على مدى الأيام القليلة الماضية توقع المصريون بأن تشهد أزمة سد النهضة مخرجا بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة، والتي على إثرها عادت الاجتماعات مرة أخرى بين مصر وإثيوبيا والسودان بعدما تجمدت لنحو شهرين، إلا أن اجتماعات الأسبوع الحالي انتهت بعدم التوافق على آلية جديدة لإدارة المفاوضات، ليصبح مصيرها كمصير سلسلة المفاوضات التي دارت طوال السنوات الـ9 الماضية.
وخلال الأسبوع الجاري استأنف خبراء قانونيون وفنيون من مصر والسودان وأثيوبيا، الاجتماع السداسي حول سد النهضة لوضع قواعد مرجعية لخبراء الاتحاد الافريقي، بغرض تقديم المساعدة للأطراف الثلاثة لتخطي الخلافات وصولاً لاتفاق مرض تتوافق عليه الدول الثلاث.
وتأتي الاجتماعات في إطار مخرجات الاجتماع السداسي في 27 أكتوبر الماضي، بحضور وزراء الخارجية والري من الدول الثلاث من أجل التباحث بهدف إعادة إطلاق المفاوضات حول السد الإثيوبي.
عدم توافق
وفي هذا الصدد عقد وزراء المياه بمصر والسودان وأثيوبيا، اليوم الأربعاء 4 نوفمبر 2020، اجتماعا لمناقشة الإطار الأمثل لإدارة المفاوضات الجارية برعاية الاتحاد الإفريقى.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الري والموارد المائية، إنه اتضح خلال المناقشات عدم توافق الدول الثلاث حول منهجية استكمال المفاوضات في المرحلة المقبلة.
وأضاف المتحدث باسم الري، في بيان صحفي اليوم، إن الدول الثلاث اتفقت على أن يرفع كل منها تقريرا لجنوب أفريقيا بوصفها الرئيس الحالي للإتحاد الإفريقى.
ومن المقرر أن يتضمن التقرير مجريات الاجتماعات ورؤيتها حول سُبل تنفيذ مخرجات اجتماعي هيئة مكتب الاتحاد الإفريقى على مستوى القمة، اللذين عقدا يومى 26 يونيو 2020 و21 يوليو 2020 واللذين أقرا بأن تقوم الدول الثلاث بإبرام اتفاق قانونى ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة.
وكانت لجنة الخبراء القانونية والفنية المكونة من عضوين من كل دولة من الدول الثلاث، قد انهت اجتماعاتها، أمس الثلاثاء، والتي استمرت على مدار يومين بغرض بحث منهجية التفاوض خلال الفترة القادمة ومناقشة المقترحات المقدمة من الدول الثلاث في هذا الشأن.
وقد اتفقت الدول الثلاث، خلال اجتماع أمس الثلاثاء، على قيام كل دولة بعرض وجهة نظرها خلال اجتماع وزراء الري من الدول الثلاث، اليوم الأربعاء، والذي انتهى بعدم التوافق حول منهجية استكمال المفاوضات في المرحلة المقبلة.
عودة المفاوضات
عودة ملف سد النهضة الأثيوبي مجددا لطاولة التفاوض، بعد حالة من الركود والجمود دامت نحو شهرين، تأتي بعدما وجه الرئيس الأمريكي ترامب تهديدا شديد اللهجة لأديس أبابا خلال اتصال جمعه برئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، إذ أكد أن مصر قد "تُفجر سد النهضة" في حال عدم التوصل لاتفاق.
وقال ترامب: "لقد وجدتُ لهم اتّفاقاً، لكنّ إثيوبيا انتهكته للأسف، وما كان ينبغي عليها فعل ذلك. كان هذا خطأً كبيراً". وأردف: "لن يَروا هذه الأموال أبداً ما لم يلتزموا هذا الاتّفاق".
وخلال الاجتماعات التي انعقدت الأيام الماضية، طرحت الوفود من الدول الثلاث رؤيتها لآليه استكمال المفاوضات.
وأكدت مصر خلال الاجتماع على ضرورة تنفيذ مقررات اجتماعات هيئة مكتب الاتحاد الإفريقي، بالتوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم حول ملء وتشغيل سد النهضة بما يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث ويؤمّن مصالحها المائية.
ولم تتمكن الدول الثلاث من الوصول إلى توافق بجدول محدد حول التصرفات المائية المنطلقة من سد النهضة في الظروف الهيدرولوجية المختلفة للنيل الأزرق. ولا توجد إجراءات واضحة من الجانب الإثيوبي للحفاظ على قدرة السد العالي على مواجهة الآثار المختلفة التي قد تنتج عن ملء وتشغيل سد النهضة، خصوصا إذا واكب ذلك فترة جفاف أو جفاف ممتد لعدة سنوات متتابعة.
وتسعى مصر والسودان للتوصل لاتفاق ملزم قانونا، يضمن تدفقات مناسبة من المياه وآلية قانونية لحل النزاعات قبل بدء تشغيل السد، غير أن إثيوبيا، احتفلت في أغسطس، بالمرحلة الأولى من ملء السد وتصر على الاستكمال دون اتفاق.
وتتمسك مصر بحقوقها التاريخية في مياه نهر النيل، وبالقرارات والقوانين الدولية في هذا الشأن، وترفض أي إجراءات أحادية تمضي فيها أديس أبابا، وتطالب إثيوبيا بضرورة الالتزام بمبادئ القانون الدولي.