كانت الصين أول بلد ضربتها جائحة فيروس كورونا، وعانى اقتصادها بشدة في البداية حيث تقلص الناتج الإجمالي 10 % في الربع الأول من 2020 مع الإغلاق التام لمقاطعة هوبي، ووقف كثير من كبرى المدن لجزء من نشاطها.
إلا أن بكين كانت أول اقتصاد يتعافى، وأظهرت أرقام رسمية نمواً مثيراً للإعجاب بلغ 11.5 % خلال الفصل الثاني من عام 2020.
النمو الذي فاق التوقعات، دفع مركز رائد للأبحاث الاقتصادية، للتوقع أن الصين ستصبح أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2028، متفوقة بذلك على الولايات المتحدة.
مركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال (سي إي بي آر)، الذي يتخذ من بريطانيا مقرا، أكد أن وباء كورونا وتداعياته الاقتصادية كانت لصالح الصين، مشيرا إلى أن إدارة بكين الماهرة للأزمة ستجعلها الاقتصاد العالمي الرئيسي الذي سيتوسع العام المقبل.
وفي تقرير سنوي نُشر السبت، قال المركز "لبعض الوقت، كان الموضوع الرئيسي في الاقتصاد العالمي هو الصراع الاقتصادي والقوة الناعمة بين الولايات المتحدة والصين".
وأضاف المركز أن "جائحة كوفيد-19 والتداعيات الاقتصادية المصاحبة لها رجحت بالتأكيد كفة الصين في هذه المنافسة". وكان من المتوقع أن يبلغ متوسط نمو اقتصاد الصين 5.7 % سنويا ما بين عامي 2021 و2025 قبل أن يتباطأ إلى 4.5 % سنويا من 2026 إلى 2030.
وفي المقابل، من المرجح أن تشهد الولايات المتحدة انتعاشا اقتصاديا قويا عام 2021، فيما يتوقع أن يتباطأ نمو اقتصادها إلى 1.9 % سنويا بين 2022 و 2024، ثم إلى 1.6 % بعد ذلك.
وبحسب التوقعات، ستظل اليابان ثالث أكبر اقتصاد في العالم، من حيث القيمة الدولارية، حتى أوائل العقد الثالث من القرن الحالي عندما تتفوق عليها الهند، لتدفع ألمانيا للهبوط من المركز الرابع إلى الخامس.
وتوقع المركز أن تتراجع المملكة المتحدة، التي تعد حاليا خامس أكبر اقتصاد وفقا لمقياس (سي إي بي آر)، إلى المركز السادس اعتبارا من عام 2024.
ومع ذلك، ورغم الضربة التي ستتعرض لها بريطانيا العام 2021 مع خروجها من السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، كان من المتوقع أن يكون الناتج المحلي الإجمالي البريطاني بالدولار أعلى بنسبة 23 % من فرنسا بحلول عام 2035، بسبب تقدم بريطانيا في الاقتصاد الرقمي متزايد الأهمية.
وقال مركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال، إن أوروبا شكلت 19 % من الناتج العام في أكبر 10 اقتصادات عالمية في 2020، لكن ذلك سينخفض إلى 12 % بحلول 2035، أو أقل إذا كان هناك انقسام حاد بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.
وأفاد المركز أيضا بأن من المرجح أن يظهر تأثير الوباء على الاقتصاد العالمي في ارتفاع التضخم وليس تباطؤ النمو.
وأضاف المركز "نرى دورة اقتصادية مع ارتفاع أسعار الفائدة في منتصف عام 2020"، وهو ما يشكل تحديا للحكومات التي اقترضت بشكل كبير لتمويل استجابتها لأزمة كوفيد-19.
وأردف "لكن الاتجاهات الأساسية التي تم تسريعها من خلال هذا تشير إلى عالم أكثر صداقة للبيئة وأكثر اعتمادا على التكنولوجيا مع انتقالنا إلى 2030".
وأشار مراقبون إلى أن معظم الانتعاش الذي تشهده الصين يعود إلى الصناعة والبناء وليس استهلاك الأسر، وقفز أيضاً إجمالي الائتمان والإقراض بأنواعهما بقوة، ما يبين كيفية تمويل هذا النشاط، وهذا يوحي بأن التعافي ناتج بكثافة من إجراءات التحفيز التي نفذتها الحكومات المركزية والمحلية.
كما حافظت الصادرات الصينية على قوتها في شكل مفاجئ في الفصل الثاني لعام 2020، رغم تراجع التجارة العالمية، في حين زادت الشركات الصينية على ما يبدو حصتها في السوق.
ويعتقد لويس كويجس المحلل في "أوكسفورد إيكونوميكس" بأن أحد أسباب ذلك قد يكون تحويل الشركات الصينية بسرعة العمليات نحو زيادة صادرات البضائع التي تحظى بطلب عالمي مرتفع مثل معدات الحماية الشخصية.