مع الإعلان عن أولى الإجراءات التنظيمية لتعديل الدستور الحالي، بدا واضحًا أنه هناك فريقان أحدهما يؤيد التعديلات ويرضى بضرورتها تماشيًا مع المرحلة الحالية، وآخر يرفض التعديل ويعتبره "عبثًا" بالدستور، ولكن يبقى في المنتصف الشعب صاحب القول الفصل، حين يُعرض عليه الأمر للاستفتاء، ولهذا يحاول كل طرف أن يدلي بدلوه للترويج لرأيه.
وسلم الدكتور عبدالهادي القصبي، رئيس ائتلاف دعم مصر، مقترحات النواب عن تعديل الدستور، لرئيس البرلمان الدكتور علي عبدالعال، وذلك تمهيدًا لعرضها فى الجلسة العامة.
وقال القصبي، زعيم الأغلبية، رئيس ائتلاف دعم مصر: إن الشعب المصري، هو من يملك التعديل على الدستور، وصاحب السيادة عليه، وما يقوم به أعضاء المجلس ما هو إلا تقديم مقترحات من خلال حقوقهم الدستورية التي نص عليه الدستور.
وأضاف في تصريحات صحفية، اليوم الأحد، على أن مقترح نواب البرلمان بتعديل الدستور، هو استعمال للحق الدستوري المنصوص عليه في المادة 226، وما ورد في فصل كامل من القانون رقم 1 لسنة 2016، الخاص باللائحة الداخلية لمجلس النواب.
"4 سنوات لا تكفي"
ومن جانبه قال النائب عبد الفتاح يحيى، القيادي بحزب مستقبل وطن وائتلاف دعم مصر، إن تقديم طلب لتعديل الدستور خطوة في غاية الأهمة، ولايزال هناك إجراءات قانونية ومناقشات داخل اللجان المعنية، ثم مناقشتها في الجلسة العامة وإما الموافقة عليها وعرضها للاستفتاء أو رفضها.
وأضاف يحيى لـ"مصر العربية" أن هذه التعديلات جاءت لضرورة وجود غرفة ثانية للبرلمان متمثلة في مجلس الشيوخ، وكذلك زيادة نسبة تمثيل المرأة.
وعن مدة الرئاسة قال القيادي بائتلاف دعم مصر، إن 4 سنوات لا تكفي خاصة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي فتح ملفات هامة جدا لابد من استكمالها، لأنه لا أحد يعرف الذي سيأتي من بعده ماذا سيفل فيها، لاسيما برنامج الإصلاح الاقتصادي والاستثمارات والمشروعات التي حققها الرئيس، متابعا:"قولنا بدلا من أن تكون المدة 4 سنوات نجعلها 6 أعوام".
وتعليقا على الأصوات المعارضة للتعديل والتي دشنت هاشتاج "لا لتعديل الدستور" على مواقع التواصل الاجتماعي، قال يحي :"الفيصل في النهاية هو الشعب المصري لأنه هو صاحب القرار، الأمر متروك للبرلمان أولا يناقش ثم يوافق أو يرفض ثم الاستفتاء، ولكن ليس الفيس أو السوشيال ميديا".
"المؤيدون أكثر"
وأردف:"هناك معارضين ونحن نحترم رأيهم ولكن المؤيدين أكثر، والشعب المصري أصبح بعد 30 يونيو واعيا تماما ويتابع كل شيء ويستطيع أن يتخذ قراره، وأغلب الناس لم تكن راضية عن الدستور الحالي، لأنه اتعمل في ظروف استثنائية، وهذا حق للرئيس وللنواب أن يتقدموا بطلب للتعديل".
وشدد القيادي بائتلاف دعم مصر أن البرلمان يمل من أجل مصلحة الشعب، وهذه التعديلات هدفها الأساسي مصلحة النا، لأن النظام الحالي يسير على الخط السليم، فكل ما يهم المواطن هو أن يعيش حياة كريمة وهذا ما يوفره إنجازات النظام الحالي.
ولفت إلى أنه هناك 60 يوما سيعمل فيهم النواب كل في دائرته على عقد ندوات ومؤتمرات للاستما لأراء المواطنين مؤيدين ومعارضين، لتوعية الناس بالتعديلات وشرحها ماذا يحدث فيها وأهميتها، مناشدا الجميع بالحضور والإدلاء برأيهم.
وعن مدى إمكانية فتح حوارات مع القوى المدنية المعارضة للتعديل، قال النائب إنه الطبيعي أن البرلمان يعقد جلسات حوار مجتمعي في القوانين التي تخص الناس، ومن ثم سيكون هناك دعوات لحضور مناقشات تعديل الدستور، مضيفا :"نتمنى أن يشاركونا ونسمع آرائهم، وإذا دعونا لاجتماعتهم سنحضر".
