تتصاعد الأحداث في لبنان، على وقع انتفاضة شعبية في مختلف مناطق البلاد، احتجاجا على سوء الوضع المعيشي والاقتصادي وعلى سياسة التقشف التي تنتهجها الحكومة بالضد من مصالح المواطنين.
ويأخذ المتظاهرون على الطبقة السياسية سوء إدارة شؤون البلاد وانتشار الفساد والعجز عن إيجاد حلول لمشاكل متفاقمة منذ عقود.
ويتظاهر اللبنانيون اليوم الاثنين لليوم الخامس على التوالي، في ظل عجز الحكومة والتيارات المختلفة عن إيجاد حل للخروج من الازمة الحالية.
"ساعة الحقيقة" في لبنان
بدورها أفردت الصحافة اللبنانية مساحة واسعة في صفحتها الاولى تحدثت جميعها عن "يوم الحسم" ترقبا لانتهاء مهلة الـ72 ساعه التي حددها سعد الحريري.
واحتلت صور المظاهرات الحاشدة الصفحات الأولى لجميع الصحف المحلية الصادرة في لبنان، ونشرت صحيفة الأخبار صورة لمتظاهرين يحملون علما عملاقا على صفحتها الأولى مع تعليق "يوم الاختبار: السلطة أم الناس؟".
ووضعت صحيفة "لوريان لوجور"، الناطقة بالفرنسية، الصورة ذاتها على صفحتها الأولى وعنونت "اقتربت ساعة الحقيقة".
وأوردت صحيفة الدايلي ستار الناطقة بالإنكليزية "لبنان أمام خيارين: الإصلاح أو الهاوية"، بينما تصدر صحيفة الجمهورية تعليق "الشعب يكتب التاريخ".
استعدادات ليوم مفصلي
وشرع متظاهرون مبكرا الاثنين في قطع الطرق الرئيسية لمنع الموظفين من التوجه إلى أعمالهم، في وقت تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لمقاطعة شركات ومؤسسات دعت موظفيها للالتحاق بمكان عملهم.
وأبقت المصارف والجامعات والمدارس أبوابها مقفلة، غداة مظاهرات كبرى جرت في وسط بيروت ومدن عدة من شمال البلاد حتى جنوبها، تخللتها احتفالات وهتافات مطالبة برحيل الطبقة السياسية بأكملها.
وانصرف متطوعون في وسط بيروت صباحا إلى جمع القمامة من الشوارع، مرتدين الكمامات والكفوف.
وتعتبر هذه التحركات غير مسبوقة على خلفية مطالب معيشية في بلد صغير تثقل كاهله المديونية والفساد والمحاصصة الطائفية .
إيران تعلق
وفي أول تعليق لها على الأزمة، أعربت الخارجية الإيرانية على لينا المتحدث باسم الوزارة عباس موسوي، عن أمله في أن تتمكن مختلف التيارات اللبنانية من إيجاد حل مناسب للأزمة الحالية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية خلال مؤتمر صحفي، اليوم الإثنين، إن إيران لا تنوي التدخل في شؤون لبنان الداخلية. كما أضاف موسوي إن التظاهرات في لبنان تجري ضمن أجواء هادئة والشعب اللبناني سيتجاوز الأزمة.
ترقب انتهاء المهلة
ويترقب الشارع اللبناني اجتماع الحكومة برئاسة سعد الحريري، اليوم، التي من المتوقع أن تقدم ورقة إصلاحية تسعى من خلالها إلى تهدئة الشارع، فيما تنتهي مهلة الـ72 ساعة التي أمهلها الحريري لنفسه ولحلفائه في التسوية الرئاسية.
وكانت "رويترز" ذكرت أن الحريري اتفق مع شركائه في الحكومة على حزمة من القرارات الإصلاحية بهدف تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية، تشمل خفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة خمسين في المئة ومساهمة المصرف المركزي والمصارف اللبنانية بنحو خمسة آلاف مليار ليرة لبنانية أي ما يعادل 3.3 مليار دولار لتحقيق "عجز يقارب الصفر" في ميزانية 2020.
كما تتضمن خطة لخصخصة قطاعة الاتصالات وإصلاح شامل لقطاع الكهرباء المهترئ الذي يمثل أحد أكبر الضغوط على الوضع المالي المتداعي في البلاد.
وتنتهي مساء الاثنين مهلة 72 ساعة التي منحها رئيس الحكومة، سعد الحريري، لـ"شركائه" في الحكومة، في إشارة إلى التيار الوطني الحر بزعامة الرئيس ميشال عون وحزب الله وحلفائهما الذين يملكون الأكثرية الوزارية، حتى يؤكدوا التزامهم المضي في مجموعة إصلاحات إنقاذية.
وقال مصدر في رئاسة الحكومة الأحد ليلا إن الحريري تلقى موافقة القوى السياسية الرئيسية، ولا سيما حزب الله وعون على خطته الإنقاذية التي تتضمن تدابير وإجراءات حاسمة، أبرزها الالتزام بعدم فرض أي ضرائب جديدة على اللبنانيين وخصخصة العديد من القطاعات.
ومنذ الخميس، اتخذت التحركات الاحتجاجية في لبنان منحى تصاعديا مع ازدياد أعداد المتظاهرين تباعا، في تحرك شل البلد وأغلق مؤسساته كافة. ويأخذ المتظاهرون على الطبقة السياسية سوء إدارتها لشؤون البلاد وفسادها وعجزها عن إيجاد حلول لمشاكل متفاقمة منذ عقود.
ولم يعد بإمكان المواطنين تحمل غلاء المعيشة والبطالة وسوء الخدمات العامة، ويرفضون توجه الحكومة لإقرار ضرائب جديدة في إطار مساعيها لتخفيف نسبة العجز وتوفير إيرادات لخزينة الدولة.