خبراء عن التعديلات الدستورية: في هذه الحالة «النواب» مهدد بانتهاك الدستور

الرئيس عبد الفتاح السيسي وعلي عبد العال رئيس مجلس النواب

في هذه الأيام كثر الحديث عن التعديلات الدستورية، ولكن بعيدا عن الجدال والسجال الدائر بين المؤيدين والمعارضين، هناك جانب آخر يدور على الساحة يبدو من خلاله تسارع مجلس النواب لمناقشة التعديلات المطلوبة، في ظل ما يصرح به البعض بأن المدة المحددة وفقا للمادة 226 من الدستور وهي 60 يوما غير إلزامية، ولكن ماذا يعني ذلك وماذا سيترتيب عليه؟.

 

ويأتي ذلك بعد أن تقدم، خمس أعضاء مجلس النواب، أي أكثر من 155 نائبا، بطلب لتعديل الدستور، يوم 3 فبراير الجاري، والذي وافقت عليه اللجنة العامة يوم 5 فبراير مبدئيا.

 

تقديم الجلسة 

 

وبعد أن كان من المقرر مناقشة طلب التعديلات الدستورية يوم الأحد المقبل الموافق 17 فبراير، قرر مجلس النواب تقديم الموعد إلى بعد غد، الأربعاء، 13 فبراير، وهو ما اعتبره البعض إسراع في مناقشة التعديلات.

 

وقبل يومين أدلى فقيه دستوري، يوافق على التعديلات الدستورية، بتصريحات تلفزيونية قال فيها إن المدة المحددة في الدستور وهي 60 يوما لمناقشة التعديلات في البرلمان غير إلزامية، ومن الممكن مناقشة التعديلات وإقرارها قبل هذه المدة، بينما رأى قانونيون آخرون أنها إلزامية ومخالفتها تعد انتهاك للدستور.

 

النص الدستوري

 

بداية نستعرض نص المادة 226 من دستور 2014 "المعمول به حاليا في البلاد" وهي المادة التي تشرح إجراءات تعديل مواد الدستور، وتنص على :"لرئيس الجمهورية أو لخُمس أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة، أو أكثر من مواد الدستور، ويجب أن يُذكر في الطلب المواد المطلوب تعديلها وأسباب التعديل".

 

وجاء في نص المادة :"وفي جميع الأحوال، يناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال 30 يومًا من تاريخ تسلمه، ويصدر المجلس قراره بقبول طلب التعديل كليًا، أو جزئيًا بأغلبية أعضائه، وإذا رفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل حلول دور الانعقاد التالي".

 

وأضافت :"وإذا وافق المجلس على طلب التعديل، يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد 60 يومًا من تاريخ الموافقة، فإذا وافق على التعديل ثلثا عدد أعضاء المجلس، عرض على الشعب لاستفتائه عليه خلال 30 يومًا من تاريخ صدور هذه الموافقة، ويكون التعديل نافذًا من تاريخ إعلان النتيجة، وموافقة أغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين في الاستفتاء".

 

إلزامية أم لا؟

 

هذا عن نص المادة وما حددته من إجراءات ومواعيد مناقشة التعديلات الدستورية، بينما صرح الفقيه الدستوري، مستشار رئيس مجلس النواب، إن فترة الستين يوما الفاصلة بين الموافقة المبدئية على التعديل الدستوري وبين مناقشة نصوص، والتي تطلبتها المادة 226 من الدستور، غير إلزامية.

 

فيما قال فؤاد عبد النبي، الفقيه الدستوري، إنه أمام النص الدستوري في المادة 226 لا يجوز التفسير أو التأويل أو الشطط أو العبث، موضحا أن هذه المادة مكونة من 3 فقرات، الفقرة الثالثة منها تتكون من 43 كلمة لا يمكن لأحد تفسيرها وفق هواه.

 

وأضاف عبد النبي، لـ"مصر العربية" أنه لابد من احترام النص الدستوري، والالتزام بمدة الـ 60 يوما لمناقشة التعديلات المطروحة، مستطردا أنه طلب التعديلات يُناقش خلال 30 يوما، وإذا تم رفضه كأنه لم يكن، وإذا وافق المجلس على الطلب، يبدأ مناقشته بعد 60 يوم من تاريخ تقديم الطلب.

 

وأوضح أنه في يوم 5 إبريل يبدأ البرلمان مناقشة التعديلات في الجلسة، وإذا وافق عليه البرلمان، يُعرض على الشعب خلال 30 يوما، وإذا وافق الشعب يعد إقرار من الشعب بهذه التعديلات، وإذا لم يوافق كأنه لم يكن.

 

وأشار الفقيه الدستوري إلى أنه من الممكن أنه بعد يوم 5 إبريل يمكن أن يجتمع البرلمان ويوافق على التعديلات الدستورية في خلال 24 ساعة، ثم يدعو الشعب إلى الاستفتاء.

 

وتابع :" أن رئيس الجمهورية هو من يدعو الشعب إلى الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وفقا لنص المادة 157 من الدستور".

 

وتنص المادة 157 على :"لرئيس الجمهورية أن يدعو الناخبين للاستفتاء في المسائل التي تتصل بمصالح البلاد العليا، وذلك فيما لا يخالف أحكام الدستور. وإذا اشتملت الدعوة للاستفتاء على أكثر من مسألة، وجب التصويت على كل واحدة منها".

