«مسجد الخلواتي» على سفح المقطم.. الإهمال يهدد الجبل «اللي ما هزه ريح»

مسجد شاهين الخلواتي

 

على سفح جبل المقطم فوق مقابر وحارات الأباجية، توجد منطقة كانت تسمى قديمًا «وادي المستضعفين»، فيها يقع مسجد عجيب البناء، وكأنه نَبَتَ كزرع من جانب جبل المقطم، يشبه المعابد الفرعونية القديمة؛ إذ بُنِي من نُحت الجبل نفسه على طريقة معبد حتشبسوت، وفي الوقت ذاته تراه طرازًا معماريًا فريدًا في الآثار الإسلامية، ولكنه بات خاويًا من الداخل إلا قليلًا من أنقاض الجدران، وما تبقى منه رهن الانهيار.

 

حين تمر بطريق الأوتستراد المتجه من وإلى القلعة يلفت أنظارك مسجد يوجد على ارتفاع عدة أمتار منحوتًا على سفح جبل المقطم، هو للعابد الزاهد «شاهين الخلواتي»، ورغم أنه يعدّ من أهم الآثار الإسلامية في القاهرة، إلا أنه عاني كثيرًا من السرقة والإهمال، حتى بات آيلًا للسقوط.

 

كيف تصل للمسجد

 

إذا أردت الصعود إلى المسجد تشعر وكأنك تقدم على مغامرة؛ فالطريق إليه ليس بالممهد اليسير، ولكن عليك تسلق أسطح مقابر «سيدي عمر»، لتصل إلى ممر يصعد بك إلى أعلى الجبل.

وحين تصل إلى أعلى الجبل عليك أن تركز جيدًا على موضع قدميك وتكون شديد الانتباه؛ فحافة الجبل ضيقة والصخور تتحرك أسفل قدمك، وعليك الانزلاق حتى تصل إلى باب القبة.

 

بمجرد الانزلاق الأخير إلى ذلك المسجد المنحوت على جبل المقطم، أول ما تراه عيناك قطعة رخام نادرة الوجود، مكتوبا عليها "بسم الله الرحمن الرحيم".

 

من هو "شاهين الخلواتي"

 

دخلت إلى المسجد إذا فهي بنا تعرف على صاحبه "العارف بالله شاهين الخلواتي"، ولكن أولا نوضح لك أن "الخلواتي" منشقة من الخواتية"، وهي إحدى الطرق الصوفية في مصر، وتعني الانقطاع لله بالعبادة عن طريق الاختلاء بالنفس والعزلة. 

 

كان الشيخ «شاهين المحمدي» إيرانى الأصل، وواحدًا من جنود السلطان قايتباى، لم تروقه الدنيا ولكن الدين، فسافر البلاد يلازم الشيوخ الأتقياء ويتفقه على أيديهم وفى آخر ثلاثين عامًا من عمره اتخذ من هذا المكان «خلوة»  للعبادة، بحسب ما ذكرته المرشدة السياحية بسنت نور الدين، على صفحتها على فيس بوك، بعد رحلتها إلى مسجد «شاهين الخلواتي».

ووُلد الشيخ شاهين بمدينة تبريز بإيران في القرن التاسع الهجري، وأمضى في فارس طفولته ومعظم شبابه، ثم رحل إلى مصر في عهد السلطان الأشرف قايتباي، واشتراه السلطان وأصبح من مماليكه وانتظم في جنده.

 

 

ولكن لم ترق حياة المماليك والجندية للشيخ شاهين ولا طبيعته التي فُطر عليها، فقد كان منطويا يحب العزلة ويطمئنُ إلى صحبة الفقهاء ورجال الدين، فحفظ القرآن والكثير من الأحاديث سواء فى بلاد فارس أو مصر، وطلب من السلطان قايتباي أن يسمح له بحياة التصوف والعزلة والعبادة فسمح له.

 

ولما كان من الشيخ شاهين من رغبة من في العزلة، فسكن جبل المقطم، إذ كان أكثر الجبال أنهارا وأشجارا ونباتا، وبنى له فيه معبدا وقبرا، كان يزوره الزهاد والمتصوفن، يتبركون به.

