حالة من الجدل والخلاف أثارها لفظ "مدنية الدولة" الوارد في مقترح تعديل المادة 200 من دستور 2014 ضمن التعديلات الدستورية المقترحة والتي ستُطرح للاستفتاء في أبريل الجاري، إلا أنّ الدكتور علي عبد العال، رئيس البرلمان، أكد أنّ الهدف منه هو حماية النظام الديمقراطي، وأن اللجنة التشريعية الدستورية بالبرلمان سبتحث وضع مصطلح يرضي الجميع.
ومن المقرر أن يصوت البرلمان على التعديلات الدستورية التي تنظرها حاليا اللجنة التشريعية والدستورية بالمجلس، يوم 16 من أبريل الجاري، وتشمل تعديل 12 مادة في الدستور، وإضافة 8 مواد جديدة.
وحال موافقة البرلمان، ستُطرح التعديلات لاستفتاء شعبي، وبحسب مسؤولين في الهيئة الوطنية للانتخابات فإن الاستفتاء سيكون قبل شهر رمضان.
اعتراض نائب "النور"
وفيما يتعلق بالخلاف حول التعديل الوارد في المادة 200 وتحديدا لفظ مدنية الدولة، فسره الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، فإن هذه التخوفات تعود إلى اللغط الذى أحدثه تفسير أحد رؤساء الدول الشقيقة لكلمة مدنية الدولة، مشددا أن مصر بعيدة كل البعض عن المدنية التى كان يقصدها ذلك الرئيس.
وكان نائب حزب النور محمد صلاح خليفة، قد أبدى اعتراضه على ما جاء في تعديل المادة 200 الخاصة بحماية القوات المسلحة ودورها فى حماية مدنية الدولة، مطالبا بإعادة النظر في هذا المصطلح وقد يكون الدولة الوطنية والدستورية، بدلا من مدنية الدولة.
ولفت إلى أن حزب النور لا يفرض وجهة نظره فى معالجة القضايا المختلفة، وأن النواب انقسموا حول طرح الحزب بشأن "مدنية الدولة" لثلاثة أقسام، ما بين عدم فهم رؤية الحزب، أو اعتبار الحزب يقوم بالتهويل منها، والبعض الآخر يختلف مع وجهة النظر.
واستطرد :"سمعت حديثا للنائب إيهاب الخولى فهمت من كلامه أنه يقصد بالدولة المدنية ما يقابل الدولة الدينية، وأؤكد أنه فى النصوص الدستورية لابد من البعد عن الغموض ولابد من التوضيح".
وقال: إن لفظ "مدنية الدولة" لها تفسيرات مختلفة، منها "فصل الدين عن الدولة، أو ضد الدولة البوليسية، ومنها التفسير الغربى ويتبناه بعض المفكرين العرب، بأنها تعنى "العلمانية".
وواصل حديثه:"لم نجد أنها تعبر عن حالة مجتمعية وأن هذا المجتمع متمدن، وبالتالي هناك خلط في المعنى والتفسير، وأتفهم أن مقدمي التعديلات للخروج من حالة كانت تعاني منها مصر فى 2012 حكم جماعة دينية وتعدى على مؤسسات الدولة من الإخوان، ولما بنقول بلاش نحط لفظ مختلفين عليه لا أقول نرجع حكم الإخوان فى 2013".
واستطرد أن البعض ذكر أن لفظ "مدنية" موجود فى الدستور، موضحا: "نعم لكن هذا اللفظ موجود فى ديباجة الدستور، بأننا نضع دستور دولة حديثة حكومتها مدنية، وأقترح أن نضع هذا اللفظ كما ورد فى الديباجة فى المادة 200، لتقول دولة ديمقراطية حديثة وحكومتها مدنية، وبالتالى نحل هذه الإشكالية ونكون تركنا لفظ متعدد المعانى للتفسيرات".
واختتم حديثه :" بالتالى أرفض لفظ و"مدنيتها"، وأرى إما حذف "هذه اللفظة" أو ذكرها كما وردت فى الديباجة "دولة ديمقراطية حديثة وحكومتها مدنية".
لحماية "النظام الديمقراطي"
وتعليقا على ما آثاره نائب حزب النور قال الدكتور على عبد العال، إن التعديل المقترح فى التعديلات الدستورية المقترحة للمادة 200 بشأن دور القوات المسلحة يستهدف حماية النظام الديمقراطى.
وأكد عبد العال، خلال اجتماع لجنة الشئون التشريعية والدستورية، للتباحث حول ملاحظات الحوار المجتمعي، اليوم الأربعاء، أن اللجنة التشريعية الدستورية ستبحث وضع مصطلح يرضي الجميع بشأن الخلاف القائم حول كلمة مدنية الدولة.
وشدد أنه سيتم التباحث حول مصطلح يحقق شعور الاستقرار لكل المواطنين من مسلمين وأقباط حول إشكاليات "كلمة مدنية".
وتابع :"الأمر كله فى يد اللجنة التشريعية، وستصل إلى صياغة تهدأ من شعور الاستقرار لدى كل المواطنين المصريين المسليمن والأقباط بشأن المصطلح، فامصريون جميعا يريدون معنى يشمل مكونات المجتمع المصري من مسلمين واقباط، و لابد من توضيحها".
المادة 200
تنص المادة 200 في الدستور الحالي على :"القوات المسلحة ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، والدولة وحدها هى التى تنشئ هذه القوات، ويحظر على أى فرد أو هيئة أو جهة أو جماعة إنشاء تشكيلات أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية".
فيما جاء التعديل الوارد في المادة كالتالي :"
"القوات المسلحة ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها وصون الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد، والدولة وحدها هى التى تُنشئ هذه القوات، ويحظر على أى فرد أو هيئة أو جهة أو جماعة إنشاء تشكيلات أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية".
أسباب التعديل
يستهدف اقتراح تعديل الفقرة الأولى من المادة (200) إعادة صياغة مهمة القوات المسلحة وترسيخ دورها فى حماية وصيانة الدستور ومبادئ الديمقراطية والحفاظ على مدنية الدولة.
وبحسب ما جاء في اجتماع لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان، فإن إعادة صياغة مهمة القوات المسلحة بالدستور بما يتوافق ودورها الحقيقى الذى تلعبه.
كما يهدف التعديل إلى ترسيخ دور القوات المسلحة فى حماية وصيانة الدستور ومبادئ الديمقراطية والحفاظ على مدنية الدولة، وضمان انحياز القوات المسلحة للشعب فقط وليس لأى رئيس أو مسئول وأن تحافظ على مقومات الدولة ومؤسساتها.
ويقول الدكتور علي عبد العال، رئيس البرلمان، إن التعديل المقترح على الدستور بشأن دور القوات المسلحة في حماية البلاد، يستهدف حماية النظام الديمقراطي وليس الدخول في أى عمل سياسي لصالح طرف ضد آخر.
وأوضح عبد العال :"من الناحية التفسيرية والسياسية المصطلح واضح تماما، ومصر صاغت نصوص دستور 2014 صياغة عبقرية، بعدما تكلمت عن قيمة المواطنة وفى المادة الثانية تحدث عن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، وفى المادة الثالثة كانت واضحة بشأن الأخوة المسيحيين، بأن الحاكم لهم فيما يتعلق بشرائعهم، بالتالى لا مساس على الإطلاق".
بكري: لا تعني العلمانية
في السياق نفسه علق النائب مصطفى بكرى، على الانتقادات الموجهة للمادة 200 الخاصة دور القوات المسلحة فى حماية الدولة المدنية، قائلا: "لا أحد يستطيع المزايدة على دور القوات المسلحة فى حماية الدولة المصرية، ومدنية الدولة الواردة فى النص لا تعني العلمانية بمفهوم رئيس تونس".
وأضاف بكري، خلال اجتماع لجنة الشئون التشريعية والدستورية، لمناقشة ملاحظات الحوار المجتمعي، حول التعديلات الدستورية، :"دستورنا ينص على أن الإسلام دين الدولة ومصدر التشريع وما قاله الرئيس التونسى كلام لا يعتد به".