«ترقب وحيرة ومخاوف على مستقبل الأبناء».. هكذا يعيش أولياء الأمور بشمال سيناء، لاسيما أن وزارة التربية والتعليم قررت توقيف الدراسة، لحين الانتهاء من العملية الشاملة التي تشنها القوات المسلحة على البؤر الإرهابية والإجرامية بشمال ووسط المحافظة.
وفي هذا الإطار، تواصلت «مصر العربية» مع عدد من الطلاب وأولياء الأمور بالعريش، والذين أكدوا قلقهم الشديد إزاء الأوضاع الدراسية والأمنية بالمحافظة.
يقول سالم عبد الله، وليّ أمر، مقيم بالعريش، إن أولاده كانوا دائما ما يشتكون من الخوف الشديد بسبب سماعهم لدوي انفجارات أو إطلاق رصاص قريب من المدرسة، الأمر الذي جعله يطمئن لقرار وقف الدراسة، غير أنه في ذات الوقت قلق على مستقبل أبنائه.
وأضاف "سالم"، أنه ينتظر لحظة القضاء على الإرهاب تمامًا بفارغ الصبر - بحد تعبيره - حتى يستطيع ممارسة حياته وأولاده بشكل طبيعي، ويعود الأمن في الشوارع.
وانتقد ولي الأمر، فكرة «معلم أونلاين» التي طرحتها الوزارة لحل أزمة توقيف الدراسة، قائلا: " حل جيد، لكن كيف يستعمل الأولاد الانترنت والاتصالات مقطوعة دومًا، وما بتيجي إلا وقت قليل وبتكون ضعيفة".
وقالت رقية الشيخ، طالبة، إنها كانت تشعر بالخوف من الانفجارات، معلقة: "كنت بخاف وانا بالمدرسة من الانفجارات بس ما عدتش اروح للمدرسة بعد ما الناظر قال لنا ما تجوش تاني".
أما مشيرة سوالمة، والدة أحد الطلاب، فأبدت تخوفها الشديد خاصة مع انتشار الشائعات، بعد قرار وقف الدراسة، قائلة: "محدش عارف حاجة، في ناس بتقول هيلغوا كتير من المناهج، وناس بتقول المعلمين هيشتغوا مع الأولاد على الانترنت، لكن ما في شيء تم تنفيذه".
وأضافت "مشيرة": "إحنا طبعا متفهمين الموقف، لكن بنطلب من الوزارة تخفيف العبء عن الطلاب وأولياء الأمور".
وتعاني مدارس شمال سيناء، من قصف مجهول، واتخاذ مسلحين لها كمواقع إجرامية، لتنفيذ عمليات إرهابية، وتعرضت مدارس رفح الثانوية والرسم وأبوركم نجع أبوشيبانة جنوب المدينة، وكذلك معهد المطله الأزهري بمنطقة الماسورة، للقصف من قبل مجهولين مما أدى إلى تدميرها، وتوقف الدراسة بشكل إجباري في بعضها، بينما استمرت الدراسة بشكل جزئي في البعض الآخر كما هو الحال في مدرسة رفح الثانوية.
وطرحت الوزارة مبادرة «معلم أونلاين»، لطلاب سيناء، موضحة أن ذلك يأتي اتساقًا مع الجهود التي تبذلها الدولة بكل أجهزتها وقطاعاتها، لرعاية أبناء المحافظة وخصوصًا في التعليم.
من جهته أكد الدكتور رضا حجازي رئيس قطاع التعليم العام بوزارة التربية والتعليم، على تعظيم دور بالاستفادة بالمبادرة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، في إعداد وشرح الدروس المقررة على الطلاب بمختلف مراحل التعليم من قبل المعلمين تحت الإشراف الكامل لموجهي عموم المواد الدراسية.
بالصور| في ذكرى تحريرها.. مدارس سيناء بين «القصف» و«التهجير»
اعتبر خبراء تربويون أن مبادرة «معلم أونلاين» التي أطلقتها محافظة شمال سيناء، تزامنًا مع العملية الشاملة التي تقوم بها القوات المسلحة والشرطة "سيناء 2018"، خطوة صحيحة في طريق استخدام التكنولوجيا في حل المشاكل، موضحين أنها كانت لابد أن تفعل منذ وقت طويل.
