يشيدون بموافقته على تعديل «الجمعيات الأهلية».. حقوقيون: الرئيس يحترم حقوق الإنسان

منظمات المجتمع المدني

 "شهادة وفاة للمجتمع المدني".. كلمات وصف بها حقوقيون قانون الجمعيات الأهلية منذ أن كان مجرد مشروعا يتم مناقشته داخل أروقة مجلس النواب، وكذلك حتى بعد موافقة البرلمان عليه ونشره في الجريدة الرسمية، وهكذا مض نحو عام ونصف على إقرار القانون، وخضعت المنظمات للقانون رغما عن اعتراضاتها.

 

كاد المشهد معتما تماما أمام منظمات المجتمع المدني في ظل العمل بقانون الجمعيات الأهلية، إلا أن شعاع من النور كاد يلوح في الأفق، بعد أن وافق الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الأحد، على إدخال تعديلات على القانون، وهو ما اعتبره حقوقيون دليل على احترام الإدارة السياسية للمعايير الدولية التي تحمي عمل منظمات المجتمع المدني في مصر سواء كانت محلية أو دولية.

 

ورأى حقوقيون أن حديث السيسي عن تعديل قانون الجمعيات الأهلية يعد ردا قاطع على بعض التقارير المُسيسة التي أشاعت رغبت الإدارة السياسية في القضاء على عمل منظمات قالمجتمع المدني في مصر، ويؤشر  على التزام مصر بتنفيذ التوصيات المقدمة من المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لتسهيل عمل هذه المنظمات.

 

فيما رأى أخرون أن موافقة السيسي على تعديل القانون تؤكد أن القانون الحالي به عوار كبير وتسبب في تجميد العمل الأهلي والتنموي على الصعيدين المحلى والدولي في مصر لما يقرب من عامين.

 

 

السيسي: القانون به عور

 

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي  قد أعرب عن موافقته على تشكيل لجنة، وإجراء حوار مجتمعي حول قانون الجمعيات الأهلية، على أن تعيد الجهات المعنية في الدولة تقديم القانون مرة آخرى إلى مجلس النواب، وجاء ذلك خلال إجابة الرئيس على سؤال لفتاة من الذين التقاهم مساء أمس ضمن لقاءه  بعدد من الشباب المصريين والأجانب، على هامش منتدي شباب العالم ٢٠١٨ بمدينة شرم الشيخ.

 

وكانت الفتاة "يوستينا ثروت"، وجهت للرئيس استفسارا حول قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية، مخاطبه الرئيس قائلة:" قانون منظمات المجتمع المدني محتاج نظرة من سيادتك وصلاحياتك الدستورية"، ورد الرئيس بقوله:"انا متفق معاكي .. كان فيه تخوف أدى إلى أن القانون يخرج بشكل فيه عوار".

 

 

بداية الجدل

 

ويعود رفض منظمات المجتمع المدني لقانون الجمعيات الأهلية، إلى أثناء مناقشته داخل مجلس النواب، إذ اعتبروه مخالفا للمشروع الحكومي الذي دار حوله نقاش بمشاركة كافة الأطراف، وارتفعت وتيرة الرفض بمجرد موافقة البرلمان عليه ونشره متجاهلا ملاحظات المجلس القومي لحقوق الإنسان.

 

وفي 29 نوفمبر 2016 أعلن مجلس النواب موافقته على مشروع القانون المنظم لعمل الجمعيات والمؤسسات العاملة في المجتمع المدني بأغلبية الثلثين، ما دفع مجموعة من الأحزاب والمنظمات الحقوقية آنذاك إلى إرسال خطابا لرئيس الجمهورية للاعتراض على القانون مطالبة بعدم التصديق عليه، ولكن صدق عليه الرئيس وتم نشره بالجريدة الرسمية في مايو 2017.

 

السادات يطالب باستقالة المسؤولين عن القانون

 

ومن جانبه أشاد البرلماني السابق محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، وعضو مجلس إدارة الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية، بموافقه الرئيس السيسي على تعديل قانون الجمعيات الأهلية، معتبرا أن الموافقة على التعديل تؤكد أن القانون الحالي به عوار كبير تسبب في تجميد العمل الأهلي والتنموي على الصعيدين المحلى والدولي في مصر لما يقرب من عامين.

 

وأشار السادات، لـ"مصر العربية" إلى أنه كانت هناك تحذيرات أكثر من مرة خلال الفترة الماضية ولكن لم يستمع أحد، مشددا على أهمية التعلم من أخطاء الماضي، وعدم ترك تعديل القانون لمجموعه من الهواه والغير متخصصين، والذين يعتبرون المجتمع المدني هو العدو الأول للدولة المصرية وأن المشاركة في تقييد عمله مشاركة في عمل وطني عظيم.

 

وشدد السادات على أهمية عمل حوار مجتمعي تحت إشراف وزاره التضامن الاجتماعي والاتحاد العام للجمعيات الأهلية، لكي يخرج القانون بشكل متوازن يساعد على تشجيع العمل الأهلي والتنموي التطوعي في مصر ويحقق أهداف التنمية المستدامة.

