أبدى الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الخميس، استعداده للقاء ممثلين عن المتظاهرين الذين يفترشون الساحات والشوارع منذ أسبوع، احتجاجًا على أداء الطبقة السياسية، للاستماع إلى "مطالبهم"، ومحاولة التوصل إلى أفضل الحلول لإنقاذ البلاد من الانهيار المالي.
وقال عون في كلمة تلفزيونية: "صار من الضروري إعادة النظر بالواقع الحكومي الحالي"، ووعد بالتصدي للفساد ممتثلاً لمطلب مئات الآلاف من المحتجين الذين يتظاهرون في الشوارع منذ الأسبوع الماضي.
وأضاف: "دعوتي للمعتصمين: أنا حاضر أن ألتقي ممثلين عنكم يحملون هواجسكم ونسمع مطالبكم وتحديد ما هي وأنتم تسمعون منا عن مخاوفنا من الانهيار الاقتصادي"، وتعهد بإنشاء محكمة خاصة بالجرائم على المال العام واسترداد الأموال المنهوبة ورفع الحصانة ورفع السرية المصرفية عن الرؤساء والوزراء والنواب وكل من يتعاطى بالمال العام الحاليين والسابقين.
وبدأت المظاهرات الاحتجاجية مساء الخميس الماضي في وسط بيروت عقب قرار اتخذته الحكومة بفرض ضريبة على تطبيق "واتس آب"، وسرعان ما اتسعت المظاهرات لتعم كافة المناطق اللبنانية، واستمرت المظاهرات لاحقًا رغم التراجع عن فرض هذه الضريبة.
ولا توجد مطالب موحدة للمحتجين، بل تتراوح المطالب بين تأمين الطبابة، وضمان الشيخوخة والمدارس، وحل مشكلة البطالة، وتثبيت سعر الصرف الدولار، وإسقاط الحكومة وإسقاط النظام، واستقالة رموز السلطة.
وأفادت مصادر إعلامية، في وقتٍ سابق من اليوم، بأنَّ المتظاهرين اللبنانيين أغلقوا أغلب الطرق الرئيسية في البلاد، وسط تصاعد للاحتجاجات التي تطالب بإسقاط الحكومة وإجراء انتخابات نيابية مبكرة ومحاسبة الطبقة السياسية.
يأتي هذا فيما انضمت بريطانيا إلى الأطراف الدولية التي دعّمت الاحتجاجات، حيث طالبت سفارتها في بيروت بسرعة الاستجابة لمطالب الشعب وتنفيذ الإصلاحات الضرورية بشكل عاجل.
وكانت واشنطن قد اعتبرت أنّ الشعب اللبناني "غاضب بحق" من حكومته لرفضها معالجة الفساد وتدعم حقه في التظاهر السلمي، ودعا مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية، الحكومة اللبنانية إلى تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي يطالب بها الشعب واصفا الاحتجاجات بأنها "تأخرت كثيرًا".
ويسعى الزعماء اللبنانيون إلى نزع فتيل التوتر ومواجهة تصعد المد الشعبي عبر سلسلة إجراءات تهدف إلى امتصاص الغضب الذي اجتاح البلاد من شمالها إلى جنوبها، في وقتٍ يواصل فيه المحتجون قطع طرق رئيسية في مناطق بالعاصمة بيروت وغيرها، رغم محاولات الجيش ومناشداته للمحتجين لفتحها.
وبدت الحكومة، رغم إقرارها رزمة إصلاحات "جذرية" غير مسبوقة، عاجزة عن احتواء غضب الشارع المتصاعد، والمتمسك بمطلب رحيل السلطة بدءاً من اسقاط الحكومة.
وكان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري قد أعلن أنّ حكومته أقر موازنة 2020 بعجز 0.6 % ومن دون ضرائب جديدة، وصادقت على خفض 50% من رواتب الوزراء والنواب الحاليين والسابقين، ووعد بإقرار مشروع قانون لتشكيل هيئة لمكافحة الفساد، كما أعلن إلغاء وزارة الإعلام ودمج عدد من المؤسسات.
ونفّذ الجيش انتشارًا غير مسبوق منذ انطلاق التظاهرات ضد الطبقة السياسية، لفتح الطرق الرئيسية في مختلف المناطق بالقوة، تنفيذًا لما وصفه مصدر عسكري بـ"قرار لفتح الطرق العامة وتسهيل تنقل المواطنين".