بعد صرف الشريحة الأخيرة لصندوق النقد.. مصر بين جنة الاستقرار ونار الأسعار

المواطن المصري يواجه أزمة ارتفاع الأسعار

زار فريق من خبراء صندوق النقد الدولى بقيادة سوبير لال، العاصمة المصرية القاهرة فى الفترة من 5 - 16 مايو 2019 لإجراء المراجعة الخامسة والأخيرة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى الذى يدعمه اتفاق لمدة ثلاث سنوات.

 

ووفقا لبيان صحفي صادر اليوم الجمعة عن الصندوق، توصلت البعثة إلى اتفاق بشأن المراجعة الأخيرة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ في نوفمبر 2016، ويخضع هذا الاتفاق على مستوى الخبراء لموافقة المجلس التنفيذي للصندوق، وباستكمال هذه المراجعة سوف يتاح لمصر الحصول على 1432,76 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (نحو ملياري دولار أمريكي)، ليصل مجموع المبالغ المنصرفة في ظل البرنامج إلى نحو 12 مليار دولار أمريكي.

 

وكان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي قد وافق في نوفمبر 2016 على تقديم مساعدة مالية لمصر من خلال اتفاق يتيح الاستفادة من "تسهيل الصندوق الممدد" (EFF) بقيمة 8.59 مليار وحدة حقوق سحب خاصة، أو حوالي 12 مليار دولار أمريكي.

 

 ووافق المجلس على المراجعة الأولى في 13 يوليو 2017، والمراجعة الثانية في 20 ديسمبر 2017، والمراجعة الثالثة في 29 يونيو 2018، والمراجعة الرابعة في 4 فبراير 2019، وبلغ مجموع المبالغ المنصرفة حتى هذا التاريخ  حوالي 10 مليار دولار أمريكي. ومع استكمال المراجعة الخامسة والأخيرة يكون قد انتهى صرف المبلغ الكلي في ظل البرنامج والذي يبلغ حوالي 12 مليار دولار أمريكي.

 

ويدعم "تسهيل الصندوق الممدد" برنامج السلطات للإصلاح الاقتصادي الشامل من أجل استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي وإعادة مصر إلى مسار النمو القوي والقابل للاستمرار، وعلى وجه التحديد، يهدف البرنامج إلى تحسين عمل أسواق النقد الأجنبي، وتخفيض عجز الموازنة العامة والدين الحكومي، وزيادة النمو لخلق فرص العمل، وخاصة للنساء والشباب، ويهدف البرنامج أيضا إلى حماية الأقل دخلاً في المجتمع أثناء عملية الإصلاح. 

 

وعلى مدار السنوات الثالثة الماضية، اعتمدت الحكومة المصرية، ضريبة القيمة المضافة وسمحت بتحديد سعر الصرف من خلال قوى السوق، وخفضت الدعم عن الوقود والكهرباء، وبالإضافة إلى إقرار قوانين جديدة للتراخيص الصناعية والاستثمار والشركات والإفلاس من أجل تحسين مناخ الأعمال، وفي الوقت نفسه، اتخذت الحكومة إجراءات متنوعة لحماية الفقراء من الآثار السلبية لإجراءات الإصلاح الاقتصادي.

 

ووفقا للمواقع الرسمى لصندوق النقد الدولى فمن المقرر أن تعمل الحكومة المصرية خلل الفترة المقبلة على زيادة توافر الأراضي الصناعية ذات الأهمية الحاسمة في تنمية القطاع الخاص وتحسين فرص الحصول عليها، كما تحقق تقدماً في إصلاح المشتريات الحكومية، وتجري تعديلات في قانون "جهاز حماية المنافسة" لتهيئة فرص متكافئة أمام الجميع ومن ثم تشجيع الاستثمارات الخاصة الجديدة.

 

وأشار الصندوق إلى أن من شأن هذه الإصلاحات أن تساعد على وضع الأساس اللازم لنمو أعلى وأشمل للجميع وخلق فرص العمل على المدى المتوسط.

 

قرارات ينتظرها المصريون 

وبالتزامن مع صرف الشريعة الأخيرة ينتظر المصريون فى شهر يوليو المقبل قرارات اقتصادية واجتماعية هامة بعضها يحمل أخبارًا سعيدة والأخرى صعبة.