 

وطالب  السادات رئيس لجنة التضامن بالبرلمان الذي تقدم بمشروع القانون وهيئة مكتب اللجنة المشتركة معه، بالاستقالة نظرا لما تسببوا فيه من الإساءة للمؤسسة التشريعية والخسائر الأدبية والمعنوية والمادية التي ترتبت على خروج القانون بهذا الشكل.

 

وتابع :"لم تكن حتى الحكومة على علم به ولم تشارك في مناقشته وتم تجاهل ملاحظات المتخصصين وتحذيراتهم وتصدير صورة سلبية للرأي العام عمن أبدوا اعتراضهم على القانون وعلى الطريقة التي تم تمريره بها".

 

تضامن النواب..سنعدل القانون

 

ومن جانبها أبدت لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب، استعدادها لإعادة مناقشة قانون الجمعيات الأهلية، وذلك بعد إعلان الرئيس السيسي موافقته على تعديل القانون.

 

وأشار محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب، إلى أن الدستور المصري أعطى للرئيس الحق في إعادة مناقشة القوانين كنوع من الرقابة اللاحقة على القوانين الصادرة والنظرة الشاملة لما يحقق المصلحة الوطنية، معتبرا أن قرار السيس يؤكد أن القانون كان محل نقاش ودراسة داخل مؤسسة الرئاسة.

 

وأكد أبو حامد، في تصريحات صحفية، أن اللجنة البرلمانية تنتظر تشكيل لجنة لإعداد التقرير الخاص بالتعديلات على القانون، وإرسالها لمجلس النواب لمناقشتها وإقرارها بالتوافق مع الأطراف المعنية بالقانون.

 

نصري: الإرادة السياسية تحترم حقوق الإنسان

 

ورحب أيمن نصري، رئيس منتدى الحوار العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والتنمية في جنيف، بحديث السيسي عن موافقته علىتعديل قانون الجمعيات الأهلية المصرية وإجراء حوار مجتمعي حول القانون.

 

واعتبر نصري، خلال بيان صحفي، أن قرار الرئيس يؤكد على احترام الإدارة السياسية للمعايير الدولية التي تحمي عمل منظمات المجتمع المدني في مصر، سواء كانت محلية أو دولية، ويؤشر على التزام مصر بتنفيذ التوصيات المقدمة من المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لتسهيل عمل هذه المنظمات.

 

وأضاف أن حديث السيسي يرد بشكل قاطع على بعض التقارير المُسيسة التي أشاعت رغبت الإدارة السياسية في القضاء على عمل منظمات المجتمع المدني في مصر.

 

ونوه نصري أن هذا القرار سيعمل على ترسيخ فكرة حقوق الإنسان على الأرض، من خلال نشر الوعي بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتساعد الحكومة في المشروعات التنموية التي تهدف لبناء الإنسان.

 

طنطاوي يلوم البرلمان لإصداره قانون معيب

فيما أبدى أحمد طنطاوي، عضو تكتل 25-30،  تعجبه من ترحيب بعض النواب بموافقة السيسي على تعديل القانون، قائلا :"الأصل هو أن مجلس النواب هو جهة التشريع الوحيدة وفقاً للمادة 101 من الدستور، لذلك فالمجلس هو من يُوجه له اللوم على إصدار القانون المعيب مع العلم إن الحكومة حتى الآن عاجزة عن وضع لائحة تنفيذية للقانون".

 

وأشار طنطاوي، خلال تصريحات صحفية، إلى أنه سبق أن  تكتل 25-30 رفض هذا القانون وتقدم بمقترح لذلك وسيطرحه مرة أخرى عقب تشكيل لجنة لتعديل القانون، معتبرا أن قانون الجمعيات الأهلية وضع الجميع في دائرة الاتهام والاشتباه.

 

وأوضح طنطاوي، أن المقترح يستند على أن تتولى جهة واحدة ولتكن «الاتحاد العام للجمعيات الأهلية» تلقي التمويل من الجهات المانحة للقطاع الأهلي، على أن تتقدم الجمعيات الأهلية والمؤسسات بمشروعها للاتحاد للحصول على المنح، معتبرا أن هذه الآلية شفافة وستقضى على مخاوف الدولة من التمويل المباشر من مؤسسات أو دول للجمعيات والمؤسسات داخل مصر.

 

زيادة: القانون ليس بحاجة للتعديل

 

في المقابل أوضحت داليا زيادة، مدير المركز المصري للدراسات الديمقراطية، أن الحديث عن موافقة السيسي على تعديل قانون الجمعيات الأهيلة غير دقيق، إنما جاء ردا على سؤال من فتاة أجنبية بخصوص القانون، والسيسي أبدى ىأنه ليس لديه مان من التعديل بعد إعادته للبرلمان وحوار مجتمعي بشأن، لكنه ليس في يد الرئيس الآن.

