قال السفير أسامة عبدالخالق، سفير مصر بأثيوبيا ومندوب مصر الدائم بالاتحاد الأفريقي، إن مقابلتين مهمتين عقدتا خلال الأسبوع الماضي بالقاهرة مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، الأولى لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقيه، والأخرى لرئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى القاهرة.
وأضاف خلال مداخلة هاتفية لبرنامج «من مصر» الذي يقدمه الإعلامي عمرو خليل عبر فضائية «cbc»، مساء أمس السبت، أن الرئيس السيسي ركز خلال إلقاء كلمته بالقمة الأفريقية في الدورة الـ 34 للاتحاد الأفريقي على الجهد المبذول لمواجهة تحدي أزمة فيروس كورونا والمساعدات التي قدمتها مصر لأكثر من دولة.
وأشار إلى تطرق السيسي خلال كلمته بالقمة إلى عدالة توزيع لقاحات كورونا، لافتًا إلى "ممارسة القيادة السياسية لنوع من الصبر الاستراتيجي في التعامل مع أزمة سد النهضة".
ولفت النظر إلى تأكيد الرئيس السيسي على بذل مصر لكل الجهود التي تتطلع إلى نجاحها وكذلك على الأسس المصرية الواضحة في هذا الملف، معربًا عن أمله في حل الأزمة خلال ترأس دولة الكونغو للدورة المقبلة من الاتحاد الافريقي.
تعنت إثيوبي
وانطلقت أمس، أعمال قمة الاتحاد الأفريقى في دورتها الـ 34 عبر الفيديو كونفرانس، وذلك في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا، بمشاركة محدودة بسبب الإجراءات الاحترازية لوباء كورونا.
وجدد وزير المياه والري الإثيوبي سلشي بقلي، مساء أمس السبت، رفض إثيوبيا أي اتفاق يحيد عن إعلان المبادئ بشأن سد النهضة الإثيوبي الموقع عليها في مارس 2015.
وقال الوزير الإثيوبي إن مشاكل خطيرة ظهرت في المفاوضات الثلاثية بسبب "حملة تشويه" للسد، لافتا إلى أن مصر والسودان لم تتمكنا من التوصل إلى اتفاق بإثارة "آراء متناقضة".
وقال "يجري بناء سد النهضة بشكل سريع، ومن المتوقع أن يخزن السد 13.5 مليار متر مكعب من المياه في موسم الأمطار القادم".
من جهته، أكد وزير الري السوداني، ياسر عباس، أن أي ملء أحادي لخزان سد النهضة سيمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي السودانى.
وأضاف وزير الري السوداني أن بلاده اقترحت توسيع مفاوضات سد النهضة لتشمل مع الاتحاد الإفريقي أوروبا وواشنطن وبعض الوسطاء.
وكان الوزير السوداني، قد أكد في تصريحات سابقة، أن سلامة نصف سكان السودان تعتمد على اتفاق آمن لملء سد النهضة.
ومن جانبه، قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري خلال لقائه، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقيه الأحد الماضي، إن القاهرة تريد التزامًا من إثيوبيا للتوصل لاتفاق قانوني حول سد النهضة.
وخلال اللقاء استعرض شكري موقف مصر بخصوص ملف السد، مؤكدًا استعداد مصر الدائم للانخراط في مفاوضات جادة وفعالة من أجل التوصل في أسرع وقت ممكن إلى اتفاق قانوني ملزم حول قواعد ملء وتشغيل السد على أن يقابله التزام مماثل من الجانب الإثيوبي، وذلك تنفيذا لمقررات اجتماعات هيئة مكتب الاتحاد الإفريقي، وبما يحقق مصالح الدول الثلاث ويحفظ ويؤمن حقوق مصر ومصالحها المائية.
وساطات جديدة
يأتي ذلك فيما برزت مؤشرات لدخول أطراف جديدة على خط المفاوضات للتوصل إلى اتفاق يحقق مصلحة جميع الأطراف، ويُنهي واحدة من أصعب الأزمات التي تواجه دول حوض النيل، والمستمرة منذ أكثر من 10 سنوات.
وبخلاف جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي ستتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي خلفاً لجمهورية جنوب أفريقيا، فإن أطرافاً أخرى أيضاً أبدت اهتماماً بالدخول على خط الأزمة عبر السودان الذي احتضن لقاءات ذات صلة، من بينها ما أعلنه السفير البريطاني لدى الخرطوم عرفان صديق عن تعهد بلاده بدعم ملف سد النهضة للوصول إلى اتفاق مرضٍ لجميع الأطراف.
ومن السودان أيضاً، دخلت أيضاً الولايات المتحدة وإيطاليا على خط الأزمة، بالتأكيد على حق الخرطوم في "تبادل المعلومات بصورة منتظمة لتأمين سدوده ومنشآته المائية وسلامة مواطنيه عند تشغيل السد الإثيوبي"، وذلك خلال لقاء وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس، الأسبوع الماضي، مع سفيري الولايات المتحدة وإيطاليا، لبحث آخر تطورات المفاوضات.
فيما تتباين التوقعات والتحليلات حول مدى نجاعة الأدوار الدولية والإقليمية في حلحلة ملف الأزمة، ويعتقد محللون بأن عامل الوقت قد لا يكون في صالح دولتي المصب، ومن ثمّ التوجه إلى مجلس الأمن من جديد قد يكون الحل الأمثل.
ماراثون تفاوضي
ولم تتمكن الدول الثلاث من الوصول إلى توافق بجدول محدد حول التصرفات المائية المنطلقة من سد النهضة في الظروف الهيدرولوجية المختلفة للنيل الأزرق، ولا توجد إجراءات واضحة من الجانب الإثيوبي للحفاظ على قدرة السد العالي على مواجهة الآثار المختلفة التي قد تنتج عن ملء وتشغيل سد النهضة، خصوصا إذا واكب ذلك فترة جفاف أو جفاف ممتد لعدة سنوات متتابعة.
وتسعى مصر والسودان للتوصل لاتفاق ملزم قانونا، يضمن تدفقات مناسبة من المياه وآلية قانونية لحل النزاعات قبل بدء تشغيل السد، غير أن إثيوبيا، احتفلت في أغسطس، بالمرحلة الأولى من ملء السد بشكل منفرد، وتصر على استكمال عملية الملء والتشغيل دون اتفاق.
وتتمسك مصر بحقوقها التاريخية في مياه نهر النيل، وبالقرارات والقوانين الدولية في هذا الشأن، وترفض أي إجراءات أحادية تمضي فيها أديس أبابا، وتطالب إثيوبيا بضرورة الالتزام بمبادئ القانون الدولي.
ولعبت واشنطن دور الوسيط في المفاوضات الجارية بين إثيوبيا والسودان ومصر، للوصول لحل للقضايا العالقة بين الأطراف بشأن سد النهضة، لكن وبعد مفاوضات ماراثونية رفضت إثيوبيا التوقيع على صيغة اتفاق اعدتها واشنطن بالتعاون مع البنك، فيما وقعت عليها مصر بالحرف الأولى، بينما وافق السودان على مسودة الاتفاق لكنه ربط توقيعه بالتوقيع الإثيوبي لتجنب اتساع الفجوة بين الأطراف الثلاثة.