إثيوبيا تتحدى.. هل يكون الملء الثاني لسد النهضة بفرض الأمر الواقع؟

سد النهضة الاثيوبي.. صورة ارشيفية

تواصل إثيوبيا سياسة التحدي وفرض الأمر الواقع فيما يتعلّق بأزمة سد النهضة، إذ تؤكد أنه لا تراجع عن الملء الثاني للسد في شهر يوليو المقبل، وأبلغت بذلك كل من دولتي المصب مصر والسودان، حسبما ذكرت وسائل إعلام إثيوبية. 

 

ويأتي إعلان إثيوبيا اعتزامها الملء الثاني لسد النهضة دون تراجع، في الوقت الذي تؤكد فيه كل من مصر والسودان رفضهما لأي تصرف أحادي من قبل إثيوبيا، وتأكيدهما على رفض الملء الثاني قبل التوصل لاتفاق ملزم قانونا ومرض للدول الثلاث.

 

 

وتسعى مصر والسودان للتوصل لاتفاق ملزم قانونًا، يضمن تدفقات مناسبة من المياه وآلية قانونية لحل النزاعات قبل بدء تشغيل السد، غير أن إثيوبيا احتفلت في يوليو الماضي، بالمرحلة الأولى من ملء السد بشكل منفرد، وتصرّ على استكمال عملية الملء والتشغيل دون اتفاق.

 

 

ورغم توقف المفاوضات خلال الفترة الماضية بعد فشل التوصل لاتفاق ملزم بسبب التعنت الإثيوبي، يتجدد الحديث عن احتمالية عودة المفاوضات مرة أخرى بعد تولي الكونغو رئاسة الاتحاد الأفريقي، إلا أن إثيوبيا تؤكد رفضها التوقيع على أي اتفاق ملزم.

 

 

إثيوبيا:لا تراجع

 

وبينما تتحدث كل من مصر والسودان عن مخاطر سد النهضة على شعبهما، تأتي إثيوبيا لتبلغهما بمواعيد الملء الثاني لسد النهضة، مؤكدة أنه لا تراجع عن تعبئته في يوليو 2021، وفقًا لما نقلته وسائل إعلام إثيوبية نقلًا عن مصادر دبلوماسية إثيوبية.

 

 

وصرّح وزير خارجية إثيوبيا جيدو أندارجاشيو بأنه لا بديل عن ملء سد النهضة في يوليو المقبل، لافتا إلى أن بلاده مع أي اتفاق حول سد النهضة قابل للتطبيق، حسبما نقلت عنه قناة العربية الإخبارية.

 

وسبق أن أعلنت إثيوبيا، على لسان وزير المياه والري الإثيوبي سيليش بيكيلي، أنها لن تقبل بأي اتفاق حول سد النهضة لا ينسجم مع مضمون إعلان المبادئ الموقَّع في 23 مارس 2015، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الإثيوبية.

 

 

هل تعود المفاوضات؟

 

ورغم إصرارها على الملء الثاني لسد النهضة قبل التوصل لاتفاق ملزم، إلا أن إثيوبيا في محاولة للمراوغة تعلن عن استعدادها لاستكمال المفاوضات، حسبما أعلن ذلك وزير المياه الإثيوبي سليشي بقل.

 

وقال وزير المياه الإثيوبي، خلال لقائه مع مبعوث الاتحاد الأوروبي وزير الخارجية الفنلندي بيكا هافيستو، إن إثيوبيا على استعداد لاستكمال المفاوضات، وعلى الأطراف الأخرى فعل الشيء نفسه في إطار الاتحاد الأفريقي من خلال تقديم الحلول الأفريقية.

 

 

فيما أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على استعداد مصر للمفاوضات، قائلا :"نحن في مرحلة التفاوض بشأن سد النهضة، ويوجد كلام كتير أوي في هذه القضية، ونحن قمنا بإجراءات داخلية أخرى بخصوص المياه مثل المعالجات وغيرها".

 

وأضاف السيسي، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب مقدم برنامج الحكاية عبر فضائية إم بي سي مصر :"مصر في مرحلة تفاوض مع سد النهضة والتفاوض بيطول وعملت إجراءات في مصر لتنوع مصادر المياه، وهنوصل لنتيجة في سد النهضة بطولة البال والصبر وليس علينا القلق أبدًا".

 

موقف مصر   

أما عن موقف مصر من أزمة سد النهضة، يقول الدكتور محمد نصر علام، وزير الري والموارد المائية الأسبق، أن الدولة تبذل جهدا تاريخيا لتطوير المنظومة المائية وتقليل الفوائد وإعادة الاستخدامات وتحلية مياه البحر، لمواكبة احتياجات الزيادة السكانية وتقليل حجم العجز المائى المتزايد ولا تعيش عالة على المجتمع الدولي.

