وصفت صحيفة زوددويتشه الألمانية صفقة تطبيع المغرب العلاقات مع إسرائيل بالسيئة، مشيرة إلى أنّها تجلب مشاكل أكثر ولا تعتبر بمثابة حل للسلام.
ورأت الصحيفة في تقرير لها تحت عنوان "صفقة رديئة" أنّ رئيس الولايات المتحدة المنتهية ولايته دونالد ترامب بارع في "المقايضة"، لافتة إلى أنّ صفقة تطبيع المغرب الأخيرة مع إسرائيل تبعث رسالة مفادها أنّ الرئيس الجمهوري لا يزال أقوى رجل في العالم برغم قرب انتهاء ولايته.
وأضاف التقرير أنّ ترامب وافق على كل طلبات المغرب بشأن الصحراء الغربية، وهي منطقة احتلتها الرباط منذ عام 1975 بشكل ينتهك القانون الدولي، الأمر الذي يستدعي التصعيد.
الصحيفة أوضحت أنّ مقايضة ترامب تخلق مشاكل على المدى الطويل أكثر مما تساهم في إيجاد الحلول، فمن ناحية، سيتضرر سكان الصحراء الغربية، ومن ناحية اخرى، فإنّ الإشارة التي تنبثق من هذه المقايضة قاتلة، لأنّ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وضعا بعناية آليات لحل هذا النزاع، لكن ترامب تجاهل كل هذه القرارات.
وتابعت الصحيفة: '' أولئك الذين يلتزمون بمطالب ترامب بشأن الاعتراف بإسرائيل، يُكافئون، مما يشير إلى أنّ إبرام علاقات سلام مع إسرائيل أصبح مقايضة".
وأصبح المغرب رابع دولة عربية هذا العام تقوم بتطبيع علاقتها مع إسرائيل. ولم يصدر الإعلان عن الصفقة من قبل المعنيين، ولكن من قبل دونالد ترامب، وفقًا للتقرير .
ملك المغرب
وأعلن الرئيس الأمريكي الجمهوري يوم الخميس على "تويتر" أنّ "الصديقين العظيمين" اتفقا على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة، وفي الوقت نفسه، أعلن ترامب أيضًا أنّ حكومته ستعترف بمطالبة المغرب بالأراضي المتنازع عليها في الصحراء الغربية.
وكانت الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان قد شرعوا في السابق في طريق تطبيع علاقاتهم مع دولة الاحتلال الصهيونية، حيث لعبت الحكومة الأمريكية دورًا رئيسيًا
وفي سبتمبر الماضي، زعم ترامب أنّ ما بين خمس وتسع دول عربية أخرى على وشك اتباع نفس خطوة الإمارات.
وأردف التقرير: "يتركز الاهتمام الدولي بشكل خاص على المملكة العربية السعودية، التي تتمتع بمكانة مهيمنة في العالم الإسلامي بسبب ثروتها النفطية، ويمكن أن يقود تطبيعها مع إسرائيل إلى سلسلة من ردود الفعل المشابهة".
ومع ذلك، تصر الرياض حتى الآن على موقفها القائل بأنّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يجب أن يُسوى أولاً على أساس حل الدولتين.
ويوم الخميس 10 ديسمبر ، قال صهر ترامب وكبير مستشاريه جاريد كوشنر إنّ "التطبيع" بين السعودية وإسرائيل أمر لا مفر منه، ولم يتبقى عليه سوى إعلان الإطار الزمني له.
وتعتبر العلاقات بين إسرائيل والمغرب وثيقة نسبيًا، حيث كان هناك جالية يهودية كبيرة ذات تاريخ يعود إلى قرون. ويزور حوالي ٥٠ الف إسرائيلي الدولة الواقعة في شمال إفريقيا كل عام، وكانت الزيارات المتبادلة على مستوى السفارتين قائمة منذ التسعينيات حتى قطع المغرب العلاقات في عام 2002 بسبب الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
ومن المتوقع الآن إعادة فتح هذه المكاتب الدبلوماسية بسرعة واستئناف الرحلات الجوية المباشرة من إسرائيل إلى المغرب بشكل أسرع.
