«الأردن».. هل توقف نزيف الدماء في درعا؟

عبد الله الثاني ملك الأردن

مع اشتداد المعارك والمجازر الأسدية والروسية على الجنوب السوري، اتجه مشردو درعا إلى الحدود السورية الأردنية، لتتجه معهم أنظار العالم تجاه المكان نفسه، ليشاهدوا أبواب الأشقاء مغلقة..

 

الأردن الذي يعد الملجأ الأخير للمهجرين السوريين، يقود جولة جديدة من المفاوضات بين قوات النظام السوري المدعوم بالقوات الروسية، والمعارضة السورية في درعا ومحافظاتها.

 

ويتمسك الأردن منذ بدء الأحداث الأسبوع الماضي بخيارين مهمين: مفاوضات بين المعارضة السورية والقوات الروسية للوصول لوقف إطلاق النار والقتل والتدمير، وإغلاق حدوده أمام اللاجئين الهاربين من آلة القتل اليومية، مقابل تقديم مساعدات إغاثية وطبية.

 

واستطاع الأردن الرسمي جمع المتحاربين في جولات من المفاوضات التي لم تصل لحل يرضي الطرفين، إلا أن ثمة بوادر إيجابية في جولة المفاوضات الأخيرة.

عبد الله الثاني ملك الأردن

 

وتوسط الأردن، القلِق من اندلاع العنف على حدوده الشمالية، في المحادثات التي جرت، أمس الأحد، بين المعارضة السورية ومفاوضين روس، سعياً للتوصل إلى وقف إطلاق النار في بلدة يسيطر عليها مقاتلو المعارضة بجنوب غربي البلاد.

 

وساطة أردنية  

وجاءت الوساطة الأردنية، بعد فشل مفاوضات بين المعارضة والروس في بصرى الشام السبت، إثر طلب الفريق الروسي من المعارضة الاستسلام الكامل للنظام السوري. واضطرت العديد من البلدات والقرى الخاضعة للمعارضة إلى القبول بسيادة الدولة.

 

ودفع الهجوم الذي شنته قوات النظام السوري، الشهر الماضي، على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة في جنوب غربي البلاد، عشرات الآلاف للنزوح نحو الحدود مع الأردن وآلافاً آخرين نحو الحدود مع مرتفعات الجولان التي تحتلها "إسرائيل".

 

وكشف وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، اليوم الاثنين، عن مباحثات أردنية-روسية في العاصمة موسكو، للتهدئة في جنوب غربي سوريا وتخفيف وطأة الوضع الإنساني هناك.

 

وقال الصفدي، خلال مؤتمر صحفي مع منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في الأردن، إنه سيغادر غداً إلى موسكو؛ لبحث التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بسوريا.

وأكد الوزير  أن الأردن مستمر في تحمُّل مسؤوليته بإيصال المساعدات للشعب السوري، خاصة في الجنوب.

 

وأشار الصفدي إلى أن الأردن سمح بإدخال عدد من الجرحى السوريين إلى مستشفياته من أجل علاجهم فقط، مضيفاً: "أقمنا مستشفىً ميدانياً لمعالجة الجرحى السوريين على الحدود".

 

وتابع: "نحن منخرطون مع جميع الأطراف للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا".

 

قصف روسي  

الناشط الحقوقي السوري زياد الطائي قال، إن مئات الغارات الروسية والأسدية استهدفت مئات المدنيين في بصرى الشام والحراك والكرك وغيرها من مدن الجنوب، وهذه الغارات هددت كل مقومات الحياة.

 

وأوضح الحقوقي السوري في تصريحات سابقة  لـ"مصر العربية" أن القصف الوحشي ركزه الروس على المناطق الآهلة بالسكان والنازحين لإيقاع أكبر عدد من الضحايا ودفع الفصائل أو المناطق للاستسلام، قائلا: المجتمع الدولي خذلنا والأمم المتحدة باعت شعبنا.

 

وتابع: ما يحدث في درعا جريمة وكارثة إنسانية، حدثت من قبل في مدينة حلب وفي حمص والغوطة الشرقية والمعضمية وغيرها من المدن السورية، لافتا إلى أن النظام وحلفائه يقصفون بشكل متعمد البنية التحتية المدنية من مستشفيات ومدارس، بهجمات وحشية بلا رحمة.