وحكى الإمام الليث بن سعد، أن المقوقس سأل عمرو بن العاص أن يبيعه سفح جبل المقطم بسبعين ألف دينار، فكتب بذلك لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب فرد عليه عمر قائلا:" سله لماذا أعطاك ما أعطاك فيه وهو لا يزرع ولا يستنبط منه ماء". فسأل عمرو بن العاص المقوقس عن ذلك فقال إنا نجد في سفحه الكتب القديمة أنه يدفن فيه غراس الجنة، فكتب بذلك عمرو بن العاص إلى أمير المؤمنين فرد عليه قائلا:"أنا لا أعرف غراس الجنة إلا للمؤمنين، فاجعلها مقبرة لمن مات قبلك من المسلمين".

 

قصة المسجد 

 

أما عن مسجد الشيخ شاهين، فبعد وفاته بنى له ابنه "جمال الدين" فى نفس المكان ذلك المسجد عام ١٥٣٨ ميلاديا، و دُفِن كلاهما فى نفس المكان.

 

فقد أنشأ مسجد الشيخ "شاهين الخلواتي" ابنه وافتتحه عام 945 هجريا، وكان بالمسجد أربعة أعمدة من الحجر،  وقبلته مشغولة بقطع من الرخام الملون والصدف، وداخل القبة أيضا مكتوب تاريخ تجديدها عام 1007 هجرية، ويقال إنه كان يوجد بئر.

 

والمسجد يضم ضريح للشيخ الخلوتى وثلاثة قبور لشاهين، وابنه جمال الدين شاهين، وحفيده محمد شاهين، وكانوا يصعدون إليه بمنحدر صخري، محفور فى وسط الجبل ويطلقون عليه اسم "مزلقان".

 

ويُقال إن الشيخ شاهين ظل مقيما في خلوته في جبل المقطم، ولم ينزل منه طيلة 30 عاما، واشتهر أمره فتردد علىه الأمراء والوزراء لزيارته والتبرك به، وكان كثير المكاشفة قليل الكلام جدا.

 

وفي ذلك يقول الشعرانى كنا نجلس عنده اليوم كاملا لا تكاد تسمع منه كلمة، وكان كثير السهر متقشفا في الملبس معتزلا عن الناس وظل كذلك حتى توفى سنة 901 ه.  

ويعد مسجد الخلوتي من أهم وأروع آثار السياحة الدينية في مصر، وقد تم تسجيله كأثر إسلامى منذ الخمسينات وحمل رقم 212، وكان مقصدا لكثير من السياح الأجانب والمسلمين بدول آسيا كأندونسيا وباكستان وغيرها، كما كان مزارا لمريدي الطريقة الخلوتية الصوفية، بعدما أصبح آيلا للسقوط.

 

فقد تعرض مسجد الخلواتي لسرقة الكثير من محتوياته، كالحُلى النحاسية التي كانت تزين الأعمدة وكذلك اللوحة الرخامية أعلى القبة، كما أنه أصبح مأوى لبعض الأسر الفقيرة التي تسكن فيما تبق من حديقة المسجد.

وبرغم أهمية هذا الأثر إلا أنه لم يبق منه سوى أجزاء بعينها كالمئذنة والخانقاه ويخشى أهل المنطقة الواقعة أسفل جبل المقطم من إنهيار هذا المسجد فوق بيوتهم المتواضعة. وتعد وزارة الأوقاف هي المسؤولة حاليا على المسجد، الذي يعاني الإهمال الشديدن وأصبح معرضا للانهيار، رغم أنه مصنف من الآثار المصرية تحت رقم 212، فهو طرازا معماريا نادرا جدا وخاصة في مصر وهو عمارة الحجر المنحوت. 

 

وبحسب الدكتور مختار الكسبانى أستاذ الآثار الإسلامية، فإن مسجد الخلوتي، لازالت الخانقاه، وهي المكان الذي كان يتعبد فيه الشيخ، الخاصة به محتفظة بكامل بناءها وروعتها المعمارية.

 

وأكد الكسباني، في تصريحات سابقة لـ"الأهرام"، أن مسجد الخلواتي من المساجد التى اتخذت شهرة عالية بين الآثار الواقعة فى نطاق السياحة الدينية، والتى باتت تعانى إهمالًا شديدًا فى مصر، عقب ثورة 25 يناير.

 

وأشار إلى  أن المسجد كان يمثل منارة صوفية هامة، وتقام فيه العديد من الاحتفالات الدينية الصوفية الخالصة لوجه الله، وليست تلك التى تقام فى الموالد ويصحبها صخب وضجيج وخليط من الأغاني الشعبية الرديئة.