كوشنر يجلس في مأدبة ملك المغربوتابعت الصحيفة: "أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش يوم الخميس أنّ موقف الأمم المتحدة من نزاع الصحراء الغربية لم يتغير على الرغم من اعتراف الحكومة الأمريكية بادعاءات المغرب، مشيرًا إلى أنّ الحل لا يزال يكمن في المفاوضات في إطار قرارات مجلس الأمن الدولي في 1991 و 1992".
وقد أدت مفاوضات مجلس الأمن في عامي ١٩٩١ و ١٩٩٢ إلى إنشاء منطقة عازلة بين جزء من الصحراء الغربية الذي تحتله الرباط وجزء من الصحراء الغربية الذي تسيطر عليه منظمة التحرير "جبهة البوليساريو".
وكان ينبغي أن يقرر سكان المنطقة في عام 1992 في استفتاء على الاستقلال أو الانضمام إلى المغرب، لكن بسبب مقاومة الحكومة المغربية، تم تأجيل هذا التصويت عدة مرات ولم يتم أبدا. وبعد سنوات من المفاوضات غير المثمرة، أعلنت جبهة البوليساريو نهاية هدنة عام 1991 في 13 نوفمبر بسبب الأنشطة العسكرية المغربية في المنطقة العازلة.
التطبيع لن يهمش القضية الفلسطينية
وفي نفس السياق، رأت صحيفة فرانكفورته الجماينه الألمانية أنّ تطبيع الدول العربية (الإمارات والبحرين والسودان والمغرب) العلاقات مع إسرائيل لن يهمش القضية الفلسطينية، لأنّه لن يكون هذا السلام مستدامًا إلا بتقارب إسرائيل مع فلسطين.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها تحت عنوان ''لا بديل للسلام مع الفلسطينيين'' أنّه في الأشهر الأخيرة من رئاسته، نجح دونالد ترامب في جلب موافقة أربع دول عربية على الاعتراف بإسرائيل، وآخرها المملكة المغربية، لكن على العالم أن يحترس من هذه الأوهام، فالسلام الكبير بين العالم العربي وإسرائيل لن يتحقق من خلال هذا التطبيع المعتمد على المساومات.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ إقامة بعض الدول العربية علاقات دبلوماسية مع دولة الاحتلال لم ينبع من تحسن المناخ السياسي في الشرق الأوسط، بل نتيجة صفقات تحقق مصالح خاصة لهذه الدول.
على سبيل المثال، أقام المغرب علاقات دبلوماسية مع إسرائيل لأنّ ترامب اعترف بسيادة المغرب على منطقة الصحراء الغربية، وهو أمر مثير للجدل بموجب القانون الدولي. ومع السودان، يقضي الاتفاق بشطب الدولة الفقيرة من قائمة واشنطن للإرهاب والحصول على تمويل دولي.
ومن ناحية أخرى، لم تربط الإمارات العربية المتحدة الاعتراف بإسرائيل فقط بالحصول على التكنولوجيا الإسرائيلية ،ولكن أيضًا بشراء الطائرة الأمريكية الشبحية F35، بينما تسير المنامة على خطى أبو ظبي لقمع المعارضة الداخلية.
ورأت الصحيفة أنّ أي تطبيع للعلاقات بين دولة عربية وإسرائيل يعد جيدًا ويخدم السلام فقط، إذا كان مستدامًا، ولتحقيق هذه الاستدامة، يجب على إسرائيل أن تقترب من الفلسطينيين، لأنّه بدون سلام بين الطرفين لن يكون هناك سلام دائم بين إسرائيل والدول العربية.
رابط النص الأصلي