أجرت الإمارات تعديلًا وزاريًا مصغرًا، اليوم الأربعاء، غادر بموجبه أنور قرقاش منصبه كوزير الدولة للشؤون الخارجية، بعدما عمل على تطبيع العلاقات مع إسرائيل العام الماضي، كما قاد دبلوماسية هجومية خلال الأزمة مع قطر، كما روّج بقوة لدور الإمارات في صراع ليبيا والحرب في اليمن، هي مرحلة يبدو أنَّها قد انتهت، بعد طويت صفحة إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي دعم تلك المغامرات بقوة.
وتأتي مغادرة قرقاش للخارجية الإماراتي بعد أسابيع من اتفاق المصالحة مع قطر خلال قمة العلا الخليجية، كما يتزامن مع تقارير عن انفتاح إماراتي على طي صفحة الخلافات مع تركيا، والتي تفاقمت على خلفية الصراع في ليبيا والأزمة الخليجية.
كما أن مسيرة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي التي أقدمت عليها الإمارات، ولعب فيها قرقاش دورا بارزا، فقدت الكثير من بريقها وزخمها بعدما رحلت إدارة ترامب، ثم أقدمت إدارة خلفه جو بايدن على تجميد صفقة بيع طائرات إف 35 المتطورة للإمارات، وهي الصفقة التي مثّلت المقابل الأبرز الذي حصلت عليها أبو ظبي مقابل قرار التطبيع.
وعقب أيام مع المصالحة الخليجية، خرج قرقاش بتصريحات مثيرة للجدل، أكّد خلالها أن الخطوة التي أُنجزت مهمة جدا لكن تبقى التحفظات لدى أبوظبي حول مسألة "إعادة بناء الثقة" مع الدوحة. وشدد قرقاش أنَّ إعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع قطر تتطلب وقتًا وتعتمد على طريقة تعامل الدوحة مع كل من تركيا وإيران والجماعات الإسلامية المتطرفة.
واستدعت تلك التصريحات، حينها، ردًا قطريًا، وقال مدير المكتب الإعلامي بوزارة الخارجية القطرية، أحمد بن سعيد الرميحي، عبر حسابه على "تويتر" إن "المحاولات الهامشية لتعكير صفو الأجواء الإيجابية للمصالحة الخليجية متوقعة، وللأسف أننا نرى مسؤولا مثل وزير الدولة قرقاش يصرح بشكل لا يليق بمستوى الجهود التي بذلت لتحقيق المصالحة".
وسيصبح قرقاش، الذي شغل ثاني أعلى منصب بالشؤون الخارجية منذ عام 2008، مستشارًا دبلوماسيًا لرئيس الدولة، وهو منصب شرفي للغاية، حيث أن الرئيس الإماراتي خليفة بن زايد، مريض، وولي عهده الشيخ محمد بن زايد، هو الحاكم الفعلي لأبوظبي.
وقال الشيخ محمد بن راشد، رئيس الوزراء الإماراتي، حاكم دبي، عبر حسابه على تويتر: "أجرينا تعديلا وزاريا مصغرا في الخارجية الإماراتية، بحضور أخي الشيخ محمد بن زايد (ولي عهد أبوظبي)، حيث ينضم إليها الشيخ شخبوط بن نهيان بن مبارك آل نهيان وخليفة شاهين المرر وزيري دولة، ويغادرها الدكتور أنور قرقاش للعمل كمستشار دبلوماسي لرئيس الدولة وزكي نسيبة للعمل كمستشار ثقافي لرئيس الدولة".
وأضاف: "كما منح رئيس الدولة وسام الاتحاد للدكتور أنور بن محمد قرقاش، أحد أهم رواد العمل السياسي الإماراتي، والذي استطاع إحداث تحولات كبيرة في عملنا السياسي الخارجي وعلاقاتنا الدولية والإقليمية، سيبقى الدكتور أنور في خدمة الوطن عبر ملفات جديدة وسيظل الوطن مقدراً جهوده".
وتابع الشيخ محمد بن راشد بالقول: "تم أيضا تكريم الدكتور زكي أنور نسيبة بوسام الاتحاد الممنوح من رئيس الدولة لجهوده الثقافية والدبلوماسية الطويلة في خدمة دولة الإمارات، الرحلة مستمرة، والخمسون القادمة تحتاج جميع الطاقات، والقادم سيبقى دائماً أجمل في بلادي الإمارات".
من جانبه، قال الشيخ محمد بن زايد، في تغريدة على تويتر: "سعدت وأخي محمد بن راشد بتكريم أنور قرقاش وزكي نسيبة، بوسام الاتحاد تقديرا لعطائهما ودورهما في خدمة الوطن على مدى سنوات طويلة، في المجالين الدبلوماسي والثقافي"، مضيفا أن "الإمارات تقدر أبناءها المخلصين وتعتز بهم في كل المجالات.. تمنياتنا لهما دوام التوفيق ومزيدا من النجاح".
بدوره غرد قرقاش على حسابه على توتير قائلا: "نكبر بالإمارات وتكبر بعملنا وعطائنا مجتمعين.. نشأت وتربيت في بيت يؤمن في أنّ خدمة الوطن شرفٌ وواجب. وأحمده سبحانه تعالى على ذلك". وأردف :"ونبقى للوطن جنوداً نخدمه من كل موقع".
وعمل الدكتور أنور بن محمد قرقاش وزيراً للدولة للشؤون الخارجية منذ عام 2008. وفي الفترة من 2006 وحتى عام 2016 عمل وزيراً للدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، وذلك وفقا لسيرته الذاتية المنشورة على موقع وزارة الخارجية الإماراتية.
إلى جانب عمله الوزاري، شغل قرقاش منصب رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات، حيث قام بالإشراف على الانتخابات التي عُقدت في دولة الإمارات عام ٢٠٠٦ وعام ٢٠١١ وعام ٢٠١٥. وهو أيضاً رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة العويس الثقافية، وعضو في مجلس أمناء أكاديمية الإمارات الدبلوماسية، ورئيس فريق عمل دولة الإمارات العربية المتحدة للمراجعة الدورية لحقوق الانسان.
وفي وقت سابق، شغل قرقاش عدداً من المواقع رفيعة المستوى في الدولة والحكومة الاتحادية، حيث تولى منصب عضو مجلس إدارة مؤسسة الإمارات للإعلام من عام 1999 وحتى عام 2007، وعضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي في الفترة من عام 1997 وحتى عام 2006.
وحصل قرقاش على درجة الدكتوراه من جامعة كينجز كوليدج في كامبريدج، ويحمل درجة البكالوريوس والماجستير في العلوم السياسية من جامعة جورج واشنطن.