ولفت الكسباني، إلى أن الفنانة شادية، كانت من أهم المريدين للطريقة الخلواتية، ويرجع ذلك إلى أصولها التركية، كما أنها كانت تأت لتنشد مع المنشدين.

، وكأنه نَبَتَ كزرع من جانب جبل المقطم، يشبه المعابد الفرعونية القديمة،إذ بٌني من نُحت الجبل نفسه على طريقة معبد حتشبسوت، وفي الوقت ذاته تراه طرازا معماريا فريدا في الآثار الإسلامية، ولكنه باتخاويا من الداخل إلا قليلا من أنقاض الجدران،وما يتبقى منه رهن الانهيار.

 

حين تمر بطريق الأوتستراد المتجه من وإلى القلعة يلفت أنظارك مسجد يوجد على ارتفاع عدة أمتار منحوتا على سفح جبل المقطم، هو للعابد الزاهد "شاهين الخلواتي"، ورغم أنه يعد من أهم الآثار الإسلامية في القاهرة، إلا أنه عاني كثيرا من السرقة والإهمال، حتى بات آيلا للسقوط.

 

كيف تصل للمسجد

 

إذا أردت الصعود إلى المسجد تشعر وكأنك تقدم على مغامرة، فالطريق إليه ليس بالممهد اليسير، ولكن عليك تسلق أسطح مقابر "سيدي عمر"، لتصل إلى ممر يصعد بك إلى أعلى الجبل.

 

وحين تصل إلى أعلى الجبل عليك أن تركز جيدا على موضع قدميك وتكون شديد الانتباه، فحافة الجبل ضيقة والصخور تتحرك أسفل قدمك، وعليك الانزلاق حتى تصل إلى باب القبة.

 

بمجرد الانزلاق الأخير إلى ذلك المسجد المنحوت على جبل المقطم، أول ما تراه عيناك قطعة رخام نادرة الوجود، مكتوبا عليها "بسم الله الرحمن الرحيم".

 

من هو "شاهين الخلواتي"

 

دخلت إلى المسجد إذا فهي بنا تعرف على صاحبه "العارف بالله شاهين الخلواتي"، ولكن أولا نوضح لك أن "الخلواتي" منشقة من الخواتية"، وهي إحدى الطرق الصوفية في مصر، وتعني الانقطاع لله بالعبادة عن طريق الاختلاء بالنفس والعزلة. 

كان الشيخ "شاهين المحمدي" إيرانى الأصل و واحدا من جنود السلطان قايتباى، لم تروقه الدنيا ولكن الدين، فسافر البلاد يلازم الشيوخ الأتقياء ويتفقه على أيديهم وفى آخر ثلاثين عاما من عمره اتخذ من هذا المكان "خلوة " للعبادة، بحسب ما ذكرته المرشدة السياحية بسنت نور الدين، على صفحتها على فيس بوك، بعد رحلتها إلى مسجد "شاهين الخلواتي".

 

ووُلد الشيخ شاهين بمدينة تبريز بإيران في القرن التاسع الهجري، وأمضى في فارس طفولته ومعظم شبابه، ثم رحل إلى مصر في عهد السلطان الأشرف قايتباي، واشتراه السلطان وأصبح من مماليكه وانتظم في جنده.

 

ولكن لم ترق حياة المماليك والجندية للشيخ شاهين ولا طبيعته التي فُطر عليها، فقد كان منطويا يحب العزلة ويطمئنُ إلى صحبة الفقهاء ورجال الدين، فحفظ القرآن والكثير من الأحاديث سواء فى بلاد فارس أو مصر، وطلب من السلطان قايتباي أن يسمح له بحياة التصوف والعزلة والعبادة فسمح له.

 

ولما كان من الشيخ شاهين من رغبة من في العزلة، فسكن جبل المقطم، إذ كان أكثر الجبال أنهارا وأشجارا ونباتا، وبنى له فيه معبدا وقبرا، كان يزوره الزهاد والمتصوفن، يتبركون به.

وحكى الإمام الليث بن سعد، أن المقوقس سأل عمرو بن العاص أن يبيعه سفح جبل المقطم بسبعين ألف دينار، فكتب بذلك لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب فرد عليه عمر قائلا:" سله لماذا أعطاك ما أعطاك فيه وهو لا يزرع ولا يستنبط منه ماء". فسأل عمرو بن العاص المقوقس عن ذلك فقال إنا نجد في سفحه الكتب القديمة أنه يدفن فيه غراس الجنة، فكتب بذلك عمرو بن العاص إلى أمير المؤمنين فرد عليه قائلا:"أنا لا أعرف غراس الجنة إلا للمؤمنين، فاجعلها مقبرة لمن مات قبلك من المسلمين".