وقال الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي، إن التكنولوجيا تعتبر من أهم الحلول البديلة التي لابد أن تلجأ لها وزارة التعليم في ظل الأوضاع الأمنية الراهنة.
وأوضح "مغيث" في تصريحات لـ "مصر العربية"، أن تدريب المعلمين بشكل جيد، على استخدام الكومبيوتر ووسائل الاتصالات المتنوعة، هو الضامن لنجاح تلك المبادرة، فضلا عن تقديم بعض الإرشادات للتلاميذ".
وأضاف الخبير التربوي، أن ثورة التكنولوجيا غيّرت الكثير من السياسيات التعليمية في العالم، لافتًا إلى أنه من الضروري في وقتنا هذا أن يمتلك كل مواطن جهاز كومبيوتر في منزله، مبينًا أن المعلم يمكن أن يتابع الشرح وإعطاء واجبات للطلاب من خلال مجموعات على الفيسبوك مثلا، بحيث تكون المواد إلكترونية، علاوة على استعمال «الفيديو كونفرانس».
من جانبه، قال الدكتور رضا مسعد مساعد وزير التربية والتعليم الأسبق، إن الوزارة اتجهت لهذه المبادرة لشرح المناهج التعليمية لتعويض الفترة التي تتوقف فيها الدراسة.
وأوضح "رضا" في تصريحات صحفية، أن الوزارة تمتلك مركزًا للتطوير التكنولوجي، ومن ثم فإنها تستطيع تدريب المعلمين، على استخدام تقنيات الفيديو كونفرانس لشرح المواد التعليمية، بشرط توفير الانترنت لكل من المعلم والطالب.
وأكدت المهندسة ليلى مرتجي، وكيل وزارة التربية والتعليم بشمال سيناء تفعيل مبادرة معلم أونلاين لتسهيل التواصل بين المعلمين والطلاب بعد تأجيل الدراسة، للتغلب على الظروف الأمنية التى تمر بها شمال سيناء منذ بدء العملية العسكرية الشاملة "سيناء 2018" .
وقالت مرتجي في تصريحات صحفية إن المبادرة تهدف لمساعدة الطلاب على متابعة دروسهم خلال فترة تأجيل الدراسة بسبب الظروف الأمنية، بجانب الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي في بث دروس شرح للطلاب من قبل المعلمين وحث الطلاب على تفعيل التكنولوجيا من خلال تواصلهم المباشر مع المعلمين خلال شرح الدروس أون لاين.
وعلقت وزارة التربية والتعليم الدراسة بمحافظة شمال سيناء إلى أجل غير مسمى، تضامنًا مع جهود القوات المسلحة لمكافحة الإرهاب بالمحافظة.
وكان المتحدث العسكري العقيد تامر الرفاعي قد أكد في بيان له ، أن الدولة المصرية والقوات المسلحة تسعى من خلال العملية الشاملة إلى توفير الحماية للمدنين وتأمين المعيشة الكاملة لهم.
وبدأت العملية الشاملة "سيناء 2018" صباح يوم الجمعة 9 فبراير الجاري قبل أسابيع من انتهاء مهلة ثلاثة أشهر حددها الرئيس عبدالفتاح السيسي لتأمين محافظة شمال سيناء.
وأعلن الجيش الجمعة الماضية، بدء "خطة مجابهة شاملة للإرهاب بشمال ووسط سيناء ومناطق أخرى بدلتا مصر، والظهير الصحراوي غرب وادي النيل".
كما أعلن "تنفيذ مهام ومناورات تدريبية وعملياتية أخرى على الاتجاهات الإستراتيجية كافة (لم يحددها)؛ تنفيذاً لقرار الرئيس عبد الفتاح السيسي القائد الأعلى للقوات المسلحة".
وأوضح المتحدث باسم الجيش أن خطة "المجابهة الشاملة" لها 4 أهداف؛ هي: "إحكام السيطرة على المنافذ الخارجية، وتحقيق الأهداف المخططة لتطهير المناطق التى توجد بها بؤر إرهابية، وتحصين المجتمع المصري من الإرهاب والتطرف، بالتوازي مع مجابهة الجرائم الأخرى (لم يحددها) ذات التأثير على الأمن والاستقرار الداخلي".