واختتم يحيى حديثه قائلا :"في النهاية الشعب هو الذي يرفض أو يوافق، ولم يعد هناك تزوير في انتخابات أو تزوير لإرادة الشعب، ما تقوله الصناديق نحترمه ونسير عليه ".
3 مسارات للمارضة
وفي المقابل قال مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي والقيادي بالحركة المدنية الديمقراطية، إن الحركة ستجتمع غدا الأثنين في حزب المحافظين، استكمالا للاجتماع الذي عُقد في حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وستتوالى اجتماعات أخرى لتشكيل تكتل ضاغط لإحداث آثر لمنع ما وصفه بـ"العبث" بالدستور.
وكانت الحركة المدنية قد أعلنت في وقت سابق، في سابق قبل البدء فعليا في إجراءات تعديل الدستور، رفض أي محاولة لما وصفته بـ"العبث" بالدستور.
وأضاف الزاهد لـ"مصر العربية" أن المعارضة سيكون لديها مسارات تتنوع ما بين إبداء الرأي وإصدار بيانا بموقفها الرافض للتعديل وتوضيح الأسباب، ومسار آخر قانوني لبحث ما إذا كانت التعديلات تتفق مع القانون والدستور أم لا، لأن هناك مواد ضامنة للدستور غير قابلة للتعديل منها مدة الحكم.
وأردف أن هناك مسار ثالث وهو مسار التوعية والتثقيف، وذلك عن طريق عقد مؤتمرات وندوات وحلقات نقاش واستضافة جماعات بحثية لتناقش الأمر وتبلور ما ترآه.
واستطرد:"من كل الشواهد في حاجة مشروعة فلنقل إنهم حسنوا لنية وعندهم مبررات، وفي هذه الحالة من حقهم يخضوا نقاشات سياسية وفكرية وقانونية ويواجهون بها المعارضة، ونحن كذلك سنطرح آرائنا، وإذا دعونا للحوار سنعبر عنه بوضوح".
الحريري:سنقول"لا"
ومن جانبه قال هيثم الحريري، عضو تكتل 25-30، إن المناخ السياسي الحالي بما فيه أعضاء مجلس النواب مهددين برفع الحصانة والإلقاء بنا في السجون، فماذا نتوقع من أي مواطن عادي؟.
وواصل عضو تكتل 25-30 حديثه لـ"مصر العربية" قائلًا: "نحن نقوم بدورنا رغم التهديد والتعتيم ورغم كل التهديدات والتشويه، ولكن نتفهم دور المواطن البسيط الذي يرى شخصيات عامة يتم إلقاء القبض عليها والزج بها في السجون لفترات طويلة، فنحن نقوم بدورنا في البرلمان، ويكفينا أمام الله والوطن، أننا نقول كلمة حق".
وتابع :"نتفق أو نختلف مع الإنجازات، لكن هذا كان اختيار الشعب للنواب، أما استغلال الأغلبية لمناخ سياسي وقانون الطوارئ والإرهاب، لتحويل الكثير من المواطنين إلى السجون، فهذا لا يسمى تعديل دستور".
وأردف :"المناخ السياسي الذي تعيشه مصر الآن لا يسمح بأي حوار لتعديل الدستور، لا حوار مجتمعي ولا سياسي ولا نخبة، الحوار إما يكون في وسائل الإعلام وتم تأميمها، أو من خلال الأحزاب، ورؤساء الأحزاب يتم إلقاء القبض عليهم بعد احتفالية بثورة أقرها الدستور، أو القبض عليهم في مظاهرة تيران وصنافير، أو ترهيبهم بتحويلهم لمحاكمات أو إلقائهم في السجون دون تهم حتى الآن، فهذا المناخ لا يصلح لحوار مجتمعي".
واستطرد :"حتى موضوع الحوار المجتمعي سهل بسيط إما مد فترة الرئاسة أو لا، والأحزاب السياسية المدنية التي شاركت في ثورة 25 يناير لا تقبل بمد فترة الرئاسة، ليس نكاية في شخص، ولكن لأنه المكسب الوحيد الذي خرجت به ثورتي 25 يناير و30 يونيو، ما دون ذلك رجوع لعهد مبارك والسادات، أحدهما غير الدستور ومات مقتولا، والآخر غيره فتم عزله".