 

تحذير للنواب

 

وحذر الفقيه الدستوري أنه في حالة عدم الالتزام بمدة الـ 60 يوما لمناقشة التعديلات الدستورية، فإن بذلك يعد مجلس النواب بصدد جريمة انتهاك للدستور، وهو ما يستوجب تدخل النائب العام، وفق الصلاحيات المخولة له في الدستور، المنصوص عليه في المادة 189.

 

وتنص المادة 189 على :"النيابة العامة جزء لا يتجزأ من القضاء، تتولى التحقيق، وتحريك، ومباشرة الدعوى الجنائية عدا ما يستثنيه القانون، ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى".

 

وأوضح الفقيه الدستوري أن المسؤولية تقع على النائب العام باعتباره يمثل الشعب، وأن البرلمان في حالة الإسراع في مناقشة التعديلات دون الالتزام بنص المادة 226 فهو يعد بذلك يرتكب جريمة انتهاك الدستور، ومن ثم يجب تدخل النائب العام، وفقا لنص المادة 113.

 

وتنص المادة 113 على :"لا يجوز، فى غير حالة التلبس بالجريمة، اتخاذ أى إجراء جنائى ضد عضو مجلس النواب فى مواد الجنايات والجنح إلا بإذن سابق من المجلس".

 

وأردف الفقيه الدستوري:" أن حالة التلبس هنا هي مخالفة النصوص الدستورية حال عدم الالتزام بالمدد المحددة في المادة 226"، وذلك قياسا لى المادة 159 والمادة 173.

 

إسراع للتعديل

 

في السياق نفسه علق الفقيه الدستوري نور فرحات، على ما يتردد بشأن أن الـ 60 يوما غير إلزامية لمناقشة التعديلات، معتبرا أن هذا بمثابة مؤشرا للإسراع في إجراء التعديل.

 

وأضاف فرحات، عبر صفحته على فيس بوك:" رئيس المجلس حدد لاجتماع المجلس يوم الأربعاء ١٣فبراير بدلا من الموعد المعتاد يوم الأحد، ويبدو أن النية متجهة إلى استصدار موافقة المجلس على مبدأ التعديل في هذه الجلسة، ثم يتم الإسراع في مناقشة النصوص المعدلة دون تقيد بموعد تمهيدا لطرحها على الاستفتاء، وذلك كله وسط صمت إعلامي متعمد".

 

وحدد رئيس مجلس النواب، الدكتور علي عبد العال، اجتماع المجلس يوم الأربعاء ١٣فبراير بدلا من الموعد المعتاد يوم الأحد، لمناقشة الموافقة المبدئية على طلب التعديلات الدستورية المقدم من خمس أعضاء البرلمان.

 

وفي حال التصويت على الموافقة على طلب التعديلات الدستورية، يتم إحالت التعديلات إلى اللجنة التشريعية في البرلمان، للانتهاء من مناقشة التعديلات خلال 60 يوماً بحد أقصى، وفقاً للدستور.

 

قبل رمضان 

 

وتشير تقارير صحفية إلى أن هناك تسريع في وتيرة التعديلات الدستورية ومناقشتها وإقراراها، وطرحها للاستفتاء، وذلك قبل حلول شهر رمضان المبارك.

 

أبرز التعديلات 

 

ومن أبرز التعديلات المقترحة على الدستور: مدّ فترة الرئاسة من أربع إلى ست سنوات، والسماح للرئيس عبد الفتاح السيسي بالترشح لولايتين جديدتين بعد انتهاء ولايته الثانية عام 2022، إذ أن الدستور الحالي ينص على ترشح الرئيس لولايتين فقط الواحدة منهم 4 سنوات.

 

وتضمن التعديلات، تعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية، واشتراط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تسمية وزير الدفاع، وإلغاء الهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام.

 

وتشمل التعديلات المقترحة منح الرئيس صلاحيات في اختيار هيئات قضائية، وتقييد صلاحيات الرئيس المؤقت (في حال وجوده) بعدم السماح له بالترشح للرئاسة.

 

وهناك مقترح بإضافة إلى المادة 200 المتعلقة بمهام الجيش فقرة تنص على مهام جديدة، هي: "صون الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد".

 

تُضاف إلى تشكيل مجلس النواب فقرة تنص على أنه "يُخصص ما لا يقل عن ربع عدد المقاعد للمرأة"، مع حذف عبارتي "والتمثيل المتكافئ للناخبين"، و"يجوز لرئيس الجمهورية تعيين عدد من الأعضاء فى مجلس النواب لا يزيد على 5%، ويحدد القانون كيفية ترشيحهم".

 

تتضمن التعديلات أيضا استحداث غرفة نيابية ثانية باسم مجلس الشيوخ (بجانب مجلس النواب)، وهي مماثلة لمجلس الشورى، الذي تم إلغاؤه عام 2013.

 

ويتألف مجلس الشيوخ من ما لا يقل عن 250 عضوا لمدة 5 سنوات، على أن يُنتخب ثلثا الأعضاء بالاقتراع العام السري المباشر، ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي، وتجرى الانتخابات طبقا لما ينظمه القانون، مع عدم استطاعة الغرفة الثانية مساءلة الحكومة.

 

وتشمل التعديلات حذف عبارة تنص على أن "مراجعة مشروعات العقود التي تكون الدولة أو إحدى الهيئات العامة طرفا فيها" من اختصاصات هيئة مجلس قضايا الدولة، المعنية بالنظر في العقود الإدارية (دون توضيح مآل تلك المراجعات".

 

مقالات متعلقة