 

واختلفت زيادة مع سابقيها، إذ قالت عبر صفحتها على فيس بوك، إنها ترى أن القانون ليس بحاجة للتعديل، ولكنه فقط بحاجة إلى التنفيذ، لافتة إلى أن السيسي صدق على القانون ولكن يتبقى أن يعد رئيس الوزراء اللائحة التنفيذية والبدء في تطبيقه، معتبرة أن هذه اللخطوة تأخرت كثيرا.

 

ورأت زيادة أن القانون ليس به عوار، مؤكدة أنه خرج بهذا الشكل بعد مناقشات وجلسات حوار مجتمعي دارت بين وزارة التضامن والمجتمع المدني، ومفاوضات دامت أكثر من عامين داخل البرلمان.

 

أبرز الاعتراضات

 

يذكر أن أبرز اعتراضات منظمات المجتمع المدني بحسب المذكرة التي تقدموا بها لرئيس الجمهورية عقب موافقة البرلمان على القانون في 2016، في 10 نقاط، تمثلت النقطة الأولى في عدم دستورية المواد المنظمة لتأسيس الكيانات الأهلية على عكس ما نصت عليه المادة 75 من الدستور بجعل الإنشاء بمجرد الإخطار، جاءت النصوص المخالفة في مواد "2/9، 3/10، 2/13..

 

الاعتراض الثاني تمثل في تعارض المواد المنظمة لأنشطة الجمعيات مع الدستور، فالمادة 75 فرضت حظرًا وحيدًا على أنشطة الجمعيات وهي أن تكون سرية أو ذات طابع عسكري، لكن القانون قصر عمل الجمعيات على مجالات تنمية المجتمع فقط وأن تتماشى مع خطة الدولة واحتياجاتها التنموية وأولوياتها، كما حظرت الجمعيات ذات النشاط السياسي أو يضر بالأمن القومي أو النظام العام أو ما يترتب عليه الإخلال بالوحدة الوطنية.

 

واعتبرت الجمعيات أن القانون منفر للعمل الأهلي والتطوعي، خاصة في ظل الشروط الموجودة فيه التي تزيد الأعباء المالية للقيام بأي نشاط طوعي كتسديد 10 آلاف جنيه رسم قيد وتأجير مقر للجمعية وتأثيثه بالأثاث الملائم.

 

في اعتراضها الرابع، أشارت المنظمات إلى أنّ القانون حظر على أي جهة ممارسة العمل الأهلي أو أي نشاط يدخل في أغراض الجمعيات، موضحة أن تلك المادة تجبر الشركات التجارية التي تستهدف الربح توفيق أوضاعها وفقًا للقانون، مشيرة إلى أن كافة الشركات تعمل على تنمية المجتمع اقتصاديًا واجتماعيًا بجانب التنمية الثقافية.

 

 

وتابعت المذكرة أن القانون يمنع بذلك ما تمارسه الجمعيات التنموية في مصر، أو ما تقوم به المدارس الخاصة التي تعمل في مجال التنمية بالتعليم ولكنها تستهدف تحقيق الربح، وتمثلت النقطة الخامسة في أن القانون منح سلطات مطلقة للتدخل في شئون الجمعيات الأهلية، لاشتراطه الموافقة المسبقة لبعض الأنشطة للجمعية كتلقي التمويل من الداخل أو الخارج أو التعاون مع المنظمات الأجنبية، والاعتراض على قرارات الجمعية أو مرشح لانتخابات مجلس الإدارة.

 

وجاء الاعتراض السادس في استحداث الجهاز القومي لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية والذي يختص بالموافقة على تأسيس المنظمات الأجنبية والتصريح لها بالعمل في مصر، والحصول على أموال وإصدار القرارات، واصفة الأمر بـ"مجلس أمني يدير الجمعيات الأهلية".

 

واشترط القانون خضوع الجمعيات لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات، لكن المنظمات شددت على أن أموال الجمعيات والمؤسسات ليست أموالاً عامة شأنها شأن النقابات العمالية، كما حدد القانون رأس مال مخصص لتحقيق أغراض المؤسسة بـ50 ألف جنيه، وهو ما اعتبرته المنظمات مغالاة في الشروط المالية للإنشاء والتأسيس، في الوقت الذي اشترط فيه القانون رقم 84 لسنة 2002 على 20 ألف جنيه فقط.

 

كما اعترضت المنظمات على المادة 44 والتي أعطت الحق للجهة الإدارية وقف النشاط المخالف لحين صدور حكم المحكمة، مؤكدة أنها تعد عقوبة دون حكم قضائي بالمخالفة للمادة 95 من الدستور الحالي، ضم الاعتراض العاشر ما وصفته المنظمات بـ"التعلل باعتبارات الأمن القومي لإغلاق المجال العام باستناد كافة المواد لاعتراضات الأمن القومي".

 

 

 

 

 

مقالات متعلقة