كشف بيان لمكتب المدعي العام الفدرالي السويسري، أمس الإثنين، أنه بعد مرور عشرة أعوام على سقوط الرئيس المصري حسني مبارك، لا تزال أصول مالية تقدر بحوالي 400 مليون فرنك (حوالي 443 مليون دولار) مُحتجزة في سويسرا، ويعود القسم الأكبر منها إلى نجلي الرئيس المخلوع مبارك، علاء وجمال.
وأوضح البيان، بحسب موقع "سويس أنفو" السويسري الناطق بالعربية، أن قضايا تتعلق بتهمة تكوين تشكيل إجرامي وغسيل الأموال لا زالت معلقة بحق خمسة أشخاص، من بينهم نجليْ مبارك، بالإضافة إلى شخص غير معروف.
وكان القرار الذي أعلنته الحكومة السويسرية في 20 ديسمبر 2017، بإلغاء تجميد أصول مصرية، بحوالي 430 مليون فرنك سويسري (436 مليون دولار)، تخص رجال نظام مبارك، قد أثار حينها حالة من الجدل واللغط القانوني على الساحة المصرية.
وفيما انتقدت القاهرةُ القرار السويسري، معتبرة أنه استند إلى أسس "غير صحيحة"، أوضحت سويسرا أن القرار لا يعني رفع اليد نهائيًا عن المبلغ المُجمّد؛ حيث ستظل هذه الأموال محتجزة، في سياق التحريات الجنائية التي تجريها سويسرا، بواسطة مكتب المدعي العام الفدرالي (النائب العام) بغرض تحديد ما إذا كانت مصادر هذه الأصول مشروعة أو غير قانونية.
وكانت الحكومة السويسرية قد جمدت في عام 2011 عقب ثورات "الربيع العربي أصول الديكتاتور المصري المخلوع ومقربين منه في سويسرا كإجراء احترازي. وفي بداية الأمر، تم تجميد حوالي 700 مليون دولار على ارتباط بثمانية وعشرين شخصا و45 كيانًا قانونيًا كما قامت السلطات بالتحقيق في (140) حسابًا مصرفيًا سويسريًا.
وأشار الموقع السويسري إلى أنه في وقت لاحق، اضطرت السلطات السويسرية للتراجع بناء على طلب السلطات المصرية التي عقدت ما يسمى بـ "اتفاقات مصالحة" في مصر. وقد أدت هذه الاتفاقات، إلى جانب صدور عدة أحكام بالبراءة أو بإسقاط إجراءات الملاحقة، إلى تخلي المحاكم المصرية عن متابعة الإجراءات الجنائية في أهم القضايا التي يُمكن ربطها بالأصول المُجمّدة في سويسرا.
وأوضح الموقع أنه بعد أن سحبت القاهرة اتهاماتها، لم يعد مكتب المدعي العام الفدرالي السويسري قادرًا على إثبات أنشطة غسيل الأموال في سويسرا وقرر إسقاط التحقيقات ضد العديد من الأفراد المعنيين بهذه القضايا.
يذكر أن سويسرا أوقفت التحقيق ضد عدد من الشخصيات المقربة من نظام مبارك في شهر ديسمبر 2016 وأعادت 180 مليون فرنك من الأموال المجمّدة إلى أصحابها وليس إلى الدولة المصرية.
وكشف الموقع أنه في عام 2018، أعادت سويسرا 32 مليون فرنك إلى الدولة المصرية كانت في الأصل مملوكة لرجل الأعمال والقيادي في الحزب الوطني المنحل، أحمد عـز.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها مكتب المدعي العام الفدرالي بإعادة أصول مُجمّدة إلى الدولة المصرية وليس إلى صاحبها. وأكد مكتب المدعي العام الفدرالي، حينها، أن السبب المحتمل وراء تسليم أموال عز إلى الدولة هو عقد صفقة مصالحة بينه وبين السلطات المصرية. وبناءً على هذه الصفقة، أوقفت سويسرا التحقيق ضد أحمد عز.
وفي 22 نوفمبر 2018، أعلنت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي تأييدها لقرار مجلس الاتحاد الأوروبي الخاص باستمرار تجميد أموال أسرة مبارك. وأشارت المحكمة إلى أنه "حتى بافتراض أن الوضع في مصر تطور بعد 2011 وبطريقة مخالفة للديمقراطية فإن هذا لا يؤثر على سلطة مجلس الاتحاد الأوروبي وقدرته على تجديد قراره الأصلي" بتجميد أموال أسرة مبارك.
وكان مجلس الاتحاد الأوروبي قد اتخذ قرار تجميد أموال أسرة مبارك في مارس 2011 وتم تمديد القرار خلال السنوات التالية.
وتجاوبا مع قضايا الفساد ونهب الأموال التي أطلقتها ثورات الربيع العربي، بدأت سويسرا في عام 2016، العمل بقانون جديد للمساعدة في التحفظ على الثروات غير المشروعة للطغاة الأجانب الموجودة في البنوك السويسرية.
ويُتيح القانون الجديد، بحسب موقع سويس انفو، للسلطات السويسرية التحفظ على الأموال التي نهبها القادة الأجانب وإعادتها إلى الدول المعنية حتى في الحالات التي لا يُمكن إيجاد حل لها من خلال الطلبات الدولية للمساعدة القانونية المتبادلة.
ومنذ قضية ماركوس (الفلبين) في عام 1986، ارتفع عدد الحالات التي تم فيها التحفظ على الأموال غير المشروعة في المصارف السويسرية وإعادتها لتشمل مونتيسينوس (البيرو) وموبوتو (جمهورية الكونغو الديمقراطية، زائير سابقا) ودوس سانتوس (أنغولا) وأباشا (نيجيريا) وساليناس (المكسيك) ودوفالييه (هايتي) وبن علي (تونس)، ومبارك (مصر).