ وعتادٍ. انتقادات شبابية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تصاعدت ردود الفعل على هذا الموقف، حيث رأى البعض في انتقاده "توظيفا سياسيا" في حين رأى آخرون أن من ينتظر من الأزهر موقفا تاريخيا كمن ينتظر من الفأرة أن تلد جملا.. على حد تعبير أحد المشاركين! ففي تدوينة له عبر حسابه على تويتر، تعجب الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة من تأخر رد فعل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر حيال ما يحدث في غزة حيث قال: "نطق شيخ الأزهر.. استنكر العدوان على غزة واعتبره "إبادة جماعية للشعب الفلسطيني المسالم الأعزل". الحمد لله، بعد 5 أيام!!". وقال محمد الأودن مخاطبا قيادات المؤسسة الدينية: "سامحكم اللهن قزمتم الأزهر وجعلتم منه اضحوكة العالم، لم أعد أفتخر بانتسابي إليه، لقد ضيعتم تاريخه بهذه المواقف المتخاذلة، ساختصمكم بين يدي الله تعالى". ورافضا ما يقوله؛ رد عليه د. نادر السويفي قائلا: "كفاكم متاجرة بالقضية، وتوظيفا سياسيا لها، ماذا تريدون من الازهر ومن علمائه، اكثر من الإدانة والشجب، النظام العالمي الجديد له قوانينه التي تحكم رجال الدولة في تعاملاتهم مع مثل تلك الاحداث، انتم وصنيعتكم "حماس" من ضيعتم فلسطين بهذه العنترية غير المسئولة، سيقف شيخ الازهر ليختصمكم وأنا معه يوم القيامة..". ومشاركا بسخرية قال أحمد الطنيجي: "لا تنتظروا موقفا مشرفا من هؤلاء وإلا ستكونون كمن ينتظر من الفارة ان تلد جملا!". وفي سياق آخر قال حسام الدين عبد الله منتقدا موقف وزير الأوقاف: "حتى هذه يا وزير الاوقاف توظفها سياسيا، تنتقد وتدين الحرب على غزة باستحياء ثم تزلف منها موظفا الحدث لخدمة توجهك وتوجه أسيادك، وتدعو الامر للالتفاف حول الجيش الذي قهر إسرائيل حسب زعمك.. يا وزير الأوقاف الجيش الذي قهر إسرائيل ليس هو جيش المكرونة وكحك العيد، وليس هو جيش السيسي وصبحي ومميش وإنما جيش الجمصي والشاذلي وعبد المنعم رياض... سيقهر إسرائيل هؤلاء الذين أقضوا مضاجعها وأرغموها على التمزق داخليا.. أما أنت ومن تمثلهم فإلى مزبلة التاريخ..". وقالت فاطمة حبيش: "عددت بيانات وتصريحات الازهر في صراعها مع القرضاوي فوجدتها اكبر بكثير من بياناتها وتصريحاتها في مجزرة غزة.. حسبنا الله ونعم الوكيل..". وقال "سلفي وأفتخر": "هذا الموقف المتخاذل يجعلني اعزم على عمل هاشتاج لحملة توقيعات شعبية تطالب بعزل شيخ الازهر والمفتي من منصبيهما، بسبب عدم تمثيلهما لـ 90% من المصريين والامة العربية قاطبة والتي كانت أقل ما تنتظره من الإمام الاكبر هو المطالبة بفتح الحدود وإعلان حالة الجهاد والنفير العام لتحرير الأقصى ورفع الظلم عن اهلنا في غزة".

مقالات متعلقة