"مهنة واحدة لا تكفي" هذا الشعار الذي رفعه عدد من نجوم الفن، ليكون ممثلًا بدرجة مؤلف أو مخرج أو منتج وأحيانًا يجمع بين أكثر من موهبة منهم، وهذا الشعار ليس وليد اليوم، فمع بداية التاريخ السينمائي اتجه نجوم كبار للإنتاج، وهناك فنانون اكتشفوا السيناريست الدفين بداخلهم.
4 في 1
ظافر العابدين، ذلك الفنان الذي خطفته التمثيل من لعب الكرة، وحقق شهرة واسعة في الوطن العربي، فلمع نجم الفنان التونسي في مصر من خلال مشاركته في العديد من الأعمال منها أفلام: "خط الدم، أبو شنب، حبة كراميل"، ومسلسلات: "ليالي أوجيني، عروس بيروت، كراميل". لم يكتفِ ظافر العابدين، بتحقيق النجاح على مستوى التمثيل، ليقرر دخول عالم الإخراج ، والإنتاج والتأليف، إلى جانب التمثيل من خلال الفيلم الروائي الطويل "غدوة". وأعلن ظافر العابدين، أن الفيلم سيكون من بطولته وإنتاجه من خلال شركته DOUBLE A بالاشتراك مع نوماديس إيماج وMAD Solutions
وعن هذه التجربة، قال ظافر العابدين: "كان الإخراج دائمًا حلم، لكنني كنت أنتظر المشروع المناسب، و"غدوة" قصة قريبة جدًا من قلبي، وأشعر بها بقوة، إنها قصة تونسية، ولكن الجوانب الاجتماعية والإنسانية التي تنطوي عليها ستجعل الكثير من الناس يتفاعلون معها". وعبر الممثل التونسي عن حماسه لإنتاج هذا الفيلم وأداء أحد أدواره إلى جانب كتابة السيناريو مع السينمائي المصري أحمد عامر. وأشارت المنتجة درة بوشوشة؛ إلى اكتشفاها تمكن الفنان ظافر العابدين من الكتابة السينمائية منذ سنوات طويلة، وهو ما شجعها على قراءة السيناريو.
وأوضحت درة بوشوشة؛ مؤسسة شركة نوماديس إيماج، إنها في العادة تختار مشاريعها على أساس الفكرة، قبل البدء في كتابة السيناريو وتنفيذ الفيلم، لكن مع فيلم "غدوة" كانت الأمر مغاير لإعجابها بأسلوب ظافر العابدين في كتابة السيناريو.
ويعتقد كل من علاء كركوتي وماهر دياب؛ الشريكان المؤسسان لـ MAD Solutions ، أن فيلم "غدوة" سيكون عملًا مميزًا وفريدًا من نوعه، معللين السبب أن جوهره هو الشغف.
وقالا إنه منذ اللحظات الأولى لولادة المشروع، لاحظا شغف "ظافر" بالفيلم ومدى تحمسه للقيام بتجربته الإخراجية الأولى.
قصة "غدوة"
تنطلق أحداث الفيلم عندما يجتمع شمل حبيب وابنه أحمد بسبب تدهور الحالة الصحية للأب. وما بين دوي أجراس الموعد النهائي وأحداث مفاجئة تشعل حالة من التوتر، يتبادل الأب والابن مقاعدهما، فيتورطان في موقف لم يستعدان له.
يشارك ظافر العابدين، بطولة الفيلم نجلاء بن عبد الله، البحري الرحالي، غانم الزرلي، رباب السرايري، وأحمد برهومة، بينما تتولى الكيانات التالية رعاية الفيلم شركة صابرين للمياه المعدنية، وسلسلة متاجر فاتالس لمستحضرات التجميل، ومجموعة جاك للسيارات.
جراب الفنان
من الصعب الحكم على تجربة دون مشاهدة خاصة في المجال الفني، فالجمهور هو الحكم، إلى جانب رأي النقاد، فعدم النجاح الجماهيري لا يعني بالضرورة عدم جودة العمل.
