الجيش الجزائري يصعّد لهجته.. أصدر أمراً بمنع الحافلات من نقل المتظاهرين للعاصمة

جيش الجزائر يتصدى لحافلات نقل المتظاهرين
صعّد رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح من لهجته  بعد ثلاثة أيام على إعلان موعد انتخابات الرئاسة التي يرفضها المحتجون، مشيراً إلى أنّه سيمنع من الآن فصاعداً المتظاهرين الآتين من ولايات أخرى إلى العاصمة من الالتحاق بالحشود التي تتجمع في وسطها.   وأعلن صالح أنه أعطى تعليمات "للتصدي" للحافلات والعربات التي تقل أيام الجمعة متظاهرين من خارج العاصمة.   وكانت التظاهرات ممنوعة في الجزائر العاصمة منذ عام 2001، غير أنّها خرجت فجأة في 22  فبراير إثر ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة.   ويشكّل هذا القرار فصلا جديدا في المواجهة بين السلطة والمتظاهرين.   الجيش يحتجز الحافلات   ولتحقيق هذا الهدف، دعا رئيس أركان الجيش إلى "التطبيق الحرفي للقوانين السارية المفعول بما في ذلك توقيف العربات والحافلات"، و"حجزها وفرض غرامات مالية على أصحابها".   ويعدّ قايد صالح رجل البلاد القوي منذ اضطرار الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إلى الاستقالة في 2 إبريل.   وبرر قايد صالح القرار، في كلمة ألقاها خلال تفقده قوات عسكرية في تمنراست، بوجود "أطراف (...) ذات نوايا سيئة (وهي) تعمل على جعل من حرية التنقل ذريعة لتبرير سلوكها الخطير" الذي يتمثل "في خلق كل عوامل التشويش على راحة المواطنين".   واعتبر قايد صالح أنّ هذه الأطراف التي لم يحدد هويتها "تزجّ أسبوعياً" بمواطنين "يتم جلبهم من مختلف ولايات الوطن إلى العاصمة" بغية "تضخيم الأعداد البشرية في الساحات العامة التي ترفع شعارات مغرضة وغير بريئة".   وأضاف أنّ "الغرض الحقيقي" هو "تغليط الرأي العام الوطني بهذه الأساليب المخادعة لتجعل من نفسها أبواقاً ناطقة كذباً وبهتاناً باسم الشعب الجزائري".   وتابع أن "القيادة العليا للجيش تبنت منذ بداية الأزمة الخطاب الواضح والصريح النابع من مبدأ الوطنية بمفهومها الشامل وحرصت على تبليغ مواقفها الثابتة للرأي العام الوطني كلما أتيحت الفرصة لذلك".   وقال كذلك خلال زيارة التفقد التي قام بها إلى القطاع العملياتي في برج باجي مختار: "أدركنا منذ بداية الأزمة أن هنالك مؤامرة تحاك في الخفاء ضد الجزائر وشعبها وكشفنا عن خيوطها وحيثيتها في الوقت المناسب، لقد وضعنا استراتجية محكمة تم تنفيذها على مراحل وفق الدستور وقوانين الجمهورية، إذ وجهنا هذه المؤامرة الخطيرة التي تهدف إلى تدمير الجزائر، لهذا قررت القيادة العليا للجيش من موقع مسؤوليتها التاريخية مواجهة العصابة وإفشال مخططاتها الدنيئة، وتعهدنا أمام الله والوطن على مرافقة الشعب ومؤسسات الدولة ووفينا بعهدنا".   قرار غير قانوني   ومن جانبه، علّق نائب رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان سعيد صالحي في تصريح لفرانس برس على قرار الفريق قايد صالح، بأنّ ما جرى "صادم حقاً. فبعدما استنكرنا مراراً إغلاق الوصول إلى العاصمة، يعلن نائب وزير الدفاع (الفريق قايد صالح) أنّه أعطى تعليمات بمنع الوصول إلى العاصمة".   