"هل تنعقد القمة؟، هل تستضيفها الكويت؟، ماذا سيجري في ديسمبر؟".. أسابيع قليلة تفصل المنطقة العربية، الملتهبة بأزمتها الخليجية، عن قمة مجلس التعاون.
القمة المقبلة يُفترض أن تُعقد في شهر ديسمبر المقبل، لكنّها هذه المرة مغايرة على كافة الأصعدة، إذ أنّها تأتي في ظل مقاطعة، تفرضها مصر والسعودية والإمارات والبحرين على قطر، تسميها "الأخيرة" حصارًا، منذ شهر يونيو الماضي.
الكويت أعلنت قبل أيام، أنّها لم تجرِ أي ترتيبات لعقد قمة مجلس التعاون حتى الآن، وأنّها لم توجه أي دعوة للدول الخليجية من أجل حضور القمة.
نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله قال إنّ بلاده "الدولة الوسيط" لم توجه حتى الآن، دعوات إلى قادة دول الخليج العربي لعقد القمة الخليجية.
وأضاف: "جرت العادة في كل قمة خليجية أن توجه الدعوات قبل مدة مناسبة، لكن مازال الوقت مبكرًا للحديث عن هذه الدعوات وإرسالها إلى أشقائنا في دول الخليج".
الجار الله أعرب عن أمله في أن تتم إزالة الخلاف بين الأشقاء قبل عقد القمة الخليجية، مؤكدًا تفاؤله بالجهود التي تبذلها الكويت لحل هذه الأزمة.
كثيرةٌ هي الجهود التي اتخذتها أطراف عديدة من أجل حل الأزمة الخليجية، لا سيّما "الكويت" التي لم تنضم لقافلة المحاصرين لكنّها آثرت الوقوف عند خط الوسط، تحاول من خلاله إعادة ترتيب البيت الخليجي لما كان عليه.
وقبل أيام، تحدثت تقارير عن مساعٍ لحل الأزمة قبل القمة الخليجية، إذ قالت مصادر خليجية إنّ الكويت عازمةٌ على إرسال موفدين إلى دول مجلس التعاون خلال أيام في محاولة لتهدئة الأجواء قبل انعقاد القمة.
وصرح السفير الكويتي لدى البحرين الشيخ عزام الصباح بأنّ القمة الخليجية في الكويت ستفتح صفحة مضيئة في مسيرة التعاون الخليجي، وأنّها ستشهد نهاية مفرحة للاختلافات الخليجية.
الصباح شدّد على حكمة قادة مجلس التعاون وحرصهم على تعزيز اللحمة الخليجية لمواجهة التحديات المتصاعدة في المنطقة، مؤكدًا أنّ الأيام المقبلة ستشهد مساعي وتحركات دبلوماسية في هذا الإطار.
هذه التصريحات جاءت بعد أيام على تصريحات لنائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله، الذي أكد استعداد بلاده لاستضافة القمة وتنقية الأجواء من الخلافات المؤسفة.
مصادر خليجية أعربت عن اعتقادها بأنّ قمة الكويت باتت في مهبّ الريح.
المصادر ذكرت أنّ أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي يلعب دور الوسيط في الأزمة بين قطر والدول المقاطعة لها، سيبذل خلال الأيّام القليلة المقبلة جهودًا شخصية تستهدف إقناع المملكة السعودية بحضور القمّة.
وأوضحت المصادر أنّ الكويت تجد نفسها في موقف الطرف المُحرج نظرًا إلى أنّه ليس في استطاعتها تجاهل موقف ثلاث دول أعضاء في المجلس السداسي من جهة، كما أنّها لا تستطيع عدم توجيه الدعوة إلى القيادة القطرية من جهة أخرى.
واعتبرت أيضًا أنّ التهديدات القطرية بالانسحاب من مجلس التعاون لم تعد ذات قيمة تذكر في ضوء الإصرار السعودي على مقاطعة القمّة في حال حضور قطر قبل إعلانها التزام الشروط التي وضعتها الدول المقاطعة لها.
وأشارت إلى أنّ السعودية ترفض الجلوس إلى طاولة واحدة مع القيادة الحالية في قطر وهي تصرّ على تغيير جذري في قطر من دون المسّ بآل ثاني.
في الداخل القطري، قررت السلطات هناك اتخاذ سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى مساعدة شركات القطاع الخاص، بعد الأضرار الاقتصادية التي لحقت بها أخيرًا.
رئيس الوزراء القطري الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني أصدر قرارًا بخفض قيمة الإيجار الذي تدفعه الشركات في المناطق اللوجستية القطرية إلى النصف خلال عامي 2018 و2019، كما سيتم إعفاء المستثمرين الجدد في تلك المناطق بالكامل من دفع قيمة الإيجار لمدة سنة، إذا حصلوا على تصاريح بناء بمواعيد نهائية محددة.
كما يؤجل بنك قطر للتنمية تلقي أقساط القروض لمدة تصل إلى ستة أشهر لتسهيل مشروعات القطاع الصناعي، وبنك قطر للتنمية هيئة ممولة من الحكومة لتقديم قروض للشركات.
وأكد الشيخ عبد الله آل ثاني دعم كل الوزارات والإدارات الحكومية، بزيادة مشترياتها من المنتجات المحلية إلى 100 في المئة من 30 في المئة إذا كانت المنتجات المحلية تفي بالمواصفات اللازمة والتزمت عمليات الشراء بقواعد العطاءات.
وحسب "رويترز"، فإن الاقتصاد القطري نما بنسبة 0.6% فقط عن العام السابق خلال الفترة من أبريل إلى يونيو الماضيين، فيما يعد أبطأ نمو منذ الأزمة المالية العالمية التي حدثت في 2009- 2010.
لعل هذه الإجراءات تعزّز من موقف الدوحة أمام دول المقاطعة التي تراها "إرهابية"، بينما تنفي الدوحة التهمة عن نفسها، وتقول إنّها لا تقبل بتدخل في شؤونها الداخلية.
الدكتور سعيد اللاوندي الخبير في الشؤون الدولية رأى أنّ القمة الخليجية المقبلة لن تُعقد.
وقال لـ"مصر العربية": "هناك تصعيد من قِبل قطر في الأزمة حتى الآن، ولم تستجب لأي مطلب من المطالب التي تقدمت بها دول المقاطعة".
وأضاف: "قطر تفكر بعقل تركيا وإيران بسبب القاعدتين العسكريتين الموجودتين هناك، ومرّ على الأزمة أكثر من ثلاثة أشهر ولم تحدث بادرة أمل من أجل حلحلة الأزمة".
دور الكويت في الوساطة لحل الأزمة - يراه اللاوندي - مشكوكًا فيه، ويوضح: "الكويت لا تريد أن تدخل في الأزمة وأن تضع نفسها إما مع قطر أو في مسعكر الرباعي العربي".
وتابع: "الكويت مشكوك فيها أيضًا لأنها لم تقدم شيئًا حتى الآن".
اللاوندي عاد يؤكد أن "قمة الكويت" لن تعقد، موضحًا أنّ "الأخيرة" لم تخاطب أي دولة من أجل انعقاد القمة، ولم تجر الترتيبات اللازمة في هذا الشأن.
المستفيد من عدم انعقاد القمة رأى أنّها قطر، سواء في الكويت أو في أي مكان آخر لأن الأمر سيكون بمثابة نوع من أنواع التصعيد لصالحها.