فهناك فنانون، خاضوا تجربة التأليف وحققوا نجاحًا واستمروا في ذلك الطريق وعرفهم الجمهور وبعضهم ظلم لكن تظل بصماتهم التي تؤكد تفرد موهبتهم بعدما أثبتوا تواجدهم بمشاركتهم في أكثر من عمل إلى جانب إشادات النجوم. تركيبة جديدة
"شيكو وهشام ماجد وأحمد فهمي" ثلاثي عرفهم الجمهور باسماء "سمير وشهير وبهير" نسبة للنجاح الذي حققه الفيلم الذي يحمل هذا الاسم.
جمعت موهبة التمثيل والكتابة والطموح، الثلاثي ليشكلوا فرقة كوميدية صغيرة تحت مسمى "تمر هندي للإنتاج الفني" واستطاعوا من خلالها الوصول إلى المجتمع المصري بنقل بعض الصور الواقعية بطريقة ساخرة، وعملوا كمجموعة على الإخراج والإنتاج والتمثيل، ومن هذه الأعمال فيلم "رجال لا تعرف المستحيل" عام 2002.
التركيبة الجديدة التي تجمع بين الكوميديا والفنتازيا والموضوعات غير متوقعة، ساعدت في تحقيقهم الشهرة، وشارك الثلاثي في مسلسل "أفيش وتشبيه" بالسيناريو والحوار والتأليف والتمثيل. توالى نجاح الثلاثي، فمثلًا فيلم "كده رضا" من تأليف الفنان احمد فهمي، وكذلك سيناريو وحوار فيلم "H دبور"، "الحرب العالمية الثالثة" و"كلب بلدي"، وتعاون أحمد فهمي مع شيكو في كتابة سيناريو وقصة فيلم "ورقة شفرة"، و"فاصل ونعود"، كما شارك الثلاثي في كتابة سيناريو وحوار فيلم "سمير وشهير وبهير".
ومؤخرًا، ورغم انفصالهم، حقق شيكو وهشام ماجد، نجاحًا كبيرًا من خلال فيلم "حملة فريزر" ومسلسل "اللعبة" في الجزء الأول.
ورغم النجاح على مستوى الكتابة وكذلك الأفكار المقدمة، لكن هشام ماجد، أشار في حوار له أن تركيزه ينصب على التمثيل في الوقت الحالي، ودوره وشيكو يقتصر على بناء العمل مع المؤلفين والتعديل في السيناريو إذا تطلب الأمر، بحكم أنهما يمتهنان التأليف بالأساس، لكن دون الاستغراق في عملية الكتابة.
النجاح الذي حققه الثلاثي انعكس على المستوى النقدي والجماهيري، وأكدوا للجميع أنهم يمتلكون موهبة التمثيل والتأليف، وقادرين على الاستمرار بالأنماط المختلفة التي يقدموها وهي ما تضمن لهم الاستمرارية والنجاح.
تجارب النجوم الشباب
خاض الفنان محمد مهران، تجربة جديدة في عالم الكتابة، وكتب سيناريو مسلسل "لؤلؤ" بطولة الفنانة مي عمر، في أولى تجاربه في التأليف.
ورغم أن التجربة الأولى ليست مقياسًا للنجاح، ومع تحقيق المسلسل شعبية كبيرة ونسبة مشاهدة عالية وتصدر التريند، إلى أن السيناريو شهد العديد من السقاطات مثلًا الحفلات التي يحضرها الملايين وانقطاع الكهرباء في إحدى الحفلات، وعندما قامت "لؤلؤ" بالنداء على الفنانة "كاميليا" ليستمع صوتها من بين هتاف الجماهير وصوت الموسيقى، بالإضافة إلى النهاية غير المنطقية.
وبدأ الفنان عمرو وهبة، حياته الفنية كممثل ثم اتجه للكتابة الساخرة وأصبح ضمن فريق الكتابة للبرنامج الساخر الذي يقدمه المذيع أكرم حسنى، ليذاع صيته أكثر وينضم لفريق كتابة برنامج "البلاتوه" ثم برنامج الشهير "أبلة فاهيتا"، ويشارك بالتأليف في مسلسل "المدينة" بطولة الفنانة دنيا سمير غانم، ومن المقرر عرضه في الموسم الرمضاني المقبل 2021.
اهتم الفنان إسلام حافظ، الذي بدأ مشواره ممثلًا، بالكتابة، ليثبت نفسه كسيناريست، وفي مسلسلات "علامة استفهام" و"قمر هادى" و"حكايات بنات 3".
