وقف يُحدّث البحر ويدعو الرب أن يخرج جثمان نجله "شادي" الذي ابتلعته أمواج النخيل قبل نحو ثلاثة عشر يومًا، خاصة وأن الأمل لم يعد ببعيد بعد ظهور "نور" غريق بلطيم إثر مرور 11 يومًا..
ففي الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء، كان الأب المكلوم يسير على ضفاف شاطئ النخيل أملًا في العثور على نجله الذي ابتلعته الأمواج قبل نحو 13 يومًا، حيث أخذ يمسح البحر والرمال بعينيه في كل اتّجاه عله يرى جثمان الصبي يطفو هنا أو هناك فتلك كانت أقصى أمانيه.
وفجأة بينما كان الأب يسير على الرمال سابحًا في تلك الأماني، إذا بعينيه تقع على جثمان مُلقى على الشاطئ ولكنه غير مُتضح المعالم، فما كان منه إلا أخذ يُنادى على كابتن محمد عوض، كبير الغطاسين المشارك في البحث عن جثة هذا الغريق، وهو من روى لـ "مصر العربية" تفاصيل تلك الساعات الصعبة صباح اليوم.
ففي تلك الليلة تحديدًا قبل العثور على هذا الجثمان كان القرار المُتخذ هو وقف البحث مؤقتًا وعدم النزول للبحر والاكتفاء بمسح المكان من الخارج، نظرًا لسوء حالة البحر وارتفاعه، وتم الاستقرار على منح الغطاسين قسطًا من الراحة لاستكمال البحث في الأيام التالية بشكل مكثف.
فلم يبق تلك الليلة على شاطئ النخيل سوى كابتن محمد عوض، صاحب الـ 66 عامًا وبرفقته 3 آخرون والأب المكلوم الذي التهم البحر 3 من أبنائه عُثر منهم على اثنين وينتظر خروج الثالث، أما باقي الفريق فالتزم بما اتفقوا عليه استعدادًا للمهمة الشاقة بدءًا من يوم الجمعة.
ومع بزوغ فجر هذا الصباح جلس كابتن معوض مع الأب يصبره ويهيئه نفسيًا أنه بعد كل هذه المدة قد يخرج الجثمان بفعل الأمواج العالية ولكن قد يكون غير متضح المعالم قائلًا: "كنت فقط اريد أن اهيئه نفسيًا".
وبالفعل طلب "كابتن معوض" من الأب أن يسير شرقًا ووزع المهام على باقي الفريق فكل واحد منهم سار في اتجاه، يقول "عوض": "طلبت ملاية عشان لو لاقينا الجثمان في المياه نقدر نرفعه بها، ولو خرج على الشط نستره ونغطيه، وقلت لوالد شادي لو لاقيته وانت ماشي عرفني وهتلاقيني عندك".
وبالفعل اخذ كل واحد منهم طريق، ولم يمر سوى 5 دقائق، فإذا بوالد الشاب الغريق ينادي على "كابتن عوض" ويخبره بعثوره على جثمان.
"لأ مش ابني,, لأ مش ابني"؛ كلمات على هذا النحو أخذ يتمتم بها عم عبد الله والد الغريق "شادي" حينما وقع بصره على الجثمان في حالته المشوهة غير المكتملة، في لحظة ابى عقله فيها أن يتقبل فكرة أن يكون هذا صغيره "شادي"..
ورغم محاولات الغطاسين اقناعه بأنه بنسبة كبيرة للغاية نجله إلا أن الرفض من جانب الأب كان سيد الموقف، حسبما روى لنا "كبير الغواصين المتطوعين"، وهنا كان القرار الحاسم كي يطمئن قلب الأب بإجراء تحليل DNA للجثمان للتأكد من هوية تلك الجثة.
أخبرنا كابتن محمد عوض الذي جاء من مطروح خصيصًا كي يبحث ومعه مجموعة من الغواصين المتطوعين عن جثمان هذا الصبي: ما جعلنا شبه متيقنين أن هذا الجثمان يخص شادي ، هو أنه لا يوجد بلاغ لغريق آخر سوى شادي، كما أننا بحكم خبرتنا واجهتنا مواقف كهذه ونعلم أن الجثمان بعد مرور كل هذه المدة عليه في البحر عادًة ما يخرج في صورة أشبه بتلك التي رآيناها ولكن نظرًا لأن الأمر غريب على الأب فأنا ومن معي نقدر ما فيه، كما أننا مقتنعين بحقه في التأكد ما إذا كان هذا الجثمان يخص ابنه أو لا.
وتابع: فإذا كان هذا ابنه فالحمد لله أن الله اراد أن يخرج الآن بعد أن صار الأب مهيئًا بشكل أفضل عن ذي قبل وفي حالة أن نتيجة الـ DNA التي من المنتظر أن تظهر خلال ساعات كشفت غير ذلك ففي تلك الحالة نحن لن نتركه ولن اغادر من هنا إلا بعد أن يطمئن قلب الأب بالعثور على نجله..
اقرأ ايضًا:
أبطال الملحمة يروون تفاصيل القصة.. رحلة العثور على «نور» بين الصخور