التوتر الأمريكي - الإيراني.. ألمانيا تدفع الثمن «سياسيًّا»

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل
استعرضت إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية، موقف برلين من التعامل مع التوتر الأمريكي الإيراني الذي بلغ مراحل معقدة في الآونة الأخيرة، والتي رأت أنه وضع البلاد في موقف شديد الحرج بين الجانبين.   تقول الإذاعة إنّ الحكومة الألمانية تتبنى موقفًا منتقدًا تجاه سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لاسيما عندما يتعلق الأمر بقضيتي الحرب والسلام.    ففي العام الماضي، أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران؛ الاتفاق الذي بذلت كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا جهودًا كبيرة من أجل التوصُّل إليه والحفاظ عليه، وبعد الهجوم بطائرتين مسيرتين على منشآت نفطية سعودية في 14 سبتمبر الجاري واتهام الولايات المتحدة لإيران مباشرة، بدا وكأن الوضع يتأزم بشكل خطير.     وتضيف الإذاعة: "حتى السعودية لم تشأ في البداية اتخاذ موقف حاسم في قضية توجيه الاتهام، وفي الأثناء تقف الرياض على خط واشنطن. أما إيران فقد نفت تورطها أو أي مسؤولية لها عن الهجوم".   وبعد مرور عشرة أيام على الهجوم، انضمت ألمانيا مع فرنسا وبريطانيا إلى الموقف الأمريكي وألقت باللوم على ايران، إذ جاء في بيان مشترك للدول الثلاث: "بالنسبة إلينا واضح أن إيران تتحمل المسؤولية عن هذا الهجوم.. ليس هناك تفسير مقبول آخر". لم تكشف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ولا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ولا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى ماذا استندوا في هذا الاتهام، لكنّ إيران ترى أنّ الاتهام الأوروبي لا أساس له على غرار الموقف الأمريكي.     وحذّر رئيس الأركان الإيراني محمد البكري كل جهة تعتزم مهاجمة بلاده بأنها ستُهزم، وأضاف أن بلاده ليس لديها موقف عدائي تجاه السعودية.   لا يقتصر موقف الحكومات الأوروبية الثلاث على توجيه الاتهام لإيران، إذ أنها وعدت السعودية بتضامن غير محدود، والتي بدورها انتهزت فورًا هذا الإعلان بتوجيه نداء للمجتمع الدولي تدعو فيه إلى "وضع حد" للسلوك العنيف لإيران.   هنا يظهر الموقف الخطير الذي تورطت فيه ألمانيا بهذا الوعد، كما تقول يانا بوجلرين من الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية في برلين التي تعتقد أنّه لا يوجد بعد وعي لتبعات هذا الموقف.   وتضيف في حديث مع "دويتشه فيله": "مثلًا عندما يبدأ الأمريكيون في ممارسة الضغط على ألمانيا والحلفاء ربما يكون ذلك للالتزام عسكريا أيضًا".   وهذه الرغبة قد تتلقاها وزيرة الدفاع الألمانية التي أشارت خلال زيارتها الأولى إلى الولايات المتحدة إلى استعداد ألمانيا للدخول في التزام عسكري في مضيق هرمز، وقالت الوزيرة إنَّ الجيش الألماني لن يكون جزءًا من مهمة تقودها الولايات المتحدة في إطار "الضغط الأقصى"، موضحةً أنَّ الجيش الألماني سيتعاون ضمن مهمة أوروبية.    وأوضحت الوزيرة الألمانية بعد محادثات مع نظيرها الأمريكي مارك إيسبر أنَّ لديها الانطباع بأنَّ الولايات المتحدة تريد تفادي تقديم ذريعة للجانب الخصم للحديث عن تصعيد.   وحتى لو أنَّ واشنطن لا تطالب برلين بالتزام عسكري واضح، فإنّ يانا بوجلرين، ترى ألمانيا في موقف حرج، لأنّ لها مصالح في المنطقة لا يمكن تحقيق انسجام بينها الحفاظ على الصفقة (الاتفاق النووي) مع إيران تم الإعلان عنها كهدف ألماني أعلى تجاه ايران، وفي الجانب الآخر مساندة العربية السعودية كشريك تقليدي يراد دعمه لتحقيق التوازن مع إيران.   وحسب تفسير وزيرة الدفاع، فإنّ ألمانيا ترى مهمتها في الحفاظ على التواصل الدبلوماسي مع إيران، وهذا التواصل قد يحدث أيضًا بين الخصمين الولايات المتحدة وإيران على أعلى مستوى.   ولم يشأ الرئيس ترامب رغم التوترات، استبعاد عقد لقاء مباشر مع الرئيس الإيراني حسن روحاني في الأمم المتحدة. وقال: "هذا اللقاء غير مبرمج لكنني لا أستبعد أبدًا شيئًا".    وأكد ترامب أنه ليس في حاجة إلى وسيط، ورفض بذلك مبادرة من الرئيس ماكرون، لكن إذا أراد الإيرانيون التحدث فإنهم يعرفون بمن يمكنهم الاتصال".   وحتى لو أن الرئيس الأمريكي لا يرغب في ذلك، فإن يانا بوجلرين ترى دور ألمانيا، لاسيما بالاشتراك مع فرنسا وبريطانيا، في التوسط بين الولايات المتحدة وايران، وتقول: "أعتقد أنَّ ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي في موقف جيد، لأنها لا تتبع مثل الولايات المتحدة استراتيجية الضغط الأقصى، لكن بإمكانها لعب دور وسيط موثوق به يعمل من أجل تحقيق التوازن".

مقالات متعلقة