تسعى الحكومة المصرية، إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مجال توليد الطاقة الجديدة والمتجددة، في إطار الالتزام بالأهداف العالمية لحماية البيئة ومكافحة الاحتباس الحراري، والعمل على استغلال الموارد الطبيعية المتنوعة التي تتمتع بها البلاد في هذا المجال على أفضل نحو، لصالح استخدامات التنمية، وفي الصناعات الثقيلة كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وفي هذا الشأن وقعت وزارة الكهرباء في يناير الماضي اتفاق نوايا مع شركة سيمنس، لإنتاج 100 ميغاوات من الهيدروجين الأخضر في مصر، وهي خطوة أولى نحو التوسع في هذا المجال وصولًا إلى إمكانية التصدير.
كانت شركة سيمنس نفذت عددا من المشروعات الكبرى في مجال الطاقة بمصر، من بينها إنشاء محطاتها العملاقة الثلاث للطاقة، والتي تمثل وحدها نحو ربع قدرات الطاقة الكهربائية المولدة في البلاد، ومركز التحكم القومي في الكهرباء بالعاصمة الإدارية، بالإضافة إلى مشروع وشيك يستهدف توليد 500 ميجاوات من طاقة الرياح.
وكشفت وزارة الكهرباء، في بيان سابق لها، عن قيام لجنة وزارية بدراسة الهيدروجين كمصدر للطاقة في المستقبل القريب في مصر مع الأخذ في الاعتبار التجارب الدولية في هذا المجال، كما سيجري تحديث استراتيجية الطاقة 2035 لتشمل الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة.
وفي وقت سابق اليوم الثلاثاء استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، الرؤساء التنفيذيين لعدد من الشركات البلجيكية، وهم شركة "ديمي" لأعمال التكريك، وشركة ميناء "أنتويرب"، وشركة "فلوكسي"، وذلك بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، والمهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية، والفريق أحمد خالد قائد القوات البحرية، وفرنسوا كورنيه سفير مملكة بلجيكا بالقاهرة.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن اللقاء تناول "بحث آفاق التعاون مع تحالف تلك الشركات البلجيكية للاستثمار في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر لتوليد الطاقة".
ووفقا لبيان الرئاسة، أعرب أعضاء تحالف الشركات البلجيكية عن تشرفهم بلقاء السيد الرئيس، مؤكدين الاهتمام البالغ لأوروبا بالتوسع في إنتاج الهيدروجين الأخضر ونقله وتخزينه ضمن جهود إزالة وتقليص نسبة الكربون في الهواء، وحرصهم على التعاون مع مصر في هذا المجال لما تتمتع به من خصائص ومقومات طبيعية مثالية لإنجاح هذا التوجه، والمناخ الاستثماري والتنموي المواتي الذي تحظى به مصر حالياً برعاية شخصية من قبل السيد الرئيس، مع الإشارة إلى الفوائد المتعددة التي ستعود على مصر في هذا الإطار، بالإضافة إلى نقل المعرفة وتدريب الكوادر وتشجيع الصناعة المحلية وتعزيز حركة الموانئ والنفاذ الاستراتيجي إلى سوق الطاقة الأوروبي.
والهيدروجين الأخضر هو عبارة عن وقود خالٍ من الكربون، مصدر إنتاجه هو الماء، وتشهد عمليات الإنتاج فصل جزيئات الهيدروجين عن جزئيات الأكسجين بالماء، بواسطة كهرباء يتم توليدها من مصادر طاقة متجددة.
ويلتزم الهيدروجين الأخضر بأهداف حماية البيئة ومكافحة الاحتباس الحراري، لكونه يعتمد إزالة الكربون وتقليص نسبته في الهواء.
كانت المملكة العربية السعودية قد سبقت مصر في مجال العمل على توفير الهيدروجين الأخضر، وكشف الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء في تصريح له، أن الوزارة تستهدف الاعتماد على الطاقة الشمسية والرياح في تحليل المياه لتوليد غاز الهيدروجين الأخضر.
وبحسب تصريح وزير الكهرباء فإن الهيدروجين الأخضر من المصادر الأقل تكلفة في إنتاج الكهرباء والصديقة للبيئة وتسعى الوزارة لتنويع مصادر الطاقة فى إطار تنفيذ استراتيجية 2035 وأن الاعتماد على الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء سيساهم في خفض أسعار بيع الكهرباء.
وأكد الوزير أن إدخال التكنولوجيا الحديثة في إنتاج الكهرباء سيسهم في خفض أسعار الكهرباء، مشيرا إلى أنه على سبيل المثال محطات بنى سويف والعاصمة الإدارية الجديدة والبرلس التى تنفذها شركة سيمنز الألمانية بقدرة 14 ألفا و400 ميجا وات توفر سنويا ما يزيد عن مليار دولار، وهو عبارة عن الوفر في استخدام الوقود.
ووفقًا لتقريرلـ«بي بي سي»، فإن الطريقة الأكثر انتشارًا في إنتاج الهيدروجين الأخضر هي «إصلاح البخار» وهي عملية كيماوية، تخضع لها الهيدروكربونات الطبيعية الموجودة في أنواع من الوقود الأحفوري مثل الغاز الطبيعي، بهدف إنتاج غاز «الاصطناع».
وكشف تقرير لـ«بلومبرج» أن هناك مجموعة من الصناعات المرشحة للاستفادة من هذا الوقود، تشمل الطائرات، والسفن، والشاحنات، التي تقطع مسافات طويلة، والصناعات الثقيلة.
تقول ريتشيل فخري، المحللة المتخصصة في شؤون الطاقة، إن هذا النوع من الوقود واعد للغاية، وبرغم من أن بمقدورنا الاستفادة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء اللازمة للمنازل والسيارات الكهربائية، فإن «الهيدروجين الأخضر»، يمكن أن يكون مصدر طاقة مثالياً، لتشغيل قطاعات صناعية كثيفة الاستهلاك للطاقة، مثل تصنيع الصلب والخرسانة.
يختلف الهيدروجين الأخضر الذي يتم إنتاجه من مصادر الطاقة المتجددة عن الهيدروجين الرمادي المصنع من حرق الميثان وبالتالي يسبب انبعاث الكربون في الغلاف الجوي، لذا يمثل التحول إلى الهيدروجين الأخضر خطوة مهمة إذا أرادت الدول الالتزام بتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ وخفض بصماتها الكربونية.