 

وأضاف علام، خلال منشور له عبر صفحته على موقع فيس بوك، أن الدولة المصرية لا تحتمل اليوم أو غدا نقصا فى مياهها أو انتقاصا من حقوقها التاريخية والقانونية تحت أى مسمى أو حجة نتيجة أو استغلالا لهذه الأزمة.

 

 

وأكد علام أن مصر لن تقبل بفرض أمر واقع ضد إرادتها وارادة شعبها، ولن تسمح بقيام إثيوبيا بملء المرحلة الثانية للسد بدون التوصل لاتفاق قانوني ملزم مع مصر والسودان.

 

وأشار وزير الري الأسبق إلى أن مصر منفتحة لأى فرصة مناسبة للتوصل لحل عادل لهذه الأزمة، ومنفتحة لمشاركة المجتمع الدولي وضماناته لإيجاد مخرج عادل لتحقيق الفائدة وعدم الإضرار للجميع كما يتطلب القانون الدولي.

 

السودان تستعد لأسوأ السيناريوهات

 

ومع إصرار إثيوبيا على الملء الثاني لسد النهضة، بدأت السودان تستعد لأسوأ سيناريوهات مع سد النهضة الإثيوبي، إذ تؤكد رفضها التام لملء السد بشكل أحادي، وضرورة أن يكون هناك اتفاق قانوني ملزم لإثيوبيا.

 

وتحذر السودان من أن الملء الثاني لسد النهضة، يشكل خطرًا على سد الروصيرص السوداني، و20 مليون مواطن سوداني يعيشون على ضفاف النيل الأزرق، وعلى كل الحياة على النيل الأزرق خلف سد الروصيرص، بما في ذلك التوليد المائي من خزان الروصيرص، وسد مروي.

 

كما يؤثر سد النهضة على محطات مياه الشرب على النيل الأزرق والنيل الرئيسي، حتى مدينة عطبرة، إضافة إلى التأثير السلبي على مشاريع الري على النيل الأزرق، والنيل الرئيسي، وفوق كل ذلك تهديد حياة وسلامة نحو نصف سكان السودان على ضفاف النيل الأزرق، بحسب رئيس الجهاز الفني بوزارة الري السوداني المهندس مصطفى حسن.

 

وشكلت وزارتا الري و الموارد المائية والطاقة والتعدين، لجنة مصغرة مشتركة، للتنسيق ووضع السياسات لمجابهة الصيف القادم الذي يتزامن مع برنامج الملء الثاني لسد النهضة الاثيوبي.

 

وأشار الخبير السوداني أحمد المفتي، أستاذ القانون الدولي، إلى أنه لا توجد وساطات أقوى من وساطة أمريكا والبنك الدولي، إلا أن إثيوبيا رفضت المسودة التي اقترحاها، ولذلك فإن البديل الوحيد، هو إيقاف المفاوضات، والانسحاب من إعلان المبادئ لسنة 2015.

 

 

وأوضح المفتي، خلال منشور له عبر صفحته على موقع فيس بوك، أن إيقاف المفاوضات والانسحاب من إعلان المبادئ يجعل كل أعمال سد النهضة غير شرعية، ورفع الأمر لمجلس الأمن بموجب الفصل السابع، مؤكدا أنه لا توجد تداعيات سلبية من الانسحاب من إعلان المبادئ.

 

ورأى الخبير السوداني أن تصريح السودان بعدم السماح لإثيوبيا بالملء الثاني بإرادتها المنفردة موقف مناسب، ولكن مطالبة السودان بإعطاء دور لخبراء الاتحاد الإفريقي لا تتناسب مع ذلك الموقف القوي.

 

ولم يستبعد المفتي أن ترفع السودان سقف مطالبها، باللجوء إلى مجلس الأمن للحيلولة دون الملء الثاني لسد النهضة، والمطالبة باسترداد الأراضي التي يُقام عليها السد، لأن أثيوبيا لم تستوف شرط منحها تلك الأراضي، والمنصوص عليها في اتفاقية 1902.

 

وساطة أمريكية

وفي ظل تأزم قضية سد النهضة، تسعى أمريكا للتدخل كوسيط لحل الأزمة، حسبما صرح كريستيان جيمس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، لافتا إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تراجع الموقف الأمريكي بشأن سد النهضة.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد موسى مقدم برنامج على مسؤوليتي عبر فضائية صدى البلد، إن أمريكا تأخذ قضية سد النهضة بجدية حتى الوصول إلى حل نهائي، مضيفا :"لن تستبق الأحداث وليس هناك أى شيء نعلن عنه حاليًا".

 

 

وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية، أن واشنطن تدعم الجهود المبذولة لحل قضية السد الإثيوبي، وتدرس حاليا الدور الذي يمكن أن تلعبه للوصول إلى حل بين الدول الثلاث.

 

ويرى هاني رسلان، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن التدخل الأمريكى لحل أزمة السد هو الراجح لتحاشى نشأة حالة من الصراع وعدم الاستقرار فى حوض النيل وشرق أفريقيا.

مقالات متعلقة