بعد السخرية من ترميم «البارون».. «مصر العربية» تحاور مفتشة آثار القصر

قصر البارون أثناء الترميم

 

في مصر الجديدة بشتاء عام 1911 افتتح المليونير البلجيكى البارون إدوارد إمبان ، قصره المهيب الشهير، الذي أراد أن يتم تشييده ليكون أعلى بناء علي أرض هيليوبوليس بمعمار هندي ( عمارة خميرية )، وأراد أيضا أن تصبغ فيلته بلون مختلف عن بقية العمائر.

 

وبعد أن تعرض قصر البارون للإهمال بعد وفاة إمبان عام 1929، واستمر الأمر لسنوات طويلة وسط نزاعات ملكية، وتم تأجيره للمناسبات الاجتماعية أو تصوير مشاهد سينمائية، أعادت وزارة الآثار تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ترميم القصر.

 

وبعد قيام وزارة الآثار بطلاء الوجهات الخاصة القصر، خلف ذلك حالة من الجدل حيث هاجم البعض وسخر من الألوان الجديدة للقصر، الأمر الذي دفع وزارة الآثار لتنظيم جولة صحفية للقصر للرد على كل التساؤلات والشكوك، وكان لموقع "مصر العربية" حديثها مع الدكتورة بسمة سليم، مفتشة آثار قصر البارون الأثري، حول أعمال الترميم بالقصر.

 

 

"لم اتفاجأ أبدا من الجدل الذي حدث بخصوص ترميم قصر البارون" كانت تلك الجملة هي بداية حديث "بسمة" مع موقع "مصر العربية، مشيرة إلى أنه كانت رسالة الماجيستير الخاصة بها عن هيليوبوليس، ولن تنسى أن نتائج البحث أوضحت أن مصر الجديدة تختص بمجتمع محلي على درجة شديدة من الوعي والحرص على تراثهم الثقافي، وهو شديد الغيرة على مقتنياته الثقافية.

 

وتابعت مفتشة آثار قصر البارون الأثري في مصر قائلة :  فقد كان من المنطقي أن يثور أهالي مصر الجديدة حين أظهرنا ألوان  القصر الأصلية، وذلك لأن ذاكرتهم البصرية تشبعت بصورة القصر وقد تكدست عليه أتربة  طال عمرها أكثر من مائة عام.

 

ورأت "بسمة" أن بعض الانتقادات كانت بناءه وهدفها الغيرة على التراث، بينما كان البعض الآخر  انتقادا سلبيا وهجوما  مبالغ فيه وفي غير محله.

 

وكانت دكتور بسمة سليم كشفت في  كتابها "قصر البارون" ما يخص الرد على اللون كالتالي " تحدث المعماري الفرنسي الكسندر مارسيل ( 1860 _ 1928 ) مع الشركة الانشائية عن إمكانية تلوين الفيلا الهندوسية مثل كاتدرائية Basel And Freiburg بلون أرجواني ( Sienne brûlée ) يختلف عن لون الملاط و الاسمنت , وقد حافظت فكرة مارسيل علي المظهر العام لمبني الفيلا الهندوسية و احدث هذا التلوين ضَجة مدنية ليعطي نوعا من الصدي بين سكان ضاحية هيلوبوليس القُدامي.

 

 كانت هذة الفكرة ناتجة عن توجيهات البارون ادوارد امبان ( 1852 _ 1929) فكما أراد لقصرة المهيب ان يتم تشييدة علي تبة صِناعية ليكون اعلي بناء علي ارض هيليوبوليس بمعمار هندي ( عمارة خميرية ) فأراد أيضا أن تصبغ فيلتة بلون مختلف عن بقية العمائر حتي عن قصر صديقة بوغوص نوبار (1851_ 1930) .

 

 

يذكر أن التركيب الكيميائي للون الذي أستخدمة مارسيل هو مزيج من _ سلفات الحديد و كبريتات النحاس وقد تم رش الأجزاء المرغوب في تلوينها بالمضخات و كانت النتيجة مرضية للغاية".

 

واستطردت مفتشة آثار قصر البارون الأثري حديثها مع "مصر العربية" حول الإهمال الذي تعرض له القصر في السنوات التالية لموت البارون قائلة " بعد وفاة البارون وابنه تم بيع القصر لأسرتين سعودية و سورية في الخمسينات من القرن، وقد قاما بهجره فترة طويلة جدًا كانت كفيلة بأن يتعرض القصر للتعدي والتخريب بشكل كبير، حتى أنه أصبح مقرًا  لعبدة الشيطان في سنة ١٩٩٨  يمارسون طقوسهم اللتي تسببت أيضا بتلف أجزاء كبيرة من القصر من الداخل".

 

وعن عملية الترميم وأصعب المراحل التي واجهتهم قالت "بسمة" : تسببت الأمطار والعوامل الجوية في الفترة التي تم هجر القصر بها في فقد العديد من التشكيلات الزخرفية والتماثيل الأسمنية على الواجهات وبالأسوار الداخلية المحيطة بالقصر مما استدعى عمل قوالب لاستكمال تلك الوحدات التي كانت لابد أن تنفذ بحرفية عالية؛ لأنها مليئة بالتفاصيل الصغيرة".

 

وحول ما أثير  بخصوص إزالة السور الأثري للقصر كشفت أنه  قبل عام ٢٠٠٥ كان يحيط بقصر البارون سور ضعيف جدا من الحديد الشبك، تقتصر وظيفته على رسم حدود القصر، وليس حمايته، وبعد ذلك العام واحتفالاً بمئوية مصر الجديدة دخل القصر مشروع تطوير قامت حينها الشركة المنفذة بإحاطة القصر بسور من الحديد أقوى من سابقه، ولذلك لا يوجد سور أثري تاريخي للقصر من أساسه.

 

وأشارت "بسمة" إلى أن قصر البارون في حيازة وزارة الاثار منذ عام ٢٠٠٧ وتم عمل دراسات من كل من الجانب البلجيكي والهندي في عام ٢٠٠٩_ ٢٠١٠ تمهيدا لمشروع ترميم كبير،  توقفت الأعمال بسبب ثورة يناير، وعندما تعافت الدولة من تبعات الثورة بدأت دراسات أخرى استمرت عام 2016  و٢٠١7، وبعد توفير تمويل بدأ مشروع الترميم في يوليو ٢٠١٧ حتى تاريخه.

 

وأكدت مفتشة آثار قصر البارون الأثري أن عملية ترميم القصر تحكمها جميع المواثيق الدولية للترميم في العالم، بما يوفر معايير الأصالة والعمارة الفريدة للقصر، موضحة أنه من المتوقع افتتاحه تزامنا مع احتفالات أكتوبر القادم بعد أن تم إنجاز ما يقرب من 85% من عملية الترميم،  وسيتم إعادة توظيفه معرضا لتراث هليوبوليس.

 

مقالات متعلقة