وأكد الحريري أنه ما تريده القوى السياسية المدنية الرافضة لتعديل الدستور هو استقرار سياسي حقيقي، وهذا لن يأتي إلا باحترام الدستور وتطبق مبادئه، كما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه في وقت سابق أنه يؤمن بفترتين رئاسيتين ولا يسعى لتعديل الدستور، فهذا الطريق الوحيد لخلق دولة ديمقراطية.
إقرارات "لا لتعديل الدستور"
اتجهت القوى المدنية والمواطنين الرافضين لتعديل الدستور لتدشين حملة على "السوشيال ميديا" تحت هاشتاج :"لا لتعديل الدستور"، تتضمن إقرار من الشخص صاحب المنشور برفض تعديل الدستور، في إطار حملات جمع توقيعات لرفض التعديل.
شارك في التوقيع عدد من النواب، والشخصيات السياسية والعامة، أبرزهم :"الفقيه الدستوري نور فرحات، والنائب ضياء داود، النائب هيثم الحريري، المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، الكاتب الصحفي خالد البلشي" وغيرهم كثير.
ونشر الفقيه الدستوري نور فرحات، عضو لجنة حماية الدستور، على صفحته على فيس بوك :"
أقر أنا المواطن المصري أنني أرفض تعديل نص المادة رقم ١٤٠ من الدستور، والتي تنص على : يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة.
وأضاف :"كذلك أرفض تعديل المادة ٢٢٦ من الدستور، والتي تنص على :لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أوبمبادئ الحرية، أوالمساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات".
واختتم الفقيه الدستوري منشوره بهاشتاج :"#شارك_حملة_لا_لتزوير_الدستور".
حفظ المكتسبات
وفي المقابل قال الدكتور عبدالهادي القصبي، رئيس ائتلاف دعم مصر، إن الرؤي والأفكار أجمعت حول أهمية تعديل بع مواد الدستور، وفق مبدأ حاكم وأساسي متمثل في الحفاظ على مكتسبات دستور 2014، والتأكيد عليها من خلال بعض التعديلات، بإضافة المزيد من الحريات والضمانات.
ولفت رئيس ائتلاف دعم مصر، في تصريحات صحفية، إلى أنه بعد مناقشات ودراسات لمدة طويلة بشأن رؤي وأفكار تعديل الدستور، وجدنا ضرورة لتفعيل الحياة السياسية وإعطاء فرصة أكثر للقوي السياسية للمشاركة الفعالة بالمشهد السياسي والعمل العام، ومن ثم رؤي إضافة غرفة نيابية جديدة تحت مسمي مجلس الشيوخ.
وأكد القصبي على أن المناقشات والدراسات رأت أيضا ضرورة أن يتم تمثيل كافة فئات المجتمع في المجالس النيابية، ومن ثم كان التوجه نحو الحفاظ على تمثيل كافة أطياف المجتمع، ومن ثم تم الاقتراح بـ25% للمرأة من المجالس النيابية، مع الحفاظ على تمثيل مناسب للأٌقباط والشباب وذوي الإعاقة.
في السياق نفسه قال القصبي: "تطلعا لاستمرارية الاستقرار واستكمال الخطط التنموية يوجد مقترح مد فترة الرئاسة إلى 6سنوات"، وأيضا تتضمن المقترحات تعين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية".
وأشار إلى أنه سيتقدم بهذه المقترحات بالتعديل لرئيس المجلس والموقعة من خمس أعضاء المجلس، موضحًا بها الأٍسباب والمبررات، والذي سيقوم رئيس المجلس بإحالة وعرض الطلب على اللجنة العامة، والتي بدورها ستعد تقريرا عن المقترح خلال أسبوع، على أن يعرض تقريرها مرفقا برأيها على الجلسة العامة.
وأضاف : "إذا أرتأت الجلسة العامة موافقة مبدئية، يحيل رئيس المجلس الطلب إلى اللجنة التشريعية والدستورية، لدراسته والتأكد من توافر الشروط المنصوص عليها في المادة 226 من الدستور، ودراسة الأسباب والمبررات، وتتلقي خلال 30 يوما كل الآراء والمقترحات من نواب المجلس، حيث يحق لكل نائب تعديل أو إضافة أو حذف، ومن ثم تكتب تقرير برأيها خلال 60 يوما ليتم عرضه على الجلسة العامة.
وأكد زعيم الأغلبية على أنه إذا وافق المجلس على تقرير اللجنة التشريعية والدستورية بشأن المقترح سيكون عبر النداء بالاسم، ومن ثم يقوم رئيس المجلس بإحالة الأمر لرئيس الجمهورية لدعوة الشعب المصري للاستفتاء على هذه المواد قائلا: "الشعب من يملك التعديل وصاحب السيادة، ونحن نقوم بعمل مقترح فقط وفق حقنا الدستوري.