 

ويُقال إن الشيخ شاهين ظل مقيما في خلوته في جبل المقطم، ولم ينزل منه طيلة 30 عاما، واشتهر أمره فتردد علىه الأمراء والوزراء لزيارته والتبرك به، وكان كثير المكاشفة قليل الكلام جدا.

 

وفي ذلك يقول الشعرانى كنا نجلس عنده اليوم كاملا لا تكاد تسمع منه كلمة، وكان كثير السهر متقشفا في الملبس معتزلا عن الناس وظل كذلك حتى توفى سنة 901 ه.

 

قصة المسجد 

 

أما عن مسجد الشيخ شاهين، فبعد وفاته بنى له ابنه "جمال الدين" فى نفس المكان ذلك المسجد عام ١٥٣٨ ميلاديا، و دُفِن كلاهما فى نفس المكان.

 

فقد أنشأ مسجد الشيخ "شاهين الخلواتي" ابنه وافتتحه عام 945 هجريا، وكان بالمسجد أربعة أعمدة من الحجر،  وقبلته مشغولة بقطع من الرخام الملون والصدف، وداخل القبة أيضا مكتوب تاريخ تجديدها عام 1007 هجرية، ويقال إنه كان يوجد بئر.

 

والمسجد يضم ضريحًا للشيخ الخلوتى وثلاثة قبور لشاهين، وابنه جمال الدين شاهين، وحفيده محمد شاهين، وكانوا يصعدون إليه بمنحدر صخري، محفور فى وسط الجبل ويطلقون عليه اسم "مزلقان".  

ويعد مسجد الخلوتي من أهم وأروع آثار السياحة الدينية في مصر، وقد تم تسجيله كأثر إسلامى منذ الخمسينات وحمل رقم 212، وكان مقصدا لكثير من السياح الأجانب والمسلمين بدول آسيا كأندونسيا وباكستان وغيرها، كما كان مزارا لمريدي الطريقة الخلوتية الصوفية، بعدما أصبح آيلا للسقوط.

 

فقد تعرض مسجد الخلواتي لسرقة الكثير من محتوياته، كالحُلى النحاسية التي كانت تزين الأعمدة وكذلك اللوحة الرخامية أعلى القبة، كما أنه أصبح مأوى لبعض الأسر الفقيرة التي تسكن فيما تبق من حديقة المسجد. وبرغم أهمية هذا الأثر إلا أنه لم يبق منه سوى أجزاء بعينها كالمئذنة والخانقاه ويخشى أهل المنطقة الواقعة أسفل جبل المقطم من إنهيار هذا المسجد فوق بيوتهم المتواضعة. وتعد وزارة الأوقاف هي المسؤولة حاليا على المسجد، الذي يعاني الإهمال الشديدن وأصبح معرضا للانهيار، رغم أنه مصنف من الآثار المصرية تحت رقم 212، فهو طرازا معماريا نادرا جدا وخاصة في مصر وهو عمارة الحجر المنحوت. 

 

وبحسب الدكتور مختار الكسبانى أستاذ الآثار الإسلامية، فإن مسجد الخلوتي، لازالت الخانقاه، وهي المكان الذي كان يتعبد فيه الشيخ، الخاصة به محتفظة بكامل بناءها وروعتها المعمارية.

 

وأكد الكسباني، في تصريحات سابقة لـ"الأهرام"، أن مسجد الخلواتي من المساجد التى اتخذت شهرة عالية بين الآثار الواقعة فى نطاق السياحة الدينية، والتى باتت تعانى إهمالًا شديدًا فى مصر، عقب ثورة 25 يناير.

 

وأشار إلى  أن المسجد كان يمثل منارة صوفية هامة، وتقام فيه العديد من الاحتفالات الدينية الصوفية الخالصة لوجه الله، وليست تلك التى تقام فى الموالد ويصحبها صخب وضجيج وخليط من الأغاني الشعبية الرديئة. ولفت الكسباني، إلى أن الفنانة شادية، كانت من أهم المريدين للطريقة الخلواتية، ويرجع ذلك إلى أصولها التركية، كما أنها كانت تأت لتنشد مع المنشدين.  

مقالات متعلقة