وأضاف أنّ هذا القرار "غير قانوني"، مؤكداً عدم وجود "أي نظام بهذا الشأن، ولكن على العكس: يكفل الدستور للمواطنين الجزائريين المساواة في ما بينهم وحرية التنقل". وقال صالحي إنّ هذا القرار يفتح "الباب أمام التمييز بين الجزائريين استناداً إلى لوحات آلياتهم".   وتقوم الشرطة منذ عدة أسابيع بتوقيفات قبل بدء التظاهرات الضخمة في الجزائر العاصمة.   وبحسب منسق اللجنة الوطنية للإفراج عن الموقوفين، فإنّ 22 شخصاً أوقفوا الجمعة، ووضعوا قيد الاحتجاز الاحتياطي الأحد.   والإثنين، أودع وجه آخر من وجوه الحراك، الناشط سمير بلعربي، قيد الاحتجاز الاحتياطي، وجاء توقيفه بعد توقيف كريم طابو في 12 أسبتمبر، وبعد توقيف أحد وجوه حرب الاستقلال لخضر بورقعة في 30 يونيو.   ويلاحق طابو وبورقعة بتهمة "إضعاف معنويات الجيش".   مطالب التفكيك و"الحجج الواهية"   وتشهد الجزائر منذ نحو سبعة أشهر احتجاجات أسبوعية، كل يوم جمعة، ضدّ السلطة، وأدت هذه الاحتجاجات إلى استقالة الرئيس بوتفليقة، ولكنّها لم تتوقف بعد ذلك إذ إنّها رفعت شعارات تدعو إلى رحيل كل "النظام".   وإزاء تصاعد الحركة الاحتجاجية، اختارت السلطة العبور إلى مرحلة جديدة بإعلانها الأحد تاريخ 12 ديسمبر موعداً لإجراء انتخابات رئاسية، وذلك في كلمة للرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح.   ويرفض الحراك الشعبي إجراء انتخابات بوجود الحكومة الحالية ،ويطالب بدايةً بتفكيك الجهاز الموروث عن عشرين عاماً من حكم بوتفليقة وإقامة مؤسسات انتقالية.   والثلاثاء، تظاهر الطلاب للمرة الثلاثين على التوالي، وعبّروا عن رفضهم إجراء انتخابات رئاسية.   وردًا عليها ، قال رئيس الأركان الجزائري في كلمته  أمام قيادات عسكرية، خلال زيارته إلى المنطقة العسكرية السادسة (جنوب)، ونَقَل مضمونها بيانٌ أصدرته وزارة الدفاع :"نؤكد أنَّ كافة الظروف الملائمة لإجراء هذا الاستحقاق الانتخابي في جوٍّ من الثقة والشفافية قد تحقَّقت، من خلال تشكيل السلطة الوطنية وانتخاب رئيسها وتنصيبها بكافة أعضائها الخمسين، من بين الكفاءات الوطنية التي يُشهد لها بالنزاهة والإخلاص" .   وتابع:" لا مبرر لأي كان (لكي) يبحث عن الحجج الواهية للتشكيك في نزاهة العملية الانتخابية، أو عرقلة مسارها".   وكان قايد صالح طالب في بداية الشهر بتحديد تاريخ لإجراء الاستحقاق الرئاسي بعد إخفاق محاولة سابقة لتنظيم انتخابات رئاسية في الرابع من يوليو، لعدم وجود مرشحين.   والأحد 22 سبتمبر 2019، يؤدّى أعضاء اللجنة العليا للانتخابات المكونة من 50 عضواً، برئاسة وزير العدل الأسبق محمد شُرفي، اليمين الدستورية، ويباشرون مهامهم في التحضير لانتخابات الرئاسة، المقررة في 12 ديسمبر القادم.   ولأول مرة في تاريخ البلاد، ستتولى هذه اللجنة مهمة تنظيم والإشراف ودراسة ملفات المرشحين، وإعلان نتائج الاقتراع الأولية، بعد أن كان ذلك من مهام وزارتي الداخلية والعدل والمجلس (المحكمة) الدستوري.   ويعد الاقتراع الرئاسي القادم الثاني من نوعه الذي دعا إليه الرئيس المؤقت، عبدالقادر بن صالح، بعد موعد 4 يوليو الماضي، الملغى بسبب عزوف السياسيين عن الترشح له، ورفضه من قبل الشارع.

مقالات متعلقة