راية الأمازيغ.. ذريعة الأمن للهجوم على المسيرات في الجزائر

مظاهرة جزائرية

من جديد عادت قضية الأمازيغ على الساحة الجزائرية من خلال الراية الأمازيغية التي ترفع في مسيرات الحراك  الجزائري الامر الذي اتخذته قوات الأمن ذريعة للاعتداء على المتظاهرين بدعوى أن ذلك يحض على الانفصال.

 

ويشارك الجزائريون في الاحتجاجات التي بدأت يوم 22 فبراير والتي انتهت بتنحي الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.

 

وتنحى بوتفليقة في الثاني من أبريل بعد 20 عاماً قضاها بالسلطة تحت ضغط الاحتجاجات والجيش. لكن الاحتجاجات استمرت للمطالبة بإصلاحات سياسية وعزل جميع المسؤولين المنتمين للحرس القديم.

 

استمرار الاحتجاجات

 

ومازال آلاف المحتجين يتجمعون في العاصمة الجزائرية، في إطار مظاهرات تنظم منذ أسابيع للمطالبة بإزاحة مسؤولين كبار منهم ساسة ورجال أعمال سيطروا على حكم البلاد منذ الاستقلال عن فرنسا في عام 1962.

 

ويشارك الشعب الجزائري بجميع فئاته السياسية الاحتجاجات التي تطالب بمطالب عامة بعيدة عن الفئوية لكن بعض الأمازيغ رفعوا أعلام أمازيغية وهو ما رفضه قائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح، وأعطى أوامر صارمة لقوات الأمن بالتصدي لأي شخص يرفع علماً آخر غير علم الجزائر خلال المسيرات.

 

وحسب صالح فإن رفع راية غير الراية الجزائرية الرسمية "قضية حساسة"، واعتبر أن "رفع رايات أخرى غير الراية الوطنية محاولة لاختراق المسيرات"، ممن وصفهم بـ"الأقلية القليلة جداً".

 

أزمة علم الأمازيغ

 

ورغم أن قايد صالح لم يحدد الراية التي يتحدث عنها فإن الأمر فُهِم بين الجزائريين على أنه الراية التي يرفعها الأمازيغ في مسيراتهم، وتأكد الأمر أكثر خلال مسيرة الجمعة الماضي، حينما اعتقلت قوات الأمن 18 شخصاً ممن رفعوا هذه الراية، وصدرت بحقهم أحكاماً بالسجن المؤقت بتهمة "إهانة هيئة نظامية".

 

وشهد حراك الجمعة مواجهات حادة في العاصمة، بين قوات الأمن ومتظاهرين عندما حاول عناصر من الأمن مصادرة الرايات التي كانت بأيديهم. وجرى اعتقال العشرات من الأشخاص وإدانتهم بالسجن بسرعة كبيرة.

 

ونظم الآلاف من طلبة الجامعة الأسبوع الماضي، في العاصمة وكثير من الولايات مظاهرات طالبوا فيها برحيل الرئيس المؤقت ورئيس الوزراء.

 

اعتداءات أمنية

 

وانتقد المتظاهرون بشدة رئيس أركان الجيش، الذي طالبوه هو أيضاً بالتنحي، بحجة أنه "أحد رموز النظام"، كما انتشر رجال أمن بزي مدني وسط المتظاهرين، بهدف "خطف" الراية الأمازيغية من أيديهم، التي كانت بأعداد كبيرة، وذلك في تحدٍ واضح للسلطات.

 

وبعيداً عن ساحات الاحتجاج، احتدم جدل كبير في بلاتوهات الفضائيات وبالمنصات الاجتماعية جدل كبير حول "الراية التي يقصدها الجنرال، هل هي تلك التي ترمز للخصوصية الثقافية لأمازيغ شمال أفريقيا، أم هي راية الانفصاليين؟".

 

وفي هذا السياق تساءل المتخصص في علم الاجتماع ناصر جابي في تصريحات صحفية: "هل اطلع قائد أركان الجيش على مواد الدستور التي تعترف بالأمازيغية كلغة وتراث مشترك لكل الجزائريين، وهو يطالب بنزع الراية الأمازيغية التي لم يدّع حاملوها يوماً أنها بديلاً للراية الوطنية؟"، محذراً من "موقف ضد اتجاه التاريخ يهدد وحدتنا".

 

ذريعة الراية

 

بدوره يرى الناشط الجزائري خليل عبدالحق، إن رفع الراية الأمازيغية كان ذريعة الأمن للتصدي لمسيرات متواصلة منذ بداية العام الجاري حتى أنهت حقبة بوتفليقة وهى تسعى الآن لخلع كل رجاله فى الدولة.

 

وأضاف لـ"مصر العربية" أن رفع الراية الأمازيغية لا يتعارض مع علم البلاد والذي يعترف به الامازيغ كعلم وطني، أما الراية فهى مجرد تعبير عن الثقافة التي ترمز إلى الامتداد الجغرافي.

 

وأوضح أن راية الأمازيغ تم تحديدها من قبل المؤتمر العالمي الأمازيغي بإسبانيا نهاية عام 1997، مشيراً إلى أن الأمازيغ في جميع دول العالم يرفعونه لأنه يمثل لهم هوية ثقافية وتاريخية.

 

وأكد أن الأمازيغ هم جزء ومكون أساسي من المكونات الجزائرية ورفع رايتهم لا تعنى الانفصال، ولكن الحديث عن ذلك في هذا التوقيت هو عمل مخابراتي عسكري للتفريق بين المتظاهرين والعمل بنظرية" فرق تسد".

 

من هم الأمازيغ 

 

الأمازيغ  مجموعة عرقية وثقافية غير عربية، يعيشون في دول الشمال الأفريقي، ويقولون إنهم السكان الأصليون لتلك المناطق، وإن تاريخهم يعود إلى ما قبل العصر الروماني، وفي 13 يناير الماضي، احتفل الأمازيغيون بحلول عامهم الـ 2969، بحسب التوقيت الأمازيغي، ويطلق عليه اسم "الناير".

 

يطلق على لغة الأمازيغ "تيفيناغ"، وتعد واحدة من أقدم اللغات في العالم، وكانت تستخدم منذ أكثر من ألفي عام قبل الميلاد، ويقول الأمازيغيون إن موطنهم الأصلي يمتد من غربي مصر القديمة، إلى جزر الكناري، ومن جنوب البحر المتوسط، إلى الصحراء الكبرى في النيجر ومالي.

مكان الانتشار.  

ومع حلول الإسلام في تلك المناطق، تبنت نخبة من الأمازيغ اللهجة العربية المغاربية التي هي خليط من العربية والأمازيغية، أما أمازيغ جزر الكناري فتبنوا الإسبانية، إلا أنهم يعدون أنفسهم أمازيغًا.

 

وفي 14 يونيو2001 نزل مئات الآلاف من أمازيغ القبائل إلى العاصمة الجزائرية مشيا على الأقدام للمطالبة بحرية التعبير وترسيم اللغة الأمازيغية. وكانت تلك محطة مفصلية "أجبرت" بوتفليقة على توثيق الأمازيغية في الدستور عام 2002 قبل الاعتراف بها لغة وطنية في دستوره الأخير سنة 2016.

 

خارطة طريق

 

وعن الحراك الجزائري تقدمت نقابات وجمعيات جزائرية بخريطة طريق، للخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ استقالة بوتفليقة، في أبريل الماضي، تضمنت تشكيل حكومة كفاءات وطنية.

 

وطرحت تلك الجمعيات، وثيقة اتفقت عليها  76 جمعية و20 نقابة في العاصمة، تحت اسم "مبادرة قوى المجتمع المدني للخروج من الأزمة السياسية".

 

وتضمنت الوثيقة، تنصيب شخصية وطنية أو هيئة رئاسية تشرف على مرحلة انتقالية للعودة إلى المسار الانتخابي، مدة تتراوح بين ستة أشهر وسنة.

 

وجاء في الوثيقة تشكيل حكومة كفاءات وطنية لتصريف الأعمال، وتنصيب هيئة مستقلة للإشراف وتنظيم والإعلان عن نتائج الانتخابات، مع ضمان آلية المراقبة.

 

وبالتزامن كع ذلك لم يترك الجزائريون الشارع للمطالبة بتفكيك "النظام" الحاكم ورحيل رموزه، وأولهم الرئيس بالوكالة عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي ورئيس الأركان أحمد قايد بن صالح، وجميعهم كانوا من المساعدين المقربين من بوتفليقة.

مقالات متعلقة