المحلل السياسي عمر عياصرة أشار إلى أن الأردن يواجه هذه الأزمة وظهره مكشوف، فأميركا غائبة عن المشهد، والروس هم اللاعب الوحيد والأهم فيها، والمنظمات الأممية الإغاثية غائبة عن تقديم المساعدات.

 

وتابع في تصريحات صحفية أن الأردن أمام خيارين: الخيار السياسي ويتمثل في مساعدة الفصائل المسلحة على الاستسلام وليس على وقف القتال، لأن الأردن عنده قناعة بأن المعركة ستحسم لصالح الروس وقوات النظام واستعادة معبر نصيب والمواقع الحدودية.

 

وبين أن الحديث اليوم عن تسوية سياسية قائمة على وقف إطلاق نار وهدنة، بمعنى استسلام فصائل المعارضة ونقلها إلى إدلب، مؤكدا أن هدف الأردن إنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن.

 

خيارات الأردن  

والخيار الثاني -بحسب العياصرة- يربطه الأردن الرسمي بالأمن الوطني، فممنوع فتح الحدود واستقبال اللاجئين داخل حدوده، وعدم وجود تفريغ ديموغرافي، وعدم الدخول في أزمة سياسية اقتصادية أمنية جديدة ترهق المملكة.

 

وكانت تقارير إعلامية تحدثت عن الشروط الروسية التي قُـدمت للمعارضة السورية في العاصمة الأردنية، وأبرزها: تسليم المعارضة سلاحها الثقيل والخفيف، ودخول شرطة عسكرية روسية، ووجود الأمن العسكري للنظام في حواجز الشرطة الروسية..

 

كما تتضمن الشروط دخول شرطة مدنية مناطق المعارضة، وفتح معبر نصيب مع الأردن، وتسليم المؤسسات الحكومية للنظام، وعمل تسوية لجميع المقاتلين والضباط المنشقين عن النظام.

على الجانب الآخر، تواجه الفصائل المعارضة في محافظة درعا، انقساما في صفوفها بين مؤيد ورافض لاتفاقات "المصالحة" التي تقترحها روسيا وتتضمن انتشار قوات النظام، حسبما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون محليون.

 

وبموجب مفاوضات تتولاها روسيا مع وفد معارض يضم مدنيين وعسكريين، برعاية أردنية، انضمت العديد من المناطق بشكل منفصل، أبرزها مدينة بصرى الشام، قبل أيام، إلى اتفاقات تطلق دمشق عليها تسمية "مصالحة".

 

حسم عسكري  

وتمكنت قوات النظام بفضل هذه الاتفاقات والحسم العسكري من مضاعفة مساحة سيطرتها لتصبح 60 في المئة من مساحة المحافظة الجنوبية، منذ بدء تصعيدها في التاسع من شهر يونيو الماضي.

 

وأعلن المفاوضون المدنيون، مؤخرا، انسحابهم من وفد المعارضة، حيث قالوا في بيان موقع باسم المحامي عدنان المسالمة: "لم نحضر المفاوضات اليوم ولم نكن طرفا في أي اتفاق حصل ولن نكون أبدا".

 

وجاء في البيان: "عمل البعض على استثمار صدق وشجاعة الثوار الأحرار من أجل تحقيق مصالح شخصية ضيقة، أو بأفضل الشروط من أجل تحقيق مصالح آنية مناطقية تافهة على حساب الدم السوري".

وفي 20 يونيو الحالي، أطلقت قوات النظام السوري بالتعاون مع حلفائها والمليشيات الشيعية الموالية لها، هجمات جوية وبرية مكثفة على محافظة درعا السورية.

 

وتقع محافظتا درعا والقنيطرة ضمن مناطق "خفض التوتر" التي تم الاتفاق عليها في مباحثات أستانة عام 2017، بضمانة من تركيا وروسيا وإيران.

 

ويعيش نحو 750 ألف شخص في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة التي تشمل 70% من محافظتي درعا والقنيطرة بالجنوب السوري. وبالإضافة لأولئك النازحين باتجاه الحدود السورية الأردنية، يفر الآلاف نحو الحدود مع الجولان المحتل في ظروف إنسانية مأساوية.

 

مقالات متعلقة