نجوم بدرجة مؤلف
جراب الفن لا يخلو من المواهب، هناك العديد من التجارب والفنانين بعضها كتب لها النجاح والبعض الآخر لم يلق النجاح المطلوب. فالفنان محمود البزاوي، حقق النجاح بمشاركته في كتابة اكثر من عمل منها: مسلسل "الريان" للراحل خالد صالح، ومسلسل "الأدهم" للفنان أحمد عز، فيلم "كلاشنكوف" للفنان محمد رجب.
وخاض الفنان محمود حميدة، أولى تجاربه بمجال التأليف من خلال مشاركة السيناريست مصطفى محرم في كتابة سيناريو وحوار مسلسل "ميراث الريح"، كما شارك الفنان سيد رجب بكتابة وتأليف فيلم "الشوق" للفنانة روبي، ورغم أنه لم يحقق نجاحًا جماهيريًا إلا أنه نال استحسان النقاد.
وبرع الفنان خالد الصاوي، في الكتابة، وما لا يعرفه الكثير أنه شارك في تأليف أكثر من ٥ مسرحيات في بداية مشواره الفنى، كما شارك في تأليف فيلم "السفاح" للفنان هاني سلامة.
ولم يكتفِ الفنان تامر حسني، بالغناء والتمثيل وتلحين أغانيه ولكنه كان له تجارب في مجال التأليف السينمائى حيث شارك في تأليف الأجزاء الثلاثاء من فيلم "عمر وسلمى"، كما شارك في تأليف فيلم "نور عيني"، وفيلم "البدلة".
أكشن.. على استحياء
ففي الوقت الذي يخوض فيه الفنان ظافر العابدين، تجربة الإخراج للمرة الأولى في مشواره الفني، خاض عدد من الفنانين تجربة الإخراج على استحياء، مؤكدين أن هذا أمر طبيعى، ومن الممكن أن يقوم به الفنان طالما لديه الموهبة.
اتجه الفنان محمد صبحي، للإخراج المسرحي، وأخرج معظم مسرحياته. أخرجت الفنانة سلاف فواخرجي، فيلم "رسائل الكرز"، في أولى تجاربها الإخراجية وحصلت من خلاله على جائزة بمهرجان الإسكندرية.
والفنان أشرف عبد الباقي، قام مؤخرًا بخوض تجربة الإخراج المسرحي، من خلال عرض "صباحية مباركة".
طارق التلمساني ، الذي يعد واحدًا من أشهر مديري التصوير، إلى أنه أيضًا امتلك موهبة التمثيل وأثبت بها نفسه ولاقى قبول جمهوري كبير، خلافا لموهبته في كتابة القصة والسيناريو.
وخاض طارق التلمساني، تجربة كتابة السيناريو والقصة والحوار والإخراج منفردًا، في فيلم "ضحك ولعب وجد وحب" عام 1993، مع عمرو دياب وعمر الشريف ويسرا.
وداعًا للاحتكار رغم أن الإنتاج الفني سواء السينمائي أو الدرامي، مغامرة غير مأمونة العواقب وصناعة الفن مكلفة جدًا، إلا أن عدد من النجوم أنتجوا لأنفسهم هربًا من احتكارهم أو احتكار الصناعة وحتى يقدموا الفن أو الرسالة التي يريدونها دون تحكم من شركات الإنتاج التي تسعى في البداية إلى تحقيق المكسب المادي، ومن هؤلاء النجوم: آسيا وماري كوين، وبهيجة حافظ، وفريد شوقي ونور الشريف وغيرهم. وتشهد الساحة الفنية حاليًا، اقتحام فنانون مجال الإنتاج السينمائي والتلفزيوني، منهم أحمد رزق ومصطفى قمر وكريم ومحمد محمود عبد العزيز وهند صبري ومحمد الشقنقيري وأحمد حلمي وبشرى وإلهام شاهين وغيرهم.
يرى عدد من المنتجين، أن دخول الفنانين مجال الإنتاج لا يؤثر بالسلب على الصناعة، لأن الفنانون جزء من المهنة والإنتاج ليس حكراً على أحد ، والساحة تتسع للجميع، المهم هو جودة المنتج الذي يقدمونه، كما أنهم في الغالب يركزون على إنتاج عمل واحد في كل مرة، بينما الشركات الكبرى تقوم بإنتاج أكثر من عمل في الوقت نفسه.