 

وتتمثل الأخبار السعيدة في رفع الحد الأدني لأجور الموظفين من 120 جنيه إلى 2000 جنيه شهريا، ومنح المخاطبين بقانون الخدمة المدنية علاوة دورية 7%، وتصل نسبة هذه العلاوة إلى 10% لغير المخاطبين بالقانون، بالإضافة إلى منح العاملين بالدولة 150 جنيه علاوى استثنائية، وترقية أكثر من مليون موظف فى الدولة، فضلا عن رفع الحد الأدني للمعاشات من 750 جنيه إلى 900 جنيه، وزيادة فى المعاشات تقدر بـ 15% بحد أدني 150 جنيه.

 

تكلف حزمة الإجراءات الاجتماعية، الخزانة العامة نحو 60 مليار جنيه، تتضمن نحو 30.5 مليار جنيه لتمويل زيادات الأجور والمرتبات، بجانب 28.5 مليار جنيه لتمويل زيادات المعاشات الاجتماعية ونحو مليار جنيه لتمويل ضم 100 ألف أسرة جديدة لبرنامجي تكافل وكرامة.

 

أما الإجراءات الصعبة التى سيتعرض لها المصريون، فتتمثل في رفع الدعم بشكل عن الكهرباء والغاز والمشتقات البترولية الأخرى، الأمر الذى يؤدي إلى زيادة أسعار الموصلات والنقل وبعض السلع والخدمات بشكل نسبي.

 

نتائج إيجابية على حساب الفقراء 

وبدوره أكد يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق، فى تصريح سابق لصحيفة ديلي نيوز إيجيبت، أن مصر ليست بحاجة إلى قرض آخر من صندوق النقد الدولي.

 

وقال: إن برنامج صندوق النقد لمصر أحدث نتائج إيجابية كبيرة ولكن على حساب الطبقات الفقيرة، وبالتالي فلابد أن يكون التعامل مع الصندوق من وجهة مصرية ولا يمكن أخذ الوصفة والروشتة كما هي لضمان عدم معاناة الفقراء، والصندوق ليس مهمته التحقق من مراعاة الفقراء وإنما إعادة التوازنات المالية للدول التي بها اختلال.

 

وأَضاف، أن أغلب الحكومات التي تكاد تغرق تلجأ للاقتراض من الصندوق ووقتها الصندوق يوصي تلك الدول ببعض الإجراءات والدول لها الحق في الموافقة أو الرفض، مؤكدًا أن مصر لديها القدرة على الانضباط والالتزام بالإصلاحات الاقتصادية دون الحاجة لقرض آخر من الصندوق، ولا يعتقد "غالي" أن هناك تخفيضًا قادمًا في سعر الجنيه مقابل الدولار ولا يوجد أي احتياج أن يتحرك ويتوقع تثبيته.

 

وأوضح غالي أن الإجراءات التي يفرضها الصندوق تكون صعبة ولكنها ضرورية، وأن المصريين امتصوا الصدمة ولكن ينبغي التركيز على قضايا أخرى الآن.

 

قرض آخر 

وافقه الرأى  محمد معيط وزير المالية الحالي، الذى أشار فى تصريح لشبكة بلومبرج إلى أن مصر لن تسعى  للحصول على تمويل جديد من صندوق النقد الدولي بعد انتهاء القرض البالغ قيمته 12 مليار دولار العام الجارى.

 

وأضاف: "نحن الآن في وضع لا نعتقد أننا سنحتاج معه إلى قروض إضافية من صندوق النقد الدولي، مصر رغم ذلك حريصة على استمرار العلاقة الوطيدة مع صندوق النقد الدولي لطمأنة المستثمرين.

 

وتابع: "قد يحدث نوع من التعاون بيننا ولكن دعني أشدد مجددا أن ذلك لا يعني أننا سنطلب تمويلا إضافيا".

 

وبدوره أكد بلومبرج أن القرض ساعد الاقتصاد المصري على الخروج من كبوته بعد أن  كان على شفا أزمة طاحنة.

مقالات متعلقة