توالت التحذيرات الدولية والأممية من مساعي حوثية لإفشال اتفاق السويد، للسلام بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي.
وحذر وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هنت، من أن اتفاق السلام بشأن مدينة الحديدة اليمنية "قد ينهار خلال أسابيع"، وذلك خلال زيارته لليمن.
ولم تطبق الحكومة اليمنية أو الحوثيون خطة للسلام، رعتها الأمم المتحدة، تقضي بالانسحاب وإعادة نشر القوات حول مدينة الحديدة الساحلية.
ويعد ميناء الحديدة شريان الحياة الرئيسي، لنحو ثلثي سكان اليمن، التي تقف على حافة مجاعة.
وقال هنت إن 80 ألف طفل في اليمن ماتوا بالفعل، بسبب الجوع، وأضاف أن أكثر من 20 مليون شخص آخرين على حافة المجاعة.
اتفاق لم يتم
ويعد الانسحاب من مدينة الحديدة جزءا مهما، من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي اتفقت الأطراف عليه في السويد، في ديسمبر الماضي.
وكان يفترض أن يقود ذلك إلى محادثات أوسع، لإنهاء الحرب الدائرة منذ أربع سنوات.
ويتضمن الاتفاق أيضا إطلاق سراح الآلاف من السجناء، الأمر الذي لم يحدث بعد.
وحث هنت، متحدثا من مدينة عدن الساحلية جنوبي اليمن التي تخضع لسيطرة الحكومة، الطرفين على اتخاذ الخطوات الضرورية، من أجل تحقيق السلام.
وجاءت زيارة هنت إلى عدن، عقب لقائه الرئيس اليمين هادي، ومسؤولين سعوديين في الرياض، وكذلك لقائه المتحدث باسم الحوثيين، محمد عبد السالم، في سلطنة عمان.
وفي الشهر الماضي، أعلن مسؤولون في الأمم المتحدة، أنهم تمكنوا من الوصول إلى مخزن ضخم للحبوب في الحديدة، لأول مرة منذ ستة أشهر.
ويحتوي المخزن التابع لشركة مطاحن البحر الأحمر قمحا، يكفي لإطعام 3.7 مليون شخص لمدة شهر، لكن الأمم المتحدة حذرت من أن الحبوب عرضه للتلف.
وتناشد الأمم المتحدة دول العالم تمويل برامج مساعدات لليمن.
مماطلة حوثية
قال الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، اليوم السبت، إن "مليشيات الحوثي، تماطل في تنفيذ بنود اتفاق الحديدة على رغم من مرور أكثر من 80 يوما على اتفاق استوكهولم".
جاء ذلك خلال لقاء هادي، بوزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت، والوفد المرافق له، في العاصمة السعودية الرياض، حسبما أفادت وكالة الأنباء الرسمية "سبأ".
وأضاف هادي أن "مليشيا الحوثي تعنتت في الإفراج الشامل والكامل عن كافة المعتقلين والمحتجزين والأسرى، كإجراء إنساني وخطوة من خطوات بناء الثقة تم الاتفاق عليها في استوكهولم، وكذلك استمرار حصار مدينة تعز".
وقال "ستظل أيادينا ممدودة للسلام ، وسنبقى حريصين كل الحرص على تنفيذ اتفاق استوكهولم المتصل بالحديدة وموانئها، وكذلك ملف المعتقلين والأسرى والمحتجزين" .
وأشاد هادي، بـ "جهود بريطانيا الحميدة ومساعيها الدؤوبة للدفع نحو السلام والاستقرار الذي يتطلع إليه، وينشده الشعب اليمني في إطار متابعة تنفيذ اتفاق استوكهولم، والذي يعد مفتاح السلام والخطوة الأولى على طريق إحلال السلام الكامل في اليمن".
وثمن هادي قرار المملكة المتحدة بتصنيف حزب الله "كمنظمة إرهابية باعتبار ذلك الموقف تأكيداً على دعم حزب الله للمليشيات الانقلابية الحوثية باليمن".
عرقلة واضحة
بدوره أكد وزير الخارجية اليمني خالد اليماني، أن الحوثيين يعيقون تنفيذ اتفاقية السلام المبرمة في السويد، داعيا الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤولية تنفيذ الاتفاق، و"تحديد الطرف الذي يرفض ويمنع تنفيذه".
وقال اليماني في حوار مع "سكاي نيوز عربية": "على الأمين العام للأمم المتحدة أن يعلن صراحة أن الانقلابيين الحوثيين يعيقون تنفيذ اتفاقية السلام".
وأضاف: "الأمم المتحدة تتحمل مسؤولية تنفيذ مخرجات ستوكهولم".
وحث اليماني المبعوث الدولي إلى اليمن، الجنرال مايكل لوليسغارد، على اتخاذ "موقف حازم" تجاه سلوك المماطلة والتعنت للميليشيات الحوثية، لإيقاف تلاعبها المكشوف على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
وتابع: "على الأمم المتحدة أن ترفع صوتها، وتحدد بصورة عاجلة الطرف الذي يرفض ويمنع تنفيذ اتفاق ستوكهولم".
واستطرد قائلا: "انتهى الموعد المفترض لإتمام المرحلة الأولى من خطة إعادة الانتشار، ولا تزال الميليشيات ترفض الانسحاب من ميناء الصليف وميناء رأس عيسى، دون إبداء الأسباب".
وحمّل وزير الخارجية اليمني الميليشيات الحوثية مسؤولية فشل الاتفاق والانتكاسة الجديدة، خاصة في الملف الإنساني، قائلا: "كان من المفترض أن يضمن تنفيذ المرحلة الأولى من الخطة فتح وتأمين الطريق إلى مطاحن البحر الأحمر، لكن ترفض الميليشيات الالتزام بالاتفاق سعيا للاستمرار في استثمار المأساة الإنسانية باليمن".
كما أكد استعداد الحكومة لتيسير إخراج المواد الغذائية من مطاحن البحر الأحمر عبر الطريق الساحلي الآمن، الذي تسيطر عليه القوات الحكومية، مبينا أنه "سبق أن أرسل الفريق الحكومي رسائل متعددة لرئيس لجنة إعادة الانتشار بهذا الشأن".
وأوضح أن "الميليشيات الحوثية امتنعت حتى الآن عن تسليم خرائط الألغام التي زرعتها في المنطقة، وتصر على عدم إزالة الألغام من مناطق إعادة انتشارها"، مؤكدا أن تسليم خرائط الألغام وإزالتها "أمر جوهري لتنفيذ الاتفاق".
وأضاف اليماني: "الحكومة اليمنية والتزاما منها بمسؤولياتها بموجب القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، لم تزرع لغما واحدا في مناطق سيطرتها".
وطالب وزير الخارجية اليمني بضرورة معاقبة النظام الإيراني على دوره في دعم الميليشيات الحوثيةوتزويدها بالسلاح.
اتفاق السويد
وينص اتفاق السويد على تسليم مرافئ الحديدة والصليف ورأس عيسى إلى الإدارات التي كانت تتولى الإشراف عليها قبل وصول الحوثيين في نهاية 2014، وإعطاء دور للأمم المتحدة في إدارة هذه المرافىء.
ولم يتم فتح ممر إنساني كان مقرّرًا في 29 ديسمبر المنصرم، بين الحديدة والعاصمة صنعاء، بحسب بيان للأمم المتحدة.
وعبّر الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كمارت، كبير المراقبين المدنيين التابعين للأمم المتحدة المكلفين بالإشراف على تنفيذ اتفاق الحديدة، عن استيائه، وعن أسفه لـ"ضياع فرصة" تعزيز الثقة بين المتنازعين، بحسب ما جاء في البيان.
وأشار إلى أن الأمم المتحدة يجب أن تتحقّق من أي انسحاب كي "يكون ذا مصداقية"، الأمر الذي لم يحصل بالنسبة إلى الانسحاب الحوثي المعلن.
وتنص المرحلة الثانية من إعادة الانتشار في الحديدة على انسحاب كل القوى العسكرية من كل أنحاء المدينة.
إلا أن سكانًا قالوا إن الحوثيين لم يكونوا يومًا بهذه الكثافة في المدينة، وإن العديد منهم ارتدوا بزات خاصة بقوى أمنية تابعة لأجهزة مختلفة.
كما اتفق المتنازعون على تبادل آلاف المعتقلين والأسرى، وعلى ترتيبات أمنية في تعز، كبرى مدن جنوب غرب اليمن التي يطوقها المتمردون.
لكن لم يحصل على صعيد إطلاق السجناء إلا تبادل لوائح بأسمائهم، ولم يتمّ الإعلان عن أي تقدم آخر في هذا الملف، ولا في موضوع الترتيبات الأمنية في تعز.
ويواصل الحوثيون الضغط من أجل إعادة فتح مطار صنعاء الدولي أمام الملاحة.
ويسيطر الحوثيون على صنعاء منذ أربع سنوات، لكن التحالف العسكري بقيادة السعودية والداعم للحكومة اليمنية يسيطر على أجواء اليمن.
ويتهم التحالف الحوثيين بخروقات عدة للهدنة، ويؤكد عدم ثقته بالتزام الحوثيين بالاتفاق.