هل أطاح «القذافي» بيوسف بن علوي من خارجية عمان؟

يوسف بن علوي

ضمن سلسلة تغييرات وزارية، أجراها سلطان عمان هيثم بن طارق الثلاثاء، استُبعد يوسف بن علوي من منصب وزير الخارجية الذي يتولاه منذ عام 1997، وقام خلال تلك الفترة الطويلة بتنفيذ سياسة خارجية فريدة أرساها السلطان الراحل قابوس بن سعيد، تقوم على الحياد في منطقة مشتعلة وشديدة التعقيد، وهو ما مكنه من إبقاء الأبواب مشرعة مع كافة الجيران والفرقاء الإقليميين.

 

وأثار توقيت إبعاد يوسف بن علوي جدلاً واسعا، حيث ربط البعض بينه وبين الاتصال الهاتفي الذي تلقاه من نظيره الإسرائيلي جابي أشكنازي يوم الاثنين، وبين إجرائه اتصالا مع أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح الفلسطينية، جبريل الرجوب.

 

وبحسب بيان لوزارة الخارجية العمانية، فقد أكد بن علوي في اتصاله بالوزير الإسرائيلي على "موقف السلطنة الثابت والداعم لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في الشرق الأوسط، وضرورة استئناف مفاوضات عملية السلام وتحقيق المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما يتوافق في ذات الوقت مع الموقف العربي".

 

كما أشارت الوزارة إلى أن علوي أكد في حديثه مع الرجوب على "عمق العلاقات العمانية الفلسطينية، وجهود السلطنة الإقليمية والدولية الداعمة لفرص تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في الشرق الأوسط".

 

أما الكاتب والمحلل السعودي فيصل الشمري فكان له رأي آخر، حيث عزا القرار السلطاني باستبدال بن علوي إلى "تسجيلات بن علوي مع القذافي"، التي قال إنها "لا تسعف التوازن في العلاقات التي يريدها السلطان الجديد".

 

وكانت تسجيلات مسربة انتشرت مؤخرا، منسوبة لبن علوي، قيل إنه يتحدث فيها مع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في قضايا تتعلق بأمن السعودية.

 

واعتبر الشمري أن إقالة بن علوي بعد 23 عاما من قيادته دبلوماسية بلاده، تدفع نحو "تقارب أكبر من السلطنة مع محيطها الخليجي".

 

في المقابل رأى آخرون أن هذا الربط ليس له أساس من الصحة، فقال الصحفي العماني أحمد الشيزاوي إن التغيير الوزاري كان معدا سلفا، ولا علاقة له بالتطورات الأخيرة في المنطقة.

 

وفي تعليق مباشر على هذا الموضوع قال الصحفي السعودي عضوان الأحمري في تغريدة له على تويتر : "يوسف بن علوي خارج الواجهة السياسية في عمان منذ ٢٣ عاما. السلطان الجديد هيثم بن طارق يميل لتقارب أكثر مع السعودية وموازنة العلاقة مع إيران. وتسجيلات القذافي والتي ظهر فيها بن علوي متجاوبا مع أحاديث عن أمن المملكة هزّت صورته في الشارع السعودي والخليجي، وكانت الإقالة متوقعة".

 

وعلق عدد من النشطاء في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، على إبعاد بن علوي من وزارة الخارجية العمانية بعد إدارته دبلوماسية بلاده أكثر من عقدين من الزمن.

 

ورأى أحدهم أنها كانت "متوقعة منذ ظهور تسريباته مع القذافي قبل أشهر"، مرجحا أن سلطان عمان هيثم بن طارق، أرجأ "الإقالة حتى لا ينظر لها على أنها استجابة لضغوط خارجية".

 

من جانبه، رأت صحيفة "العرب" اللندنية، القريبة من أبو ظبي، أن التغيير الذي أحدثه سلطان عمان هيثم بن طارق على رأس وزارة الخارجية دعّم سلسلة المؤشّرات التي تواترت خلال الفترة الأخيرة والتي تدل على أنّ السلطنة بصدد إجراء تعديلات مهمّة على وجهة سياستها الخارجية؛ وذلك في ضوء الحاجات المستجدّة للسلطنة.

 

وأوضحت الصحيفة أن تلك التعديلات تشمل "الخروج من حالة "الحياد" إزاء بلدان الخليج وقضاياها باتّجاه المزيد من التقارب مع تلك البلدان، والانخراط معها في تعاون سياسي واقتصادي أوسع نطاقا، حيث لم تعد الظروف الطارئة، وخصوصا الأزمة الاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا وعن تهاوي أسعار النفط، تسمح لمسقط بالمزيد من التغريد خارج السرب الخليجي.

 

وأضافت "لم يستبعد مراقبون أن تخطو الدبلوماسية العمانية بقيادة وزير الخارجية الجديد بدر البوسعيدي خطوة إلى الوراء في العلاقة المتينة التي ظلت لسنوات طويلة تربط بين عمان وإيران، في ظل تعاظم التساؤلات عن الفائدة التي تجنيها السلطنة من وراء تلك العلاقة.

 

وتابعت: "من التغييرات الكبيرة المنتظرة أيضا في العلاقات الإقليمية للسلطنة، ترسيم العلاقة مع إسرائيل اقتداء بالخطوة التي اتّخذتها دولة الإمارات وباركتها سلطنة عمان".

 

ومضت قائلة: "غير أنّ ما يظل في حكم المؤكّد، تحقيق المزيد من التقارب والتعاون بين سلطنة عمان ودول الخليج، وهو ما شرعت مسقط في تطبيقه بشكل عملي مع دولة الإمارات العربية المتّحدة بعد سنوات من الفتور النسبي الذي ساد العلاقة بين البلدين. وعجّلت الظروف المالية والاقتصادية الضاغطة على مسقط خطوات تقاربها مع أبوظبي".

 

 

ويوسف بن علوى دبلوماسي محنك وصف بأوصاف عديدة مثل: "مهندس السياسة الخارجية العمانية"، و"خنجر السياسة العمانية" وقام بدور محوري في بروز مسقط كلاعب دبلوماسي على المستوى الإقليمي، والمحافظة على علاقات "متوازنة" مع أطراف إقليمية متنافسة، مما هيأ السلطنة للقيام بأدوار وساطة في ملفات متعددة كالملف النووي الإيراني والحرب في اليمن والأزمة الخليجية.

 

وولد يوسف بن علوي عام ١٩٤٥ في مدينة صلالة العمانية ومن ثم انتقل إلى الكويت لمتابعة دراسته وعمل في العديد من الشركات والدوائر الحكوميّة الكويتية، قبل أن يصبح عضواً في اللجنة العمانية للنوايا الحسنة الموفدة إلى العواصم العربيّة عام 1971، ثم سفيرا لعمان لدى بيروت ونائبا للأمين العام لوزارة الخارجية.

 

وفي عام١٩٩٧ اختير وزيراً للشؤون الخارجية وظل يشغل المنصب حتى إقالته.

 

 

مقالات متعلقة