أحمد قرني: «رسائل جدى» تحكى حكاية الوطن.. وكورونا درس قاس للإنسانية (حوار)

الكاتب أحمد قرني وروايته الفائزة

فاز الكاتب المصرى أحمد قرنى، بجائزة خليفة التربوية فى دورتها الثالثة عشرة لعام 2019/‏‏2020، عن التأليف الإبداعى بروايته لليافعين "رسائل جدي" الصادرة عن دار بدائل للنشر والتوزيع بالقاهرة.

 

حاور "مصر العربية" "قرني" للحديث حول روايته الفائزة، ولمعرفة أهم المحطات الأدبية في حياته، ولمعرفة مشاريعه الأدبية المقبلة.

 

وإلى نص الحوار....

 

انطلاقا من مباركتنا على الفوز بجائزة خليفة التربوية.. ما هو رد فعلك على الفوز ولمن تهديه؟

عندما يحصل الكاتب على جائزة كبيرة بحجم جائزة الشيخ خليفة سيشعر بالسعادة، الجوائز ليست هدفا يذهب إليه الكاتب وأنا لا أكتب للجوائز لكننى أفرح بالحصول عليها؛ لأنها بمثابة المكافأة للكاتب وكأن العالم يقول لك شكرا على جهدك نحن نقدر جهدك وكتاباتك.

 

أهدى هذه الجائزة للمرأة التى تتحمل قلقلي وقت الكتابة وهى القاريء الأول لما أكتبه زوجتى هالة طوسون التى تتحمل عزلتى وقت الكتابة وقلقى وأحيانا اضطرابي، والإهداء الثانى سيكون لصديقي الكاتبين أحمد طوسون وأسامة الزينى شريكا درب الكفاح والمعاناة.

 

إلى أي مدى تمثل لك الجوائز الأدبية أهمية؟

الجائزة هى كلمة الشكر والعرفان التى تقال للكاتب الذى تعب فى كتابة عمله، والكتابة.. لمن لا يعلم مرهقة وشاقة لكنها ممتعة أيضا، لذا عندما يجد الكاتب تقديرا واحتفاء بما يقدمه فهو يدرك حجم ما أنجز وحقق، وغاية أى كاتب أن يقرأ الناس ما كتبه والجائزة تحقق الانتشار للعمل الأدبي وتلفت انتباه القراء له وهذا يسعد الكاتب، الجائزة كأنها تلك اليد التى تربت على كتفك لتقول لك واصل جهدك فأنت مقدر.

 

حدثنا بشيء من التفصيل عن روايتك الفائزة "رسائل جدي"؟

رواية "رسائل جدى" تحكى حكاية الوطن عبر تاريخه بأسلوب سلسل وسرد هاديء، وحبكة درامية محكمة..كيف دافع عنه أجيال متعاقبة كل بطريقته، فقد دافع القدماء عنه ووقفوا ضد هجمات عملاق الجبل بسور عابد ومسرحه، لكن يأتى جيل وراء جيل حتى يتم القضاء على الوحش، وحين يأتى هذا الجيل يدرك أن شكل الوحوش تغير فلم تعد كائنات عملاقة بأنياب ومخالب وعضلات قوية بل هى وحوش مختلفة كان عليهم أن يدافعوا عن وطنهم ضد وحش الإرهاب ووحش الأمية ووحش الجهل، وقد تعرضوا لهجوم أمير الدم لكنهم وقفوا بشجاعة وصمدوا، وقد صدرت عن دار بدائل للنشر والتوزيع العام الماضي.

 

ما بين الكتابة للأطفال واليافعين والكبار والشعر.. إلى أيهم يميل قلمك وقلبك ولماذا؟

ليس هذا اختيار كامل منى فكل عمل يفرض شكله وطريقة معالجته ومسألة التفضيل ليست مطروحة، ولكن ما هو النوع الملائم لما أريد أن أكتبه وعلى هذا اختار.

 

ما هي أهم محطة في محطات أحمد قرني الأدبية.. ولماذا؟

مبكرا كانت جائزة سوزان مبارك فى الكتابة للأطفال فى منتصف التسعينات هى أهم محطة كنت شابا صغيرا وقتها، وفوجئت من لحظة إعلان فوزي بالجائزة باحتفاء إعلامى كبير بي وبكتابي الفائز " شادى فى دنيا الحواديت" ولأول مرة أشعر أننى فعلت شيئا يلفت لى الأنظار،  ويجلب لى كل هذا الاهتمام الكبير فقد ظللت بعض الوقت مصدوما فقد كانت جائزة سوزان مبارك فى أدب الأطفال أكبر جائزة فى العالم العربي وقتها والحصول عليها وأنا شاب صغير كان دفعة قوية لاستكمال رحلة الكتابة وأشعرنى بأهمية أن تكون كاتبا مبدعا.

 

أتت بعدها محطات هامة مثل جائزة سعاد الصباح فى التسعينات أيضا وبعدها محطة هامة وهى جائزة الشارقة فى الرواية عن رواية " آخر سلالة عائلة البحار" عام 2004 وحصلت عليها مرة أخرى عام 2007 عن ديوانى للأطفال " عصفور وحرف ووطن"،  ومن أهم المحطات أيضا جائزة كتارا فى الرواية العربية عن رواية " جبل الخرافات" وهذه الرواية من أهم أعمالى ولها مكانة كبيرة فى قلبي وقد جربت فيها أشكال جديدة فى الكتابة الروائية حتى أن أحد النقاد كتب عنها قائلا إنه يعتبرها من أهم مائة رواية كتبت بالعربية.

 

أما المحطة الأخيرة وهى جائزة خليفة 2020 التى أظنها من أكبر الأشياء التى سأعتز بها فى حياتى وخاصة أنها تحمل اسم الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات.

 

ما هي صعوبة الكتابة للأطفال واليافعين؟

لا تختلف كتابة اليافعين عن كتابة الكبار هى فقط الطريقة والأسلوب والاثنان يقدمان المتعة، وأرى أن أى عمل إبداعى يفتقد للمتعة ليس أدبا؛ لأن غاية الفن لدى هو إمتاع القاريء ولو افتقد العمل الأدبي للمتعة أفتقد مشروعية جنسه، ويمكن ساعتها أن تسميه شيئا آخر مثل مقالة أو درسا أما إذا كنت تتحدث عن أدب أو كتابة أدبية فيجب أن تمتع القاريء فى المقام الأول، وإلا لماذا سيقبل عليها ويمكنك  تمرير كافة رسائلك عبر الامتاع، والامتاع ليس عيبا فى الفن كما يظن البعض من المنظرين، إذا كانت غاية الفن هو تقديم المتعة بأشكالها متعة العقل بالتفكير ومتعة الوجدان بالشعور والمتعة الحسية والروحية.

 

فقطعة الموسيقي تشبع الروح عند سماعها هذه متعة، واللوحة التى تشبع النظر بجمال ألوانها وتناسق أبعادها فهى تمتع النظر حسيا ومعنويا، وربما تمتع العقل أيضا إذا كانت تتضمن فكرة أو معبرة عن موقف .

 

ما هي المعوقات التي تقابل كتاب الأطفال في الوقت الحالي؟

للأسف هى التكلفة المادية الباهظة التى يتكلفها إنتاج كتاب أطفال جيد، وهنا يجب توفير الكتاب الجيد فى المكتبات العامة ليكون متاحا للطفل ويمكن الآن عن طريق إنتاج الكتاب الرقمى أن يكون متاحا للجميع عبر الشبكة فثمن الكتاب الجيد للطفل مرتفع جدا.  

 

ما هو تقييمك لأدب الأطفال واليافعين حاليا؟

سأكون صريحا إذا قلت أن معظم ما يكتب من أدب لليافعين ضعيف وتجارى ومعظمه يقلد كتابات غربية ويتناسي أن لكل مكان وبقعة جغرافية خصائصه وتمايزه وحضارته ولغته وقيمه، وأنه لا يجب أن نساهم بسطحية فى مخاطبة هذا الجيل بموضوعات تافهة أو كتابات سمجة منقولة عن الغرب أفكارها.

نحتاج أن نؤصل ثقافتنا وأن نتمايز وأن نأخذ الأجيال الصاعدة التى تتعامل مع التقنيات الحديثة بمهارة بشيء من الحرفية والمهارة لقضايا وطنهم وثقافتهم.

 

من وجهة نظرك كيف ستؤثر جائحة كورونا على الأدب في المستقبل؟

بعد جائحة كورونا أظن أن العالم سيتغير وسيعطى الاهتمام للإنسان والقيمة للعلم مثل الطب وربما تختفى قيم الاستهلاك قليلا، وإغراق الناس فى الحياة المادية فقط سيدرك العالم بعد كورونا أن العلم النافع مثل الطب والدواء هو أفضل من إنتاج عشرات القنابل النووية والصواريخ البالستية، سيعرف أن اكتشاف الدواء أهم من اكتشاف بئر بترول أو طريقة لتصنيع القنابل، كورونا هو درس قاس للإنسانية كيف تتكاتف ولا تتعالى على بعضها بقيمها المادية، الجائحة علمت الأمم المتقدمة قبل المتخلفة أن الخطر حين يأتى لن يفرق بين الغرب والشرق بين دول نامية ودول عظمى الجائحة ساوت بين الجميع لعله درس مهم تستوعبه البشرية.

 

ما هي مشاريعك الأدبية القادمة؟

منشغل الآن ببعض القضايا الكلية وأود طرحها قضايا فكرية تشغل عقولنا حين نقف فى مفترق طرق أو حين نقع فى أزمة كبيرة ولا نعرف كيف سنتصرف، هناك قضايا فكرية تثير الاهتمام مرتبطة بفكرة العولمة وثقافة الشبكة العنكبوتية وأود تناولها فى أعمالى القادمة تخص عالمنا الذى نعيشه بكافة متناقضاته ونوازعه واضطرابه